بأقلامهم >بأقلامهم
"تربية الصّقور"!
"تربية الصّقور"! ‎الجمعة 26 01 2024 07:46 القاضي م جمال الحلو
"تربية الصّقور"!

جنوبيات

يُحكى أنّه في إحدى الممالك، وتُدعى "طيرستان"، كان هناك ملك يهوى تربية الصّقور. وذات يوم أهداه أحدُهم صقرَين رائعَين، فأعطاهما إلى كبير مدرّبي الصّقور ليدرّبهما على الطّيران بهدف الصّيد. وبعد أشهر جاءه المدرّب ليخبره أنّ أحد الصّقرين يحلّق بشكل رائع ومهيب في عنان السّماء، بينما الصّقر الآخر ظلّ واقفًا على فرع الشّجرة ولم يغادرها مطلقًا. فما كان من الملك إلّا أن أعطى أوامره بجمع الأطبّاء الاختصاصيّين من كلّ أنحاء البلاد ليعتنوا بالصّقر. بيد أنّهم لم يفلحوا في حثّه على الطيران، وأخفقوا في مهمّتهم.

عندها، خطرت في بال الملك فكرة، أنّه ربّما عليه أن يستعين بشخص يألف طبيعة الحياة في الرّيف ليفهم أبعاد المشكلة. فما كان منه إلّا أن استدعى أحد الفلّاحين وأخبره بمشكلة الصّقر الذي لم يترك فرع الشّجرة.

وفي صباح اليوم التالي، ابتهج الملك كثيرًا عندما رأى الصّقر يحلّق فوق حدائق القصر. فسأل الفلّاح : كيف جعلته يطير؟ فأجاب الفلّاح بنبرة الواثق : "لقد كان الأمر يسيرًا، كسرت فرع الشّجرة الذي كان يقف عليه "الصّقر الخائف". 

إنّ كثيرًا من الأشخاص يقفون على غصن، نتيجة الخوف والتّردّد وعدم الرغبة في التّغيير. وهم يمتلكون طاقة جبّارة من المهارات والإبداع والتّطوير، إنّما أعاقتها أُلفتُهم لذاك الغصن وخوفهم من المبادرة لما هو أفضل، وعدم الإقدام نحو رفع الكفاءات وتأهيلها.

وعليه، فكلّ منّا لديه غصن بالٍ يشدّه إلى الخلف ويمنعه من الإبداع والتّطوّر وتحقيق الذّات. وبالتّالي لن ينطلق ويحلّق في عنان السّماء إلّا إذا كسره.

لذا، فاكسروا الأغصان التي تقيّدكم وتمنعكم من تقدّمكم. 

وفي لبناننا العزيز الغالي ينطبق علينا قوله عزّ من قائل: "إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم". 

صدق الله العظيم.

المصدر : جنوبيات