بأقلامهم >بأقلامهم
"مرتبة الإحسان"!
"مرتبة الإحسان"! ‎السبت 20 04 2024 22:15 القاضي م جمال الحلو
"مرتبة الإحسان"!

جنوبيات

يُحكى في خبايا الزمن وخفايا المحن أنّ أحد الرّجال شكى إلى أحد الشّيوخ حاله وأحواله فقال له:

يا شيخ لماذا لا أجد إلّا الغدر والخيانة ممّن أحسن إليهم؟!
الشّيخ : (لا يجيب).
السّائل: لماذا أجد الجفاء ممَّن أحببتهم وأخلصت لهم؟!
الشّيخ: (لا يجيب).
السّائل: لماذا مات الحبيب ولم يبقَ إلّا العدو ؟!
الشّيخ: (لا يجيب).
السّائل: لماذا أشعر بالوحدة والغربة في هذه الحياة؟!
الشّيخ: (لا يجيب).
السّائل: لماذا لا يُحسن النّاس الظنّ بي؟!
الشّيخ: (لا يتكلّم).
السّائل: لماذا يكذبُ من أصدّقهم، ويقسو عليّ من أحنو عليهم، ويرحل عنّي من أعانقهم؟!
الشّيخ: (لا يتكلّم).
السّائل: لماذا يدي ممتدّة بالخير وأيدي النّاس ممتدّة لي بالشرّ، ويقابلون محبّتي بفجور وليس بالودّ؟! وأخذ يبكي...
فوضع الشّيخ يده على قلب الرّجل، وقال له: 
يا أخي لا أدري لماذا أحبّك الله كلّ هذا القدر! 
ربّما أنت ممَّن قال عنهم الله "المحسنين" أصحاب مراتب الصّبر والإحسان.
فاعلم يا أخي أنّك جئت تشكو لي حبّ الله لك!
فسكت السّائل وقال للشّيخ: أصبت فرميت القلب، أصبت فبيّنت الدّرب.
وعليه، 
ليس بالضّرورة أن يكون أذى النّاس لك ابتلاء، فقد تكون أنت من أهل الإحسان وأنت لا تدري، فلا ينال "مرتبة الإحسان" إلّا أنقياء القلوب.
وأخيرًا وليس آخرًا، هل يحبّنا الله بأن ابتلانا بزمرة من السّياسيّين الحاقدين، الفاسدين، النّاهبين، السّارقين؟!
 أم أنّنا ابتُلينا بتقصيرنا عن مساءلتهم عن أفعالهم، وسكتنا بأن تغاضينا عن ملاحقتهم؟!
 أم أنّ بعض القضاة صمت فنالنا من هفوتهم ما نالنا؟!
الجواب: عند أولي الألباب...

اللهمّ أفرغ علينا الصّبر والاحتساب، واجعلنا من المحسنين...
آمين يا ربّ العالمين. 

 

المصدر : جنوبيات