الخميس 2 شباط 2023 20:42 م

غازي العريضي: زيارة بلينكن


* جنوبيات

زارنا وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن وحطّ في دولة الاغتصاب والإرهاب اسرائيل والتقى رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو بعد أيام على مجزرة جنين وردّ الشهيد خيري علقم عليها، وفي ظل إجراءات عصابات الحكومة برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وقرارات حكومته وتشريعات في الكنيست ترمي الى هدم منازل المقاومين وطرد أهلهم  وسحب الجنسية منهم وتقييد حرية حركة الفلسطينيين ، وتشديد الإجراءات ضد الأسرى والمعتقلين وتهديدهم بالإعدام على كراسي الكهرباء!! قال بلينكن: "نحضّ جميع الأطراف على اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الهدوء ونزع فتيل التصعيد". "سنواصل دعم الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة بالقدس وأي شيئ يبعدنا عن حل الدولتين يضرّ بأمن اسرائيل على المدى الطويل"!!
كلام لا يمتّ الى الحقيقة والوقائع بصلة. لماذا؟؟ لأنه يساوي بين الجلاّد والضحية. ألا يعرف بلينكن أن اسرائيل هي التي تعتدي وتحتل وتتوسّع وتطرد الناس وتمارس الإرهاب وتمنع الوصول الى حل عادل والى حل الدولتين بالذات؟؟ أليس الحل مطلب الفلسطينيين؟؟ أليست الدولة الفلسطينية هدفاً لهم وحقاً لهم، وهم تنازلوا كثيراً وقبلوا قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن وتجاوبوا مع كل المبادرات لكن اسرائيل نسفت كل المحاولات؟؟ ولو لم يكن الأمر كذلك، لماذا يحذر من قتل حلّ الدولتين؟؟ ومن يحاول تغيير الواقع القائم في القدس؟؟ أليس نتانياهو وبن غفير ورموز العصابة الحاكمة وقد سبقهم الى ذلك جنرالات وإرهابيون آخرون دنّسوا المسجد الأقصى واعتدوا على الكنائس، وبعد زيارة بلينكن وكلامه بساعات تمّ اقتحام إحدى الكنائس فاعتبر الإرهابيون المعتدي مختلاً عقلياً؟؟ ألم يصل الى مسامع بلينكن وإدارته، ولم يقرأ مسؤولوها ما ينشر ويكتب عن الإعدامات بحق الفلسطينيين؟؟ ماذا عن قضية الشهيدة شيرين ابو عاقلة الأميركية الجنسية؟؟ ألم توقف اسرائيل التحقيق ؟؟ ماذا عن التسريبات الصادرة عن الكنيست والتي تحمي الفاسدين في الحكومة؟؟ ماذا عن المظاهرات داخل اسرائيل نفسها والتي ضمت عشرات الآلاف من الرافضين سياسة حكومة نتانياهو وعصابته  ويعرف بلينكن وغيره كل هذه الأمور؟؟ لكن الأولوية بالنسبة اليهم اسرائيل. اسرائيل. اسرائيل. وحمايتها مهما فعلت تحت شعار حق الدفاع عن النفس . وكل المعلومات الواردة عن زيارته ولقائه نتانياهو تؤكد أنه أراد تثبيت ضوابط الحركة. إيران هي الخطر المشترك. وهدف اسرائيل هو التطبيع مع ما تبقّى من دول عربية. وهذا لا يتم إلا بالاتفاق مع الإدارة الأميركية الداعمة بقوة لهذا التوجّه. كذلك لضرب ايران بشكل مدروس لا يؤدي الى انفلات كبير وحرب مفتوحة. ولا لاستباحة مفتوحة أيضاً ضد الفلسطينيين ليتمكن الشريكان من تسويق ضرب ايران وتشويق العرب المطلوب التطبيع معهم. وتحت هذا العنوان كان تركيز نتانياهو على "وضع خريطة طريق مشتركة بين البلدين في مواجهة المشروع الإيراني مشروع الهيمنة الإيرانية" لـ"عزل ايران وطردها أو تجميد عضويتها في المؤسسات الدولية والقيام بخطوات عملية وعمليات فاعلة على الأرض لعرقلة التقدم في المشروع النووي والدفع بقوة لطرح خيار عسكري جدي وموجع ". وذلك بعد عملية أصفهان في الداخل الإيراني، والتي أكدت أميركا ان اسرائيل نفذتها . نتانياهو لم ينطق بكلمة واحدة عن الموضوع الفلسطيني كأنه لم يسمع ما قاله بلينكن. كان في واد آخر. أشار الى "اتفاقيات ابراهيم" لأن أكبر عدو لها هو ايران وقد سعت وستسعى في المستقبل لمحاربتها. جواب بلينكن: تجاهل اجتياح جنين والمجزرة المرتكبة فيه وإدانة الاحتفالات التي قام بها الفلسطينيون فرحاً وابتهاجاً بعملية الشهيد خيري علقم!!
هل ثمة وضوح أكثر من ذلك في اللعبة الجهنمية المشتركة بين الطرفين؟؟ تنسيق. تكامل. تهدئة هشّة مؤقتة مع الفلسطينيين لتمرير الضربات الإيرانية واتفاقات ابراهيمية جديدة والثمن الطبيعي لهذه الاتفاقات هو محاصرة كاملة للفلسطينيين وعزلهم وإجبارهم على القبول بالشروط الاسرائيلية . وبالتأكيد لن يقبلوا بذلك لكن الصراع طويل والمواجهة ستكون أقسى في المرحلة المقبلة . صحيح إن المسؤولية تقع على المطبّعين العرب الذين انقلبوا على مبادرتهم العربية وقدّموا كل شيئ لاسرائيل ، لكن هذا لا يضع أميركا في موقع الشريك النزيه والوسيط العادل الباحث عن حل دائم ومستقر . في مثل هذه الحالة كل التركيز هو على تكريس دولة الاغتصاب والإرهاب والإمساك بمفاصل القرار في دول التطبيع وتوريطها .
مرة جديدة : لا أمن ولا سلام ولا استقرار دون الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه . والفصائل الفلسطينية مدعوة دائماً الى تكريس وحدتها والارتقاء الى مستوى المسؤولية في المواجهة ،  والأمل في أبناء هذا الشعب البطل الذين تجاوزوا كل الإنقسامات والخلافات والحسابات وأربكوا ويربكون جيش الإرهاب الاسرائيلي فكيف لو توحّدت قوى المقاومة كلها؟؟

المصدر :جنوبيات