الاثنين 8 آب 2022 09:35 ص

"الزوجة الحردانة"


* جنوبيات

سعدون رجل مهذار، عنيد سليط اللسان لا يعرف الا ولا ذمة، "لسانه متل مقص السكافي ما بفتح الاعلى نجاسة" .يتجنب الناس الحديث معه اوالتعرض اليه. وقد وافق شن طبقه" اذ كان صديقه الحميم عامر يحب تلك الكلمات من الهمز واللمز والشتائم كأنها بلسم للجراح و"كأن شخص بحك له على بيت جرب"."طنجرة ولاقت غطاها".

سعدون له بنت مدللة لا يرفض لها طلبا"فطوم. ولا يطيق فراقها. فقد تزوجت برهان الحصيف اللطيف المتعلم ابن احد اثرياء القرية فبارك سعدون ذلك الزواج  لانه لا يريد ازعاجها  والوقوف بطريق سعادتها.

انجبت فطوم ولدين  وبنتا كالاقمار بين الكواكب وقد كان جدهم سعدون يغدق عليهم ويزورهم من حين لآخر لانهم ملاوا حياته بالفرح والسرور. الى ان كان ذات يوم  وقد جلس برهان وزوجته بسهرة عائلية  للمسامرة والفرح.

فقال لها:"جاي عابالي اكلة كرش شيا بالفرنية" تكدرت فطوم ورفضت رفضا باتا  فكانت ساعة شيطانية اشتد فيها  النقاش فضرب برهان زوجته فاطاح بقرطها  وسال الدم من اذنها فذهبت الى ابيها حردانة مع اولادها  مستنكرة ذلك التصرف الارعن.
غيث سقط على ارض  عطشى فتلقفها والدها  بالترحاب حالفا الايمان المغلظة انه  لن يردها الى ذلك الوغد حتى يلقنه درسا لن ينساه ابد الدهر.
مضى اسبوع على تلك الحادثة فارسل برهان والده وخاله  وجاره لارجاع زوجته  الحردانة فرفض سعدون تلك الوساطة  رفضا باتا وبلسان حاد متوعدا ذلك الصهر الجحود الذي يفتقر  للتربية واللياقة والادب بلي ذراعه وربما الطلاق والفراق.
مضى اسبوع آخر فضج برهان لفراق الحبيبة واشبالها لانه  شعر بوحدة خانقة  فاضطر لارسال شيخ  الضيعة وعميه وفدا  للتوسط وارجاع الزوجة ولكن دون جدوي.  طال الوقت فاتى عامر صديق سعدون الودود من سفره فتلقاه برهان وقص عليه قصته مع عمه
راجيا اياه ارجاع الزوجة وهذا معروف لن ينساه ابد الدهر.
ذهب عامر وحيدا الى صديقه سعدون قارعا  الباب. ولما تلكأ سعدون بالفتح لامر ما قال عامر: افتح ايها الكلب العقور الم تشم رائحة صديقك الذي  تعود ان يمعط شنبك الطويل مثل ذنب الكلب ايها الحيوان  اللعين والبغل الشموص!!
قهقه سعدون حتى  فحص برجله واسرع  فاتحا الباب وذراعيه  ليضم صديقه صاحب  اللسان الذي ينقط عسلا فيبلسم الجراح  المتقرحة فقد مضى  وقت طويل على سماع تلك الالحان المحببة.
استقبل سعدون صديقه عامر بالترحاب وبدأت الكلمات الجارحة من الصديقين تنهال على  بعضهما البعض فكانت  جلسة ممتعة بث
الصديقان لواعج حبهما ومرارة فراقهما  فقاتل الله الظروف  الصعبة التي حالت بين تلك اللقاءات  الحميمة.
واخيرا وعندما اترعت  الكؤوس بالمرح والضحك قال عامر:
ايها الوغد الحبيب  الخسيس الرعديد  الكذاب العنيد صاحب  القلب الواسع الذي  لا يحترم كبيرا ولا يحنو على صغير دع  فطوم تجمع متاعها  لاني اريد ان ارجعها لزوجها.
استلقى سعدون على  الارض من كثرة الضحك والسعادة  والانشراح وصاح على  ابنته ان تعود وبسرعة  مع صديقه الذي لا يرفض له امر.
جمعت البنية متاعها واولادها كأن شيئا لم  يكن فقد جاءك يا  بلوط من يعرفك"  وبالكلام المعسول الذي يستمريئه الطرفان عادت المياه
الى مجاريها فقد زاح  الكابوس عن البنية  والاولاد ليرتعوا باحضان السعادة العائلية وبالتفاهم  والتسامح ترفرف المحبة بين الاحبة.

المصدر :جنوبيات