الخميس 22 كانون الأول 2016 09:13 ص

مَنْ يسعى لاستدراج "عصبة الأنصار" لاشتباكات تحرق عين الحلوة؟


* هيثم زعيتر

أصبح من الواضح أنّ هناك مَنْ يسعى إلى توتير الوضع الأمني في مخيّم عين الحلوة، والدفع به نحو الانفجار وإحداث فتنة بين فصائل وقوى رئيسية فيه.
وجاء مسلسل الأحداث الذي عاشته "عاصمة الشتات الفلسطيني" في عين الحلوة، ليؤكد أنّ هناك مَنْ يهدف إلى جعل الهاجس الأمني طاغياً على ما عداه من أولويات الملف الفلسطيني المشتعل بالهموم والمعاناة.
فما أنْ تنجح الفصائل والقوى الفلسطينية في إفشال مخطّط وسحب فتيل تفجير بالتعاون والتنسيق مع القوى اللبنانية الرسمية والسياسية والأمنية والحزبية، حتى تعود أدوات مأجورة لتعكّر ما أُنجِز، مستغلة "التراخي" من قِبل "القيادة السياسية" و"اللجنة الأمنية" في معالجة أحداث سابقة، وعدم إيصال التحقيقات إلى خواتيمها، و"تمييع" إعلان الحقيقة في ملفات ثبتت فيها معطيات المنفّذين ومَنْ يقف خلفهم.
ويبدو الإصرار على توتير العلاقات بين القوى الرئيسية في مخيّمي عين الحلوة والمية ومية، وهي حركة "فتح"، و"عصبة الأنصار الإسلامية" و"أنصار الله"، ببث شائعات في أي مشكل بأنّه بين مناصري بعض هذه القوى، فيما تكون خلفياتهم في الكثير من الأحيان، فردية وعائلية، وهو ما تدركه جيداً القيادات المسؤولة.
أمس (الأربعاء) استفاق مخيّم عين الحلوة على اغتيال سامر حميد المعروف بـ"سامر نجمة"، وهو عنصر في "عصبة الأنصار الاسلامية"، أثناء تواجده في الشارع الفوقاني للجهة الشمالية للمخيّم، ومقتل كل من: محمود عبد الكريم صالح ومحمّد أبو اليمن، وجرح 8 أشخاص عرف منهم: عليا حوراني، محمّد بيضون، خليل الصياح، عمر جمال حميد وعمر جمال شريدي، فضلاً عن تضرّر محال تجارية أقفلت أبوابها، ومنازل وسيارات وخطوط التيار الكهربائي، واضطرار العديد من عائلات المخيّم للنزوح إلى خارجه، ومنهم باتجاه قاعة "مسجد الموصلي" في صيدا، وعودة الطلاب في تجمّع مدارس "الأونروا" إلى منازلهم، مستبقين العطلة الشتوية لمناسبة عيدَيْ الميلاد ورأس السنة، التي كانت مقرّرة بتاريخ 23 من الجاري، جرّاء أيدي الفتنة، الهادفة إلى تجهيل الجيل الفلسطيني الناشىء.
كما أدّى هذا الاغتيال إلى انتشار مسلّح واشتباكات استُخدِمَتْ فيها مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة وقذائف الـ"آر.بي.جي" التي توزّعت بين هدوء حذر ومتوتر مع تسجيل رصاص قنص في الشارع الفوقاني للمخيّم، خاصة في أحياء: الصفصاف، طيطبا وعكبرة، ما أدى إلى شلل كامل في الحركة، حيث استمر الوضع الحذر حتى الليل، إذ سُجّل إلقاء قنابل في الشارع الفوقاني لمخيّم عين الحلوة، ما أسفر عن وقوع عدد من الإصابات.

مَنْ هم القتلة؟

وعلمت "اللـواء" بأنّ شخصين ملثمَين فتحا النار باتجاه سامر نجمة ومحمود صالح الذي كان يقف إلى جانبه في الشارع الفوقاني من المخيّم، ما أدّى إلى مقتل نجمة على الفور، وجرح صالح الذي توفي لاحقاً متأثراً بجراحه.
ووفقاً لشهود عيان أبلغوا "اللـواء" بأنّ "الملثمين نزلا من منطقة طيطبا، حيث نفّذا الجريمة، قبل أنْ يعودوا إلى ذات المنطقة، التي تفتح على تواجد عدد من المسلحين المنتمين إلى أكثر من فريق".
وكان نجمة قد تعرّض لمحاولة اغتيال سابقة منذ أكثر من عام، وتردّد اسمه في أكثر من حادث أمني وقع في المخيّم!
واعتبرت مصادر مطلعة لـ"اللـواء" أنّ "هذا الاغتيال يهدف إلى استدراج "عصبة الأنصار" للقيام برد فعل على هذه الجريمة، خاصة أنّ هناك معطيات تشير إلى المنفّذين، وذلك بعدما فوّتت "عصبة الأنصار" الفرصة على مَنْ يحاول توتير الأوضاع في أكثر من مناسبة".
وجرت اتصالات على عدّة مستويات فلسطينية - فلسطينية ولبنانية - فلسطينية لمنع اتساع رقعة الإشكالات، والتأكيد على ضرورة توقيف مطلقي النار وتسليمهم إلى السلطات الأمنية اللبنانية، وسط تأكيد على ضرورة محاسبتهم.

التشييع اليوم

وسيتم تشييع جثمانَيْ نجمة وصالح بعد صلاة عصر اليوم (الخميس) من مسجد الصفصاف في مخيّم عين الحلوة، إلى مقبرة درب السيم.
وقد جرت اتصالات لضمان سير التشييع دون أي إشكالات قد تحصل

أبو عرب

* ونُقِلَ عن قائد "قوات الأمني الوطني الفلسطيني" في لبنان اللواء صبحي أبو عرب تأكيده أنّه "تم تشكيل لجنة تحقيق من أجل معرفة القتلة، والعمل على تسليمهم، وأن ما جرى لن يمر مرور الكرام"، مشدّداً خلال استقباله وفد "المبادرة الشعبية الفلسطينية" على "أن "قوات الأمن الوطني الفلسطيني" ملتزمة بعدم إطلاق النار والدعوة إلى تثبيت الهدوء".

"عصبة الأنصار"

* من جهته، أكد الناطق الرسمي بإسم عصبة الأنصار الإسلامية الشيخ أبو شريف عقل أن "سامر نجمة ينتمي إلى عصبة الأنصار".
وعن كيفية التعامل مع حادثة الاغتيال، قال عقل: "سنحاول قدر الإمكان ألا نتسبّب بأي أذى لأهلنا في المخيّم، لكن الذي نفّذ العملية لا بد من أنْ ينال عقابه، وهناك لجنة تحقيق ستحقق بالحادثة والفاعل سيعاقب".

"اللجنة الأمنية الفلسطينية"

* وكانت "اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا" قد عقدت اجتماعاً لها، في مقر قيادة الأمن الوطني الفلسطيني في مخيّم عين الحلوة، وصدر عنها البيان التالي:
1- تُدين اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا بأشد العبارات عملية الاغتيال الإجرامية التي أودت بحياة المواطنين (سامر نعيم حميد الملقب بـسامر نجمة ومحمود عبد الكريم صالح الملقب أبو المحروق) وأدت إلى ترويع أبناء المخيّم خاصة الأطفال وطلاب المدارس.
2- تضع اللجنة الأمينة الفلسطينية العليا هذه العملية الجبانة في إطار مشروع الفتنة الذي يستهدف أمن واستقرار المخيّم، وكذلك الوحدة الوطنية والإسلامية التي شكلت وما زالت الضمانة للحفاظ على المخيّم واستقراره وعلى العلاقة الأخوية مع الجوار اللبناني الشقيق.
3- تؤكد اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا حرصها على متابعة هذه القضية بمسؤولية عالية، للكشف عن المجرمين القتلة وتسليمهم للجهات اللبنانية المختصة للقصاص منهم.
4- وفي ما يتعلق بحادثة مخيّم المية ومية التي حصلت قبل أيام، وبناء للتحقيقات التي أجرتها لجنة التحقيق المكلفة من قيادة القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة، ومتابعتها للقضية من بدايتها وإلى نهايتها، فإن اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا تؤكد بأن الإشكالية التي حصلت في مخيّم المية ومية، والتي ذهب ضحيتها الأخوين (معين ونبيل حسني عبد الرحمن)، هي إشكالية فردية استدعى تدخل القوة الأمنية، ما أدّى إلى مقتل الأخوين، وليس للأخوة في أنصار الله علاقة مباشرة بهذه القضية.
5- تدعو اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا كافة القوى الوطنية والإسلامية إلى التنبه واليقظة من مغبّة الوقوع في شرك الفتنة التي تستهدف شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية، خاصة قضية اللاجئين، كما تدعو إلى ضبط النفس والتهدئة في مخيّم عين الحلوة، إفساحاً في المجال أمام الهيئات الأمنية المعنية لمتابعة هذه القضية.
6- تتقدّم اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا بأصدق التعازي والمواساة من الأخوة في عصبة الأنصار الإسلامية ومن ذوي الشهداء أيضاً ومن كافة أبناء شعبنا في مخيّم عين الحلوة.

النائب الحريري

* وفي ردود الفعل، رأت النائب بهية الحريري أنّ "الأحداث المؤسفة التي شهدها مخيّم عين الحلوة، تضع جميع القيادات الفلسطينية في المخيّم وطنية واسلامية من جديد، أمام تحدّي مضاعفة الجهود من أجل ضبط الوضع الأمني في المخيّم، ومنع تكرار ما جرى عبر التواصل الفعال والمنتج بين هذه القوى وتعزيز حضور وعمل اللجان والأطر المشتركة، وتفعيل القوة الأمنية الفلسطينية للتحرك السريع، والمبادرة إلى ملاحقة المخلين بالأمن، وتسليم المرتكبين، وتطويق ومعالجة أي حادث أمني في حينه منعاً لتفاعله بشكل يدفع أهل المخيّم وأبناؤه الثمن من أرواحهم وأمنهم واستقرارهم ومن قضيتهم المحقة".

سعد

* من جهته، اعتبر الأمين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد أنّ "ما جرى يشكل إساءة كبرى للمخيّم وسكانه وسكان منطقة صيدا عموماً"، معبّراً عن "الأسف والحزن لسقوط الضحايا والجرحى، والتعاطف مع السكان الآمنين الذين لحقت بهم الخسائر والأضرار من جراء الاشتباكات، سواء داخل المخيّم، أم في منطقة التعمير، أم في منطقة صيدا عموماً"، ومعرباً عن "قلقه على أوضاع المخيّم، خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تتركز فيها الأنظار عليه"، ومطالباً "الفصائل الفلسطينية بالارتفاع إلى مستوى المسؤولية، وبمنع الاحتكام إلى لغة السلاح، والتصدي لكل من يحاول العبث بأمن المخيّم والإساءة إلى دوره الوطني، فضلاً عن الإساءة إلى أمن صيدا والجنوب والأمن الوطني اللبناني عموماً، والهيئات والمنظمات الشعبية والشبابية في المخيّم بتفعيل حركتها حماية للمخيّم وموقعه وأبنائه".

البزري

* وأسف الدكتور عبد الرحمن البزري لـ"تجدّد الاشتباكات في مخيّم عين الحلوة"، مشيراً إلى "أن ما يحدث يُسيء إلى أهالي المخيّم وقضيتهم، ويُسيء أيضاً إلى صيدا وجوارها، والخاسر الأكبر هو المواطن الفلسطيني الذي يعيش أجواء المعاناة المستمرة نتيجة لتكرار الاشتباكات وللضائقة الاقتصادية التي يرزح تحتها، حاثاً القوى الفلسطينية على تحمّل المسؤولية، ووقف الاقتتال الفوري، وتثبيت آلية تضمن عدم تكرار مثل هذه الاشتباكات".

الجماعة الإسلامية

* من جهته، شجّب نائب رئيس المكتب السياسي لـ"الجماعة الإسلامية" في لبنان الدكتور بسام حمود "عملية الاغتيال التي حدثت، وكانت سبباً لهذه الاشتباكات"، داعياً "القوة الأمنية لأخذ دورها واعتقال الفاعلين وتسليمهم إلى السلطات اللبنانية".
وقال: "يجب أن يدرك الجميع في المخيّم أن كل الأنظار موجهة إليهم، وأن هذه الأحداث تخدم كل المتربصين بالمخيّم وأهله شراً، وتؤثر أيضاً على المساعي التي تبذل من أجل تنظيم العلاقة وتفعيل الحوار بين مرجعيات المخيّم والسلطات الأمنية اللبنانية، ويفتح المجال أمام المصطادين في الماء العكر والعنصريين للتصويب على المخيّم وكل الحلول المطروحة".

تيار الفجر

* واستنكر "تيار الفجر" "تكرار حوادث الاغتيال والإنفلات الأمني في مخيّم عين الحلوة، وتفاقم الحالات الشاذة ما أدى إلى حصول اشتباكات وسقوط ضحايا وجرحى وتدمير للممتلكات وترويع للآمنين".
وشدّد في بيان له على "أن ما جرى يقرع ناقوس الخطر ويستدعي تدخلاً متواصلاً من كافة القوى والفصائل الفلسطينية لتطبيق الاتفاقات السابقة، لجهة لجم وتطويق البؤر الخارجة على القانون، التي تعيث فساداً وتروع الآمنين وتهددهم في أرزاقهم وأرواحهم وممتلكاتهم"، داعياً "إلى ضرورة تعاون كافة القوى مع الدولة وأجهزتها لردع كل الحالات الشاذة التي تعمل على العبث بأمن المخيّم، وتساهم في تقديم صورة نمطية عنه، وكأنه بؤرة تفجير وتوتير خارجة عن القانون، ووقف الاشتباكات، والكشف عن الأفراد والجهات الذين يقفون وراء جرائم القتل والاغتيالات والتوتر الأمني وتسليمهم للعدالة لينالوا جزاءهم".

 

 

 

المصدر :اللواء