الخميس 12 أيار 2022 23:20 م

زهرة الإعلام وزهرة المدائن


* جنوبيات

شيرين أبو عاقلة حاصرت إسرائيل على مدى سنوات . حاصرتها بالصورة والصوت والحقيقة. فضحتها . كشفتها على حقيقتها دولة احتلال واغتصاب وإرهاب . قاومتها باسم الحق والحرية والعدالة والقانون . باسم الصحافة والإعلام . كان صوتها أقوى من أصوات هدير الطائرات والدبابات وأزيز الرصاص . وكانت صورتها أنقى وأصدق وأكثر تعبيراً عن الحقيقة والواقع في وجه أكاذيب إسرائيل . وكانت حجتها وقوتها المستندة الى الوقائع والمنطق أقوى وأفعل من منطق القوة الذي يحكم سياسة دولة الاحتلال والإرهاب إسرائيل. " القوة التي لا تقهر " " الدولة الديموقراطية الوحيدة " في الشرق الأوسط حسب مزاعم قادتها وتأييد الأميركيين لهم . خافت شيرين ومسيرتها وشجاعتها وإقدامها وتأثيرها ودورها مع غيرها من الزميلات والزملاء . خافت من الصورة على صورتها !! خافت من الصوت على أصوات إرهابييها . خافت من الإعلام الفاضح ل " كذبة " الديموقراطية التي تدّعيها . إسرائيل دولة الإرهاب قتلت أطفالاً ونساءً وشيوخاً وأبرياء ومارست وتمارس أبشع أنواع الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني . قتلت إعلاميين فلسطينيين وغير فلسطينيين . استهدفت المصورين والمراسلين والمعلّقين والكتّاب والمتابعين ولم تتمكن من الانتصار على حريتهم ، وإرادتهم ، ومهنيتهم ، وتعلّقهم بقضيتهم وإنسانيتهم وأخلاقياتهم . ولذلك لم يكن مستغرباً أبداً أن تلجأ الى اغتيال شيرين . شيرين العاقلة القوية الشجاعة ، المقدامة المميّزة بأخلاقها وصدقها وإيمانها وحبّها لوطنها وأرضها وشعبها ووفائها لقضيتها . شيرين كانت مميزة بأدائها في مواجهة أداء جيش الإرهاب . حضرت في كل الساحات . على كل الجبهات . دخلت الى كل بيت وتركت صورة وصوتاً وحضوراً لا ينسى. رغم عنجهية وغطرسة الإرهابيين لم يتوقع أحد منهم أن تحاصرهم وهي شهيدة . حاصرتهم في كل أنحاء العالم . الصادقون الأحرار في العالم كانوا موقفاً واحداً وكلمة واحدة في إدانة إسرائيل وإرهابها . الآخرون الداعمون لدولة الإرهاب حاصرتهم شيرين الشهيدة . اضطروا الى رفع الصوت والإدانة والاستنكار والمطالبة بالتحقيق الشفاف والعادل !! إجماع معنوي سياسي شعبي إعلامي على إدانة إسرائيل التي أربكت دون أن تتخلى عن التزامها الإرهابي !! نعم . جريمة اغتيال شيرين جرائم متعددة في جريمة . جريمة ضد الحقيقة وحرية الصحافة والاعلام . جريمة ضد الإنسانية . ضد الأخلاق . وجريمة عهر وفجور وكذب وادعاء لها دلالات بالغة التعبير عن إسرائيل وقادتها الإرهابيين الذين اعتبروا ان شيرين قتلت " برصاص فلسطيني " ثم انكفأوا عن ذلك مطالبين بتحقيق مشترك مع السلطة الفلسطينية عندما لمسوا رد فعل العالم كله وإدانتها . لكنهم استمروا في ارتكاب جرائم أخرى . منعوا المعزين من الوصول الى منزل شيرين . وحاولوا منع رفع الأعلام الفلسطينية وبث الأناشيد . لكن عائلة الشهيدة رفضت كل ذلك . هذه هي دولة الإجرام والإرهاب المنظم !! وهذا هو الشعب الفلسطيني البطل الذي خرج في كل الساحات يهلّل ويبارك ويوّدع ويزغرد ويحمل الزهور ويذرف دموع الحب والوفاء ويكبّر شهادة شيرين من جنين الى رام الله ، الى الرئاسة ، ثم من هناك الى القدس في موكب مهيب ومسيرة تشييع هو الأكبر في تاريخ فلسطين . هكذا بدت شيرين الإعلامية المراسلة الشهيدة . بطلة تحاصر العدو وهي محمولة على الأكتاف بين الزميلات والزملاء وفي أوساط تلاميذ المدارس الصغار والكبار وأبناء شعبها . شيرين انتصرت . وحاصرت إسرائيل مرة جديدة. شهيدة مباركة من ربها وشعبها من زميلاتها وزملائها من حريتها وقضيتها وكنيستها وجامعها . العالم كله يتابع جلال وهيبة الموقف الفلسطيني وجمال الوفاء والعهد والإباء والهبّة الفلسطينية في وجه الاحتلال الذي حاول منع الجثمان من الوصول الى القدس ثم حاول اقتحام المستشفى الذي يحتضنها فكان الصد والرّد له . جثمان شيرين له هيبته وأمانته وكرامته وعزّته ، والكوفية التي لفت رأسها لها رمزيتها . حاول الإسرائيلي الإرهابي نزعها فانتفض في وجهه الفلسطينيون الأبطال . فوجه شيرين كريم . والكوفية الفلسطينية ثقيلة بمعانيها وعروبتها وإنسانيتها وعالميتها . والدم الفلسطيني ثقيل . دم الحقيقة ثقيل . دم الصورة وصورة الدم الفلسطيني ثقيلة على الإرهابيين الإسرائيليين الذين قدّم في مواجهتهم اليوم أبناء فلسطين صورة مشرّفة مشرقة وهم يودّعون رمز حريتهم وصورتهم النقية وصوتهم القوي وأكرموه . فإسرائيل التي لا تحترم الحقيقة والحرية والقانون والعدالة والأخلاق والقيم الإنسانية وتكرم الحقد والعنصرية والجريمة والإرهاب المنظّم قال الفلسطينيون كلمتهم مجدداً في وجهها . لا لتحقيق مشترك مع القاتل !! لن نسلمكم الرصاصة التي اخترقت رأس شيرين . هذه أمانة إدانتكم ولن نتخلى عن حقنا في المقاومة . جريمة اليوم حرّكت مرة جديدة كل أبناء شعبنا . وسيبقى صراعنا مفتوحاً في وجه الاحتلال . هذا شعب لا تكسر إرادته ولا تهتز عزيمته . ومهما طال الزمن وغلت التضحيات سينال حقه . لكن ، لمن يدّعون أنهم يمثلون " العالم الحر " ومع كل الإدانات التي حصلت اليوم ، ماذا بعد ؟؟ هل ستتابع هذه الجريمة ؟؟ أم أننا كالعادة أمام " نوبة ضمير " آنية سبّبها إحراج كبير بالعمل الإرهابي الجديد ؟؟ هل سيقتنع الزاحفون الى إسرائيل أنها بكل ممارساتها لا تحترم " اتفاقات ابراهيمية " وغير " ابراهيمية " ولا تفهم ولا تمارس إلا لغة الإرهاب والقتل والاستيطان ولا تقيم اعتباراً لأحد بل تريد استخدامهم لتنفيذ مشاريعها وتحقيق أهدافها ؟؟ زهرة الإعلام شيرين أبو عاقلة مسيرة شهادة واستشهاد وعلى مدى سنوات طويلة ، توّجت بمسيرة حملها شهيدة الى زهرة المدائن ، الى القدس المباركة . إليك يا شيرين يا صوت الحقيقة ، وزهرة الحرية ، يا نور الوعد الذي واجه نيران الوعيد ، من بيروت المقاومة من جبل كمال جنبلاط شهيد فلسطين ، من لبنان المقاوم الذي هزم إسرائيل ، أبلغ التحيات وأسمى آيات الوفاء والتقدير لمسيرتك وأصدق التعازي الى عائلتك وشعبك وقيادته وزميلاتك وزملائك على طريق الحرية والعدالة . #غازي_العريضي

المصدر :جنوبيات