بأقلامهم >بأقلامهم
"نبض الحياة" خطة إسرائيلية بيافطة أميركية
"نبض الحياة" خطة إسرائيلية بيافطة أميركية ‎السبت 10 05 2025 07:12 عمر حلمي الغول
"نبض الحياة" خطة إسرائيلية بيافطة أميركية

جنوبيات

نقلت وسائل الاعلام الأميركية عن الرئيس دونالد ترمب أول أمس الخميس 8 أيار / مايو الحالي، انه سيكشف عن أخبار "سارة" لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة خلال الساعات القادمة، وأمس الجمعة كشف السفير الأميركي في إسرائيل، مايك هاكابي في تصريحات عاجلة نقلتها قناة "القاهرة الإخبارية"، أن الرئيس الـ47 يولي اهتماما بالغا بوصول المساعدات الغذائية الى سكان القطاع، وشدد على ضرورة أن توزع هذه المساعدات بكفاءة وأمان تامين، في ظل تفاقم الازمة الإنسانية هناك. وأكد السفير المؤيد للاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، أن دور تل ابيب سيقتصر فقط على الجوانب الأمنية، ولن تكون طرفا مباشرا في توزيع المساعدات في محاولة لتجنب أي توتر إضافي، أو عرقلة في وصول المساعدات.

وأوضح ان هناك اتفاقا بين عدد من الشركاء الدوليين على تفعيل آلية متكاملة لتوزيع الإغاثة الإنسانية داخل قطاع غزة، بحيث تضمن هذه الآلية إيصال الطعام الى مستحقيه، خاصة في ظل التحذيرات المتصاعدة من خطر المجاعة الذي يهدد السكان. وأشار الى ان شركات أمن خاصة ستتولى مسؤولية تأمين خطوط التوزيع، في تنسيق دولي "غير مسبوق" يهدف الى تحييد الخطر وضمان وصول الغذاء الى أكبر عدد ممكن من المدنيين.


وبداية وجب الترحيب بإسقاط الإدارة الأميركية ورئيسها خيار التهجير القسري لسكان القطاع، وتحويل غزة الى ريفيرا الشرق الأوسط، وسعيها الى تأمين المساعدات الإنسانية وخاصة الغذائية للمدنيين الفلسطينيين، ورفض حرب المجاعة الإسرائيلية على المواطنين الفلسطينيين.

ولكن ما يبدد الترحيب والأخبار "السارة" جملة وتفصيلا، هو ما أعلنه السفير الأميركي عن تفاصيل توزيع المساعدات الغذائية، التي لا توحي بأنها ترتكز الى مساعدة السكان الفلسطينيين، بل العكس صحيح، وهو ما لم يعلنه صراحة في تصريحه، أولا بأن الخطة المطروحة، هي خطة إسرائيلية 100%، رفض الجيش الإسرائيلي القيام بتوزيع المساعدات، وحرفه عن دوره في مواصلة الإبادة الجماعية على القطاع؛ ثانيا عدم ربط توزيع المساعدات بوقف إطلاق النار، وعدم الإشارة الى فتح المعابر كافة وخاصة معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين، وهذا ما أشار له هاكابي أن "المساعدات لا ترتبط بأي شرط سوى قدرتنا على إدخال المساعدات الى غزة، لا علاقة لها بالقتال، بمعنى واضح أن الإبادة الإسرائيلية ستتواصل على السكان؛ ثالثا هدد المسؤولون الاميركيون المنابر الأممية في حال تدخلها، أو اعتراضها على الخطة الإسرائيلية الأميركية؛ رابعا عسكرة توزيع المساعدات الإنسانية على السكان من خلال شركات الأمن الأميركية، أو الإسرائيلية الأميركية بعلم ويافطة أميركية، وبالتالي الخطة والقائمون عليها، سيكونوا شركاء بشكل مباشر في تحقيق الأهداف الإسرائيلية الكاملة، كما صرح بنيامين نتنياهو عشرات المرات.

وعليه، فإن الخطة الأميركية قالت الشيء ونقيضه في آن، فهي من حيث الشكل تتحدث عن تأمين الغذاء للسكان، ومن جهة أخرى عسكرت توزيع المساعدات الإنسانية، ولم تشر من قريب او بعيد الى فتح المعابر، ورفضت تحمل وكالة الاونروا وهيئات الإغاثة الأممية مسؤولياتها في توزيع المساعدات على السكان، وأوكلتها لشركات أمنية إسرائيلية أميركية، الامر الذي يؤكد انها خطة مسمومة، وتتناقض مع ابسط المعايير الأممية والإنسانية، وبالتالي هي خطة مرفوضة، ولا يمكن القبول بها. لأنها تحمل في ثناياها أخطارا واضحة على أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع، بغض النظر عن المساحيق التي صبغت ملامحها.

ووفق وسائل الاعلام الأميركية والإسرائيلية، أن الرئيس ترمب سيطرح خطة شاملة لوقف الحرب في قطاع غزة عشية وصوله للمنطقة يوم الثلاثاء القادم 13 أيار / مايو الحالي، والتي لم تتضح معالمها حتى الان.

ولكن إذا كانت الخطة الإسرائيلية التي أعلن عنها السفير الأميركي جزءً من الخطة الشاملة التي سيطرحها الرئيس الجمهوري، فإنها بالضرورة ستكون خطة للاستهلاك وغير ذات جدوى، لأن المكتوب يقرأ من عنوانه، وعنوانه مرفوض ولا يخدم وقف الحرب، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية كافة الغذائية والدوائية والمستلزمات الطبية والايوائية، وتولي الحكومة الفلسطينية مسؤولياتها وولايتها السياسية والقانونية على القطاع، والشروع بإعادة الاعمار وفق الخطة المصرية الفلسطينية، وتبادل الرهائن الإسرائيليين مع أسرى الحرية الفلسطينيين، ومن ثم الذهاب لمؤتمر السلام لتكريس استقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967.

وهنا يمكن للأشقاء العرب الذين سيزورهم الرئيس الأميركي الأسبوع القادم لعب دور هام في الضغط عليه لطرح خطة تنسجم مع قرارات الشرعية الدولية والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الذي تبنته الجمعية العامة في أيلول / سبتمبر العام الماضي ومخرجات القمم العربية، وإن لم ينجحوا في تحقيق ذلك، فإن دوامة الحرب والابادة ستبقى مشتعلة على رأس الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة والقدس العاصمة، وينطبق المثل الشعبي القائل على الخطة "كأنك يا أبو زيد ما غزيت".
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

المصدر : جنوبيات