الجمعة 23 كانون الأول 2016 10:10 ص

هكذا ألبسوها ثوب الموت قبل ان تفجر نفسها


كعروستان تسابقان العمر، تأنقتا وتحضرتا لمغادرة منزل ذويمها الى عالمهما الجديد.

ما كانتا تتوقعان انهما ستفطمان عن حضن والدتهما قبل ان يتشبع جسدهما اللين بالحنان، دنتا منها بوجل مخضب بالخوف والجذع، لم تكف الثواني التي احتواها الشريط المصور، لتوثيق عملية قطع حبل الصرة الروحي بين الام وابنتيها.

في رأسي يزدحم شريط من الصور مبلل بدموع الآباء والامهات الحارقة لحظة انتقال عروستهما من منزلهما الى المنزل الزوجي الجديد، مع العلم ان في الكثير من الاحيان لا يبعد منزل الابنة العروس دقائق عن منزل ذويها، الا انه لا يمكن للفراق مهما كان شكله واطاره ألا يخلّف بعض الندبات والتشوهات الروحية.

حاولت أن أبحث في المقطع المصوّر الذي انتشر على صفحات التواصل الاجتماعي عن روحية العلاقة الابوية لوالد يشق طريق الموت لطفلتيه بقلب مطمئن، فلطالما كانت صورة الاب المطبوعة في الاذهان ذلك الرجل الذي لا يحاول التستر على فائض مخزونه من العطف والحنان، ويكون مستعداً لمواجهة العالم  دفاعاً عن اطفاله، بينما في الفيديو المصور لم اعثر الا على صورة نمطية لـ (وحش جاهلي) يتحضر لتقديم الاضاحي من الجواري طلباً لود السلطان.

لم يكد العقل يسترسل في رحلة السؤال عن الام الثكلى، محاولاً رسم سيناريوهات حول الوالدة الغائبة عن هذه المشهدية الشيطانية، هي لا بد من ان تكون غير موجودة، حتماً هو الموت من منعها من غرز اضافرها في قلب زوجها الوحش لثنيه عن هذا الطقس الشيطاني الوحشي، واما لا بد وان تكون جاهلة لمصير ابنتيها المخطوفتين.

لم يستغرق الامر وقتاً طويلاً، فها هي الوالدة خرجت لتستكمل حفلة الجنون الدموية، وتبارك خيار الوالد الذي اصدر حكم الاعدام على ابنتيها، لم تفلح اللمسات الاخيرة لابنتها في استنهاض غريزة الامومة لديها.

كم خطر ان يعبث احدهم بقدسية الطفولة، كم خطر أن يصبح الاطفال مصدر قلق وخوف، كم هو قاتل ان تتحول اجساد الاطفال الى قنابل متنقلة، فيما يبكي العالم، يتألم، يستنكر، وتستكمل الحياة وكأن شيئاً لم يكن، خصوصا في ظل تنصل علماء الدين عن الدور التوجيهي الفاعل والجدي في مواجهة موجات التكفير الممنهجة.

المصدر :ليبانون فايلز