الأحد 3 تموز 2022 17:49 م

الطاقة الشمسية في لبنان "طوق نجاة" أم "قنابل موقوتة"؟


* جنوبيات

ينمو اقتصاد "الطاقة الشمسية" بسرعة كبيرة في لبنان، وسواء أكان ذلك نتيجة "الاضطرار" لتأمين بديل عن انقطاع الكهرباء العمومية، أو للقناعة بفعل الاتجاه العالمي نحو الطاقة البديلة النظيفة، فإن هذا القطاع أصبح "ظاهرة" في البلاد.

أخيراً، بدأ عدد كبير من الأفراد يمتهنون مجال الطاقة الشمسية، وأحياناً غير المتخصصين، ما يفسر على الأرجح الحوادث المتكررة بأكثر من منطقة، وآخرها في "بشامون" جبل لبنان، حيث اندلع حريق كبير في مبنى بسبب انفجار نظام الطاقة الشمسية، لذلك بدأت التساؤلات حول المخاطر الناجمة عن هذا النظام وضرورة أخذ الاحتياطات في عين الاعتبار.

في المقابل، بدأت بعض المصارف بتقديم قروض للمواطنين من أجل تركيب نظام بديل للطاقة يكون أكثر توفيراً مستداماً وصديقاً للبيئة.

الطاقة النظيفة آمنة

في شأن الحوادث، التي تجري عند تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، قال المهندس وائل زمرلي لـ"اندبندنت عربية"، إن "معظم ألواح الطاقة الشمسية التي تدخل لبنان من النوعية الجيدة"، لكن ذلك لا ينفي وجود أخطار ممكنة "في حال كانت الألواح مستعملة، أو مُعاداً تركيبها، حيث من الممكن أن تسبب بعض الحرائق".

وأضاف المتخصص في الطاقة المتجددة، أن "سبب المشكلات والحوادث هو كيفية التوصيل، التي يمكن أن تكون خاطئة، واستخدام كوابل صغيرة أو غير مخصصة للطاقة الشمسية"، أو "عدم استخدام وصلة MC4 ما يسبب اشتعال الألواح"، إضافة إلى وضع الألواح بطريقة هندسية خاطئة، مما يسبب خللاً في إنتاج وتوزيع الطاقة.

وأشار زمرلي إلى دور المركز اللبناني لحفظ الطاقة، الذي ينظم دورات تدريبية وتأهيلية للعاملين في هذا المجال، وهو معبر إلزامي لمن يطلب قروض من أجل الموافقة على المواصفات، لأن "الشراء من الدكاكين يرفع احتمالية تعرض المشتري للخسارة، بسبب عدم ضمان الجودة".

وأوضح أن العمر التقديري للألواح الشمسية الجيدة والجديدة هو 25 عاماً، وتستمر كفاءة الجهاز بدرجة عالية، ومن ثم تبدأ بالتراجع. أما فيما يتعلق بالبطاريات يختلف الأمر، لأنها "مكمن المشكلة"، ففي لبنان هناك كثير من "البطاريات الخفيفة متدنية الجودة"، وهذا سيؤدي إلى أزمة، لأنه "بعد سنتين سنكون أمام كمية كبيرة من البطاريات التالفة، التي لا نعرف كيفية التخلص منها، وهذا يتطلب إيجاد حلول جذرية لها من الآن".

وعن المخاطر الناتجة عن "الرصاص الطائش، الذي يشكل ثقافة اجتماعية في لبنان"، يجزم زمرلي، بأن له تأثيراً وقد تكون هذه الرصاصة سبباً في احتراق الألواح، وتضرر الألواح المحاذية لها، لذلك لا بد من التنبه لذلك

بيئة حاضنة للطاقة الشمسية

أسهم انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات في دفع اللبنانيين إلى تركيب أنظمة الطاقة الشمسية. ولفت زمرلي إلى أن "لبنان بيئة حاضنة لمشاريع الطاقة الشمسية، وبشكل عام تهدف الأنظمة إلى التوفير، فهي توفر كثيراً على المستهلك. أما في لبنان، فهي أيضاً بديل عن غياب الطاقة الكهربائية"، مضيفاً "حتى في حال تأمين الكهرباء في لبنان، ستكون عالية التكلفة، وستستمر الطاقة الشمسية بلعب دور مناسب لخدمة المواطنين".

أما بالنسبة للمشاريع الكبيرة للطاقة الشمسية أو Solar Farm، فيرى زمرلي أنها ممكنة في لبنان، وهناك اتجاه لإطلاق 12 مشروعاً على مستوى البلاد، بالتعاون مع وزارة الطاقة، وقد تم تجهيز الشبكة، وتم وضع البنية القانونية، أما المشكلة الوحيدة فهي "الحاجة إلى تنظيم عملية التشبيك لإفادة المواطنين من إنتاج هذه المشاريع عند انقطاع الكهرباء".

شروط تقنية دقيقة

من أجل تجنب الحوادث، لا بد من الالتزام بشروط تقنية دقيقة وبشرية كفؤة، لذلك لا بد من تأمين تجهيزات ذات النوعية الجيدة، وفريق هندسي مؤلف من مهندس مدني لبنية المشروع، ومهندس كهربائي متخصص لتحديد الأحمال وطريقة التركيب، وتوصيل الكابلات بطريقة صحيحة، لذلك يشير زمرلي إلى ضرورة الخبرة والعلم في هذا المجال، لأنها "ليست تركيب جهاز كهربائي عادي كالتلفاز، وإنما نحن أمام نظام متكامل لإنتاج الطاقة، ويجب الالتزام بالشروط العلمية والهندسية للوصول إلى النتيجة الصحيحة من خلال التناسق بين الصحون، الكوابل، المحولات والبطاريات، وأن تتناسب مع قدرة تحمل المنزل هندسياً".

كما ينوه بالشق المتصل بالحماية والأمان، لأن لا بد من حماية النظام من الصواعق، والتيار العالي، والسحب زيادة عن قدرة النظام.

قروض الطاقة الشمسية

في 20 يونيو (حزيران)، بدأ مصرف الإسكان في لبنان بمشروع "قروض الطاقة الشمسية"، ويتطرق أنطوان حبيب رئيس مجلس إدارة المصرف، في حديث مع "اندبندنت عربية"، إلى الأسباب الموجبة لإطلاق هذا المشروع، ففي لبنان ينقطع التيار الكهربائي لأكثر من 22 ساعة خلال اليوم الواحد، وكذلك الأسعار المرتفعة لفواتير اشتراك المولدات الخاصة، وهناك حاجة كبيرة لتأمين بديل.

وقال حبيب إن هذا القرض كان على قائمة القروض المصرفية، لكن توقف العمل به منذ عام 2019، والآن عادت بعض المصارف التجارية لتحريكه، لافتاً إلى أن "مصرف الإسكان تأسس من أجل تحسين نوعية حياة الطبقات محدودة الدخل، لذلك عاد إلى تطبيق هذا النظام".

وعن طبيعة الضمانات لهذه القروض، أوضح حبيب أنه "على غرار جميع القروض المصرفية لا بد من تأمينات عينية، كالرهن على الشقة أو العقار الذي سيستفيد من هذا النظام وفق نظام الأسهم لضمان استرداد القرض".

وتتراوح قيمة القرض بين 75 و200 مليون ليرة، والتقسيط على 5 سنوات، حسب حبيب، الذي ينوه بأن الاستفادة من القروض متاحة لجميع المناطق اللبنانية، كما يأتي قرض الطاقة ضمن سلة من القروض الجديدة التي تضم أيضاً قروض الإسكان، ويتم دراسة احتمالات مستجدة.

وشجع حبيب على تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، لأن "تكلفة مولدات الكهرباء أكبر من طاقة التحمل لدى اللبناني"، و"هدف المشروع تقديم بارقة أمل في ظل الأوقات الصعبة التي يمر بها اللبنانيون"، معبراً عن تفاؤله بعودة علاقة لبنان مع محيطه العربي، ورجوع الصناديق الاستثمارية العربية لتمويل مشاريع في لبنان

المصدر :المدن