الثلاثاء 25 كانون الثاني 2022 08:50 ص

أشعب، والثأر من السمك!


* جنوبيات

يُروى في الحكايا الطريفة والخفيفة أنّ قومًا كانوا يأكلون السمك عند رجل ثريّ معروف لدى قومه في إعداد الولائم بصورة متتابعة. فإذ "بأشعب" يستأذن للدخول عليهم، فقال أحدهم: "إنّ من عادة أشعب الجلوس إلى أعظم الطعام وأفضله، فخذوا كبار السمك واجعلوها في قصعة في ناحيتكم، لئلّا يأكلها أشعب". ففعلوا ذلك، ثمّ أُذِنَ له بالدخول. فقالوا له: "كيف حالك وما رأيك في السمك"؟ فقال: "والله إنّي لأبغضه بغضًا شديدًا لأنّ أبي مات في البحر وأكله السمك".
فقالوا: "إذًا هيّا للأخذ بثأر أبيك"!

فجلس إلى المائدة ومدّ يده إلى سمكة صغيرة من التي أبقوها (بعد إبعاد الأسماك الكبيرة عن متناول يده) ثمّ وضعها عند أذنه، وراح ينظر إلى حيث القصعة التي فيها السمك الكبير (فلاحظ بذكاء ما دبّر القوم له) ثمّ أردف قائلًا: "أتدرون ما تقول هذه السمكة الصغيرة"؟ أجابوا: "لا ندري".

فردّ أشعب: "تقول: "إنّي صغيرة ولم أشهد موت أبيك، ولم أشارك في التهامه، وإنّه عليك بتلك الأسماك الكبيرة التي في القصعة، فهي التي أدركت أباك وأكلته، وبالتالي فإنّ ثأرك عندها".

إنّه الذكاء النادر الذي يتميّز به أهل البصيرة الذين يتنبّهون لما يدور حولهم. فالفطنة بوصلة الحكمة، وقنّاصة الفرص. 
وقد صدق ربّ العزّة حين قال: "ولا يحيق المكر السيّئ إلّا بأهله".
صدق الله العظيم. 

المصدر :جنوبيات