![]() |
الأحد 26 تشرين الثاني 2023 15:21 م |
ما مصير أساتذة الجامعات في لبنان؟ |
* جنوبيات صحيح أن رواتب الموظفين، وتحديداً ضمن الفئات الأكاديمية، شهدت انهياراً غير مسبوق، وتحديداً للفئات الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، إلا ظروف معيشة الأستاذة الجامعيين في ظل الانهيار الحاصل باتت صعبة للغاية. لا تخفي أستاذة مادة القانون مريم د. من أن انهيار الرواتب وتأثيره على حياتها بشكل أساسي، هو ما دفعها للبحث عن فرصة أفضل في إحدى الدول الخليجية. تقول لـ”المدن”: “على الرغم من حصولي على فرصة عمل في إحدى الجامعات في دول الخليج، إلا أن مركزي التعليمي والأكاديمي تأثر بشدة. إذ كنت على وشك الحصول على لقب “الأستذة” بعد أقل من عام، بسبب البحوث المنشورة في المجلات المحكمة، لكن الفرصة تأخرت، بسبب التغيير في مكان العمل، والانشغال في التحضيرات اليومية، واختلاف المناهج بين لبنان والخليج”. تضيف “في لبنان، ومنذ انخفاض قيمة العملة، انهار الراتب، وأضطررت إلى الاستدانة لتأمين المتطلبات اليومية”. حسب تعبيرها، تخلت عن العاملة في المنزل، لأن راتبها بالدولار الأميركي. كما تخلت عن الكثير من العادات الاجتماعية والرياضية، مثل ارتياد النوادي وغيرها. كانت تتقاضى ما يقارب 4 ملايين و500 ألف ليرة، أي ما يقارب 2500 دولار، انهار الراتب لحدود 200 دولار تقريباً، وهو ما لايكفي لتسديد نفقات ابنتها في الحضانة. تقول: “من المؤسف، أن يصبح راتبي يوازي القسط الشهري لحضانة ابنتي البالغ 200 دولار، ما اضطرني إلى طلب المساعدة من شقيقاتي المتواجدات في الخليج، ليرسلن لها القسط الشهري لحضانة ابنتها، بالإضافة إلى إيجار المنزل”.
ظروف صعبة لا يخفي أحد الأستاذة بدرجة بروفسور في مادة القانون (فضل عدم الكشف عن اسمه) أسفة وندمه لما وصل إليه الحال. يعمل منذ أكثر 25 عاماً في الجامعة اللبنانية، ولم يشهد أصعب من هذه المرحلة، رغم الحروب التي مرت على لبنان. يقول: “منذ عامين، تعيش العائلة على راتب زوجتي. إذ أنها تعمل لصالح إحدى الشركات الأجنبية، وتتقاضى راتبها بالدولار، ومن دون راتبها، لم نكن قادرين على تأمين رغيف الخبز”. يضيف: “في وقت قصير، تحول راتبي الذين كان يتخطى 6 ملايين ليرة إلى لاشيء، حرفياً”. ويشير إلى أنه كان يعمل في عدة وطائف، ما بين التفرغ في الجامعة، والتعاقد مع الجامعات الخاصة، مع الإشراف على بعض الرسائل للطلاب، وكان على وشك التقاعد مع راتب مرموق، يوازي سنوات الخدمة، إلا أنه وجد نفسه فاقداً لأدنى مقومات الحياة. فعلى سبيل المثال، كان يعتمد بشكل كبير على التعاقد مع الجامعات الخاصة، ويتقاضى على الحصة الواحدة ما يقارب من 220 دولاراً، أي ما يوازي حينها 330 ألف ليرة. لكن مع بدء الانهيار، انخفضت قيمة الراتب لنحو دولارين، وهو مبلغ لا يكفي حتى لتسديد ثمن الوقود.
عجز غير مسبوق يقول “قبل استقالتي من الجامعة، وتحديداً وسط أزمة الوقود، كنت أضطر في أحيان كثيرة لمقابلة الطلاب في المقاهي القريبة من منزلي، لأنه يتعذر علي الوصول إلى الجامعة”، مضيفاً، كنت أشرف على مشاريع تخرج الطلاب، وكنا نختار مقهى أو حديقة عامة يسهل الوصول إليها سيرا على الأقدام، للاجتماع، وهو ما كان بالنسبة لي أمراً مؤسفاً جداً لما وصلت إليه، ووصل إليه طلاب لبنان.
الضروريات فقط بجميع الأحوال، لم يخسر أساتذة الجامعات فقط مستواهم المادي، بل مكانتهم الاجتماعية وحوافزهم للعمل والعطاء. المصدر :وكالات |