الاثنين 16 كانون الثاني 2017 11:18 ص

الرئيس عباس يلتقي البابا فرنسيس ويفتتح سفارة فلسطين في الفاتيكان:


* هيثم زعيتر

يراكم الرئيس الفلسطيني محمود عباس نتائج الحراك الدبلوماسي والسياسي الذي يقوم به على أكثر من صعيد، من أجل إبقاء القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمامات الدولية، خاصة مع الأحاديث عن نيّة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس الشرقية، وهو ما دفع بالرئيس «أبو مازن» إلى إرسال رسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طالباً منه التدخّل لدى الإدارة الأميركية لوقف هذه الخطوة الخطرة، التي تعني إنهاء فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ومخاطر ذلك التي تتعدّى الساحة الفلسطينية.
وحذّر الرئيس الفلسطيني من قيام إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس، معتبراً أنّ «ذلك سيضع القيادة الفلسطينية أمام خيارات عدّة سنبحث بها مع الدول العربية، والتراجع عن اعترافنا بدولة إسرائيل سيكون أحد تلك الخيارات، لكن نأمل ألا نصل إلى ذلك، وأن نستطيع بالمقابل العمل مع الإدارة الأميركية المقبلة».
وتشهد هذه الأيام سلسلة من التحرّكات الداعمة للقضية الفلسطينية، وفي طليعتها:
– افتتاح الرئيس عباس لسفارة دولة فلسطين لدى الفاتيكان، وما يعنيه ذلك من أهمية.
– لقاء الرئيس الفلسطيني بالبابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان.
– انعقاد «مؤتمر باريس للسلام» بمشاركة 70 دولة و5 منظّمات دولية، والذي يأتي في إطار المبادرة الفرنسية التي أُطلِقَتْ قبل عام لاستئناف مفاوضات السلام المتوقفة منذ عامين، حيث يعتبر الرئيس عباس أنّه «ربما يكون الفرصة الأخيرة لتنفيذ حل الدولتين»، فيما تعارض «إسرائيل» بشدّة عقده، داعية إلى إجراء محادثات مباشرة مع الفلسطينيين.
– انطلاق حوار لفصائل وشخصيات فلسطينية، في العاصمة الروسية موسكو، حول المصالحة الفلسطينية، من أجل التوافق على برنامجٍ مشتركٍ لتجاوز الانقسام، وذلك تلبية لدعوة «معهد الدراسات الاستشراقي» التابع للأكاديمية الروسية للعلوم.

الفاتيكان

فقد افتتح الرئيس عباس، أمس الأول (السبت) سفارة دولة فلسطين لدى الفاتيكان.
وقال: «التقينا البابا فرنسيس، وتحدّثنا مطوّلاً حول عملية السلام، وأكدنا أهمية محاربة الإرهاب والتطرّف في كافة أنحاء العالم».
وأضاف: «تطرّقنا إلى المؤتمر الدولي للسلام الذي يُعقد في باريس، وقرار مجلس الأمن الدولي الأخير (2334) بشأن الاستيطان»، ونأمل أنْ يكون موضع تنفيذ في أقرب وقت ممكن».
ودعا دول العالم إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وقال: «اعتراف المزيد من دول العالم بدولة فلسطين يقرّبنا من تحقيق السلام».
وفي ما يتعلّق بما تتناقله وسائل الإعلام حول نيّة الإدارة الأميركية الجديدة نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، قال الرئيس الفلسطيني: «نتمنّى أنْ يكون الأمر غير صحيح، لأنّ ذلك سيعرقل عملية السلام، وندعو الرئيس ترامب إلى فتح حوار بيننا وبين الإسرائيليين من أجل السلام».
وفي نهاية حفل الافتتاح، رفع الرئيس عباس علم دولة فلسطين على مقر السفارة.
حضر حفل الافتتاح: سكرتير دولة الفاتيكان انجلو بيتشو، رئيس دائرة البروتوكول سينيور بيتانموا، وعن الجانب الفلسطيني: أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظّمة التحرير الفلسطينية» صائب عريقات، وزير الخارجية رياض المالكي، الناطق الرسمي بإسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، عضو اللجنة التنفيذية للمنظّمة حنا عميرة، قاضي قضاة فلسطين مستشار الرئيس للشؤون الدينية محمود الهباش، مدير عام «الصندوق القومي الفلسطيني» رمزي خوري، مستشارا الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، وللشؤون المسيحية زياد البندك، وكيل عام حراسة الأراضي المقدّسة الأب إبراهيم فلتس، سفيرة فلسطين لدى إيطاليا مي كيلة، مدير الدائرة السياسية في «منظّمة التحرير» السفير أنور عبد الهادي، سفير فلسطين لدى سويسرا إبراهيم خريشة، سفير فلسطين لدى ساحل العاج عاطف عودة وسفير دولة فلسطين لدى الفاتيكان عيسى قسيسية.
وسبق ذلك لقاء الرئيس عباس، في حاضرة الفاتيكان، بالبابا فرنسيس.
وتناول اللقاء الأوضاع الراهنة في فلسطين والعلاقات الجيدة بين دولة فلسطين والكرسي الرسولي، خاصة بعد اعتراف دولة الفاتيكان بدولة فلسطين.
وتم خلال اللقاء تبادل الهدايا، حيث قدّم الرئيس «أبو مازن» إلى الحبر الأعظم هدايا رمزية تعبّر عن كنيستَيْ القيامة والمهد، وكتاباً عن العلاقات التاريخية بين دولتي فلسطين والفاتيكان، ورسماً فنياً عن وادي كريمزان، والجدار العنصري للفنان بننحي بويداجان (فلسطيني أرمني).
وقدّم البابا كتباً تاريخية عن الكرسي الرسولي وميدالية عنوان الرحمة.

«مؤتمر باريس»

وفي باريس، افتتح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أمس (الأحد) «المؤتمر الدولي للسلام» بمشاركة 70 دولة ومنظّمة دولية، باستثناء طرفَيْ الصراع «فلسطين وإسرائيل».
وقال الوزير الفرنسي في كلمة الافتتاح»: ليس لدينا أي هدف إلا التطلّع إلى السلام، وهو هدف الشعبين والشعوب الأخرى التي تريد وضع حد للقضايا التي طالت كثيراً، وتتمكّن تلك المنطقة من أنْ تعيش بسلام، ولا بد من أنْ نساعد ونوفّر الجو المناسب لذلك، وهذا هو هدف المؤتمر، ونأمل أنْ نمد أيدينا كي يتمكّن الطرفان من التفاوض».
وشدّد على «أهمية الحضور الكبير الذي يعطي المؤتمر زخماً»، مشيراً إلى أنّ «هدف المؤتمر هو خلق بيئة مناسبة للعودة إلى المفاوضات، وأنّه ليس بديلاً عن وجود الطرفين، واليوم من الضروري حل الصراع على أساس حل الدولتين».
وتابع: «إنّنا مستعدون للإسهام في إيجاد شروط التفاوض بين الطرفين من خلال تقديم محفّزات عملية تقترحها الأسرة الدولية، وأنْ نضع خارطة عمل للأسابيع والأشهر المقبلة كي يكون هناك أفق سياسي كي لا يكون هناك احتلال مستمر وعنف مستمر».
في كلمة له في المؤتمر، أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنّ «حل الدولتين هو الحل الوحيد للتوصل للسلام والأمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين».
ورأى أنّ «تواصل بناء المستوطنات، يسهم بشكل كبير في تراجع معدلات فرص السلام في المنطقة».
وأكد البيان الختامي للمؤتمر على «ضرورة إنهاء الاحتلال الاسرائيلي، الذي بدأ عام 1967، وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وتجسيد سيادتها لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل».
كما أجمع المشاركون على «قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بما فيها القرارين 338 و242، ومبادرة السلام العربية»، مرحّبين بقرار «مجلس الأمن الدولي 2334 الذي يدين الاستيطان غير الشرعي، والذي وضع آليات للتنفيذ والمتابعة».
وعلى الأثر، جدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أمس (الأحد)، انتقاده لمؤتمر باريس للسلام، ووصفه بأنّه «عبثي».
وقال نتانياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته في القدس: «المؤتمر الذي يُعقد في باريس، هو مؤتمر عبثي تم تنسيقه بين الفرنسيين والفلسطينيين بهدف فرض شروط على إسرائيل لا تتناسب مع حاجاتنا الوطنية».

حوار موسكو

{ إلى ذلك، انطلق في موسكو، أمس (الأحد) حوار لفصائل وشخصيات فلسطينية، حول المصالحة الفلسطينية، من أجل التوافق على برنامجٍ مشتركٍ لتجاوز الانقسام، وذلك تلبية لدعوة «معهد الدراسات الاستشراقي» التابع للأكاديمية الروسية للعلوم.
وتستمر المباحثات حتى غدٍ (الثلاثاء)، حيث من المقرّر أنْ يلتقي المشاركون اليوم (الإثنين) بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، للتباحث حول عدّة أمور تخص القضية الفلسطينية والمصالحة الوطنية.

المصدر :اللواء