![]() |
الأربعاء 26 نيسان 2023 11:39 ص |
من 89 إلى 23: «الحكيم ينتحر مرّتين»..؟ |
![]() |
* جنوبيات أثارت المقابلة المتلفزة لرئيس حزب القوّات اللّبنانيّة سمير جعجع الكثير من الجدل حول مقاربته للملفّات الحسّاسة المطروحة في لبنان والمنطقة، فقد بدا «الحكيم» مربكاً ومتناقضاً ولم تكن لغته السّياسيّة على قدر المسؤوليّة الوطنيّة، أو على الأقل المسؤوليّة الحزبيّة الّتي يمثّلها. العبارات الّتي استخدمها جعجع لا تليق برئيس حزب يمثّل كتلة نيابيّة وازنة وشريحة شعبيّة عريضة، واستحضاره لواقعة تاريخيّة ذات بعد إنسانيّ في معرض الاستخفاف بسياسات دولة إقليميّة وازنة، يعتبر نفسه حليفًا لها، لا تخدم موقفه، واتّهام دولة أوروبيّة كبرى كانت تسمّى «الأمّ الحنون» بإبرام صفقة اقتصاديّه بسبب تبنّيها خيارًا رئاسيًّا لا يتوافق مع توجّهاته لا يصبّ في صالحه.
والأنكى من كلّ ذلك ظهوره بمظهر «الواشي» عندما استعان بأوراق طبع عليها تغريدات سابقة لزعيم تيّار المردة سليمان فرنجيّة، ليذكّر السّعوديّة بتلك المواقف، علّها تضع «فيتو» على اسمه وتمنعه من الوصول إلى قصر بعبدا.
وفي «زحطة» غير محسوبة تنمّ عن جهل بالتّاريخ الإسلامي ورموزه، وربطًا بمفاعيل التّقارب الإيراني - السعودي قال ساخراً: «كأنّه انحل كل شي، من كربلاء لهلق...».
الأقرب لفهم سلوك جعجع هو مراجعة مواقفه السّابقة ولنا في العام 1989 خير شاهد ودليل، لقد أصبح جعجع 2023 أسير مواقفه الّتي رفعها منذ العام 2005 والّتي قامت على أساس الخصومة وتحدّي «المشروع الفارسي» في لبنان، فقدّم نفسه رأس حربة للمشروع العربي الّذي تمثّله المملكة العربيّة السّعوديّة ليجد نفسه، بين ليلة وضحاها، خارج اتّفاق غير متوقّع بالنّسبة إليه.لم يكن جعجع في أجواء المفاوضات الجاريّة في بكّين، ولم يتوقّع زلزالاً سياسيًّا بهذا الحجم، بل على العكس، كان يراهن هو وغيره على إضعاف إيران من الدّاخل نتيجة الاحتجاجات الّتي انطلقت مع مقتل الشّابة «مهسا أميني» واحتمال تعرّض طهران لضربة إسرائيليّة وربّما غربيّة بعد دخول المسيّرات الإيرانيّة على خطّ الحرب الأوكرانيّة وتأثيرها في مجريات المعركة، لكنّ حسابات بيدر الأحلام لم تأتِ على حسابات حقل الأوهام.. ولم يقف جعجع عند حدود سياسات المملكة العربية السعودية، بل تعدّاها إلى الاستهزاء بدولة كبرى بحجم فرنسا، فاتّهمها بالمقايضة مع حزب الله وإبرام صفقة اقتصاديّة معه، وعلى طريقة النّاشطين على وسائل التّواصل قال بحقّ سليمان فرنجية: «يعملوه رئيس بفرنسا بعد نهاية ولاية ماكرون». في الخلاصة قدّم جعجع خدمة مجّانيّة إلى سليمان فرنجيّة الّذي سيطلّ غداً على القناة نفسها مستفيدًا من هفوات جعجع؛ أوّلاً بسبب الخفّة الّتي أبداها الأخير في قراءة المشهد الدّولي والإقليمي وأصول التّخاطب مع الدّول الصّديقة، وثانيًا بسبب افتقاره إلى روح المبادرة، فليس لديه حلّ آخر ولا بديل محتمل ليواجه فيه المحور الآخر، وهذا بالضّبط ما تواجه به الدبلوماسيّة الفرنسيّة المعترضين على فرنجيّة: «إذا كان لديكم بديل قدّموه لنا لنبحث فيه». قبل أسابيع سُئل مرجع وطنيّ كبير عن تقييمه لأداء الثّنائي الماروني الّذي يقوده جعجع بطريقة أو بأخرى فقال: «أحياناً يذهب المنتحر إلى الموت بكامل وعيه» في إشارة إلى اعتماد «الحكيم» قراءات خاطئة عند الاستحقاقات القاتلة.. المصدر :جنوبيات |