الأربعاء 16 شباط 2022 10:53 ص

الصندوق في يد قطر... إليكم تفاصيل اتفاق الترسيم


* جنوبيات

 

في زيارته الاخيرة الى لبنان كان المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين الذي يتولى ملف مفاوضات ترسيم الحدود، صريحاً مع الطبقة السياسية والرأي العام. جرد الرجل لبنان من أي ورقة قوة قد يضعها على الطاولة، وخاطب اللبنانيين بشكل مباشر وقال لهم ما مضمونه "إنكم لا تملكون شيئاً وأنتم خاسرون، وأي مكسب في هذه المفاوضات هو ربح لكم ولبلدكم، وبالتالي عليكم الاختيار بين لبنان الاستثمار والازدهار عام 2025 أو لبنان المزيد من الانهيار والفقر".

في كلام آموس شيء من البراغماتية الاميركية التي يرفضها اللبناني المُصر على إيهام نفسه بأنه يملك دور البطولة في الحرب والسلم، وهو في الواقع يعيش الانهيار والفوضى ويبحث بشكل دائم عن سند يُخرجه من المستنقع.

وبعيداً عن كل ما يُحكى في الاعلام، يبدو أن اتفاق الترسيم وصل الى نهاياته والوقت الفاصل للإعلان عن هذا الاتفاق لن يكون بعيداً، اما التفاصيل فهي انطلقت من سلسلة اجتماعات تولاها المبعوث الاميركي هوكشتاين مع أطراف لبنانية ودول تملك نفوذاً في لبنان، ولعل الاجتماعات المهمة التي حصلت هي في فيينا لوكسمبورغ والكويت، ولكل اجتماع ظرفه ومضمونه ونتائجه.

في فيينا، وعلى هامش مفاوضات النووي الإيراني، كان الاميركيون والاوروبيون يعقدون اجتماعات على الهامش مع إيران للبحث في ملف ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، وتم التوافق على ضرورة تسهيل مهمة هوكشتاين، ولم تبدِ إيران معارضتها، لا سيما وأن الـ deal الكبير قد يعطي حزب الله هامشاً واسعاً للاستفادة من النفط البحري، كما أن الجانب الإيراني

ربط تسهيل التنقيب ببعض الشروط المرتبطة بملفه النووي، وأبرزها رفع العقوبات بشكل كامل واعادة وصل إيران اقتصادياً مع العالم الخارجي وتحديداً الأوروبي.

في لوكسمبورغ حصل التوافق الاولي على نقطة الترسيم، حيث تم إسقاط الـ 29 واعتماد النقطة 23، وجرى الحديث أيضاً عن تبادل الآبار النفطية بين لبنان وإسرائيل، وتحديداً قانا وكاريش، وأُعطيت ضمانات من قبل المجتمعين وتم التوافق للمرة الاولى على تولي الدولة القطرية ملف التنقيب عن النفط على أن تُعطي التزام التنقيب لشركة أميركية، ويكون "الصندوق النفطي" بيد الدوحة، على أن يتم توزيع الحصص المالية من خلال هذه الآلية.

إعطاء قطر هذا الدور يأتي نتيجة توافق دولي عليها، فهي بعكس السعودية قادرة على محاكاة الاسرائيليين والاميركيين ولديها تواصل دائم مع تركيا وإيران ومرحب بها في لبنان، وتعتبر أيضاً المصدر الاساس للغاز، وبالتالي يمكن توظيف خبرتها في هذا المجال، لا سيما وأنها تتعاون مع كبرى الشركات الغربية.

أما اجتماع الكويت فجاء لتثبيت ما جرى التوافق عليه وكرسالة طمأنة لدول مجلس التعاون الخليجي، وتحديداً السعودية. وشدد الجانب اللبناني في هذه الاجتماعات على ضرورة تحديد الحصص والارقام التي سيجنيها، إضافة الى امور تقنية تتعلق باليد العاملة اللبنانية التي يجب أن تشارك في هذه العملية عبر سلة توظيفات بالقطاعات العاملة في البحر. وعلى ما يبدو فإن ما جرى الاتفاق عليه قبل سنوات في الإطار التوظيفي سيظل سارياً اليوم.

يبقى على الدولة اللبنانية إيجاد المخرج المناسب لإبلاغ الرأي العام بهذا الاتفاق وامتصاص أي معارضة لاحقة، وإطلاق حملة إعلامية واسعة يتم التركيز من خلالها على الارباح التي سيجنيها لبنان من هذا الاتفاق، والتحذير من أن أي اعتراض على العرض الذي قدمه الوسيط الاميركي لن يجدي

نفعاً، فالمهم "العصفور يلّي بالإيد"، كما ان حزب الله لن يُسجل إعتراضه، بل سيكون وراء الدولة اللبنانية ويسعى الى تحييد نفسه قدر المستطاع خوفاً من انتقاد بيئته بعد أن رضخ لشروط "الشيطان الأكبر".

ولهذا الاتفاق الكثير من التداعيات المرتبطة بشكل مباشر بقوى السلطة، حيث يسعى كل طرف الى تسويق نفسه على أنه المُسَهِّل لجني ثمار الاتفاق من الحقل السياسي اللبناني، وهنا ثمة مخاوف من تطيير الانتخابات النيابية بمباركة غربية، ربطاً بتوقيع مجلس النواب الحالي اتفاقية التنقيب وفق ما تم التوصل إليه.

المصدر :جنوبيات