عام >عام
الفضيحة السياسيّة التي هزّت حكومة لبنان!
الفضيحة السياسيّة التي هزّت حكومة لبنان! ‎الأربعاء 24 05 2017 10:17
الفضيحة السياسيّة التي هزّت حكومة لبنان!


لم تنتهِ مفاعيل ردّ وزير الخارجية جبران باسيل على "خداع" السعودية للبنان، من خلال تمرير "إعلان الرياض" دون علم الوفد اللبناني، خاصّةً وأنه تضمّن إساءات يمكن وصفها بـ"التدخلات السياسيّة الواضحة" في مجرى السياسة الداخلية. الوزير جبران باسيل، حاول لملمة الأمور ونفض يد لبنان من الاعلان من خلال تغريدته التي وعلى قوتها، لم تسدّ الحاجة لموقفٍ واضح من وضع حزب الله في مصاف تنظيمي "داعش وجبهة النصرة" الإرهابيين.

كان المتوقّع بالحدّ الأدنى، بيان رسميّ يصدر عن وزارة الخارجيّة يرفض تلك المقرّرات لتكون للموضوع قيمة رسميّة، لكن الوزير باسيل فضّل "التغريد" كي لا يُدخل البلاد في حقل التأزيم مجدّداً مع الرياض. وحده الرئيس ميشال عون ساند باسيل مبدياً موقفاً متقدماً من "الورقة" إذ أكّد أمام زوّاره امس أنَّ "ما قاله وزير الخارجيّة والمغتربين جبران باسيل عن الموقف اللّبنانيّ من إعلان الرياض صحيح مئة في المئة"، مشيراً إلى أنَّ "لبنان لا يمكن أن يقف إلى جانب طرف، ونحن لسنا مستعدين للعب هكذا دور. من هنا كانت دعوتنا للمصالحة على أن نساعد في تحقيقها".

على المقلب الآخر كان الرئيس سعد الحريري يعقد الاجتماعات "ممثلاً لبنان" مع عددٍ من المسؤولين السعوديين، بعد أن أخرج باسيل من الوفد! الفضيحة السياسيّة تكمن هنا، في تصرّف الرئيس الحريري، الذي أرجع باسيل إلى بيروت عبر الطائرة بذريعة "وجوب بقاءه في المملكة لأمورٍ خاصّة". لكن سرعان ما بان زيف الادعاء بعد اجتماعه مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي بحث فيه أموراً تخصّ البلدين، ما يؤكّد أنَّ اللقاء ليس خاصاً أبداً وكان من المفترض أن يشارك فيه باسيل كونه راعي الدبلوماسيّة اللّبنانيّة. ويفهم من طريقة هذا التصرف انه اسلوب متعمد اشبه ب "تمريرة من تحت الطاولة".

الجزء الثاني من الفضيحة يكمن في طريقة التعاطي مع بيروت، وعلى الرغم من الإهانة الأولى بعدم دعوة الرئيس ميشال عون للحضور، برزت إهانة ثانية لا تقلّ أهميّة، إذ تعرّض الوزير جبران باسيل لـ"تجاهلٍ تامّ" في كافّة أعمال القّمة، إذ لم يُخصّص له أيّ لقاء على هامشها، ولم يجرِ أيّ لقاء سياسيّ أو غير سياسي، ولا حتّى محادثة، ولم يسمح له الإدلاء بموقف، فخيّل أنّه يحضر فقط من أجل الحضور. كذلك الرئيس سعد الحريري الذي عانى بدوره من "قلّة اهتمام" تجسّدت في ابتعاده عن واجهة القمّة ووقوفه في لقطات عدّة وصفت بـ"التاريخية" في آخر الرّواق.

أمّا الفضيحة الثالثة، فتبرز في وصف حزب الله بـ"الإرهابي" ووضعه في اللائحة نفسها مع "داعش" مثلاً، الذي قاتله في الحدود ومنع اجتياحه لبنان، لكن أكثر من يؤرق هذه الفضيحة، هو إخفاء الموقف اللّبنانيّ وعدم السماح للرئيس سعد الحريري بتلاوته، خاصّة وأنّه ربّما كان سيخفّف من وقع الاتّهام، بعد أن أعلن الحريري في بيروت وعلى طاولة مجلس الوزراء، احتكامه إلى البيان الوزاري في أي موقف قد يُتّخذ بحقّ حزب الله في القمّة، وهو ما لم يحصل في الرياض التي وقبل الوصول إلى كلمة لبنان الهامّة نظراً لما عاناه ويعانيه من الإرهاب، قام المنظمين بإنهاء أعمال القمّة وبالتالي إلغاؤها دون الإفصاح عن اسباب ذلك، بعد أن غيّبوا لبنان - عن قصد - فيما له علاقة بالبيان الذي أُذيع، والذي تدلّ عدم معارضة أيّ من الممثلين لـ54 الذين حضروا، أنّه كان متّفقٌ عليه معهم، أو مُرّر إليهم للاطلاع على مضمونه تحاشياً لاية معارضة.

ما حصل في الرياض، لا يمكن وصفه إلّا بالفضيحة السياسيّة التي مرّت على مراحل، دون أن تتكبّد السلطات السياسيّة المنوطة عناء ردّ الإهانة أو إيضاح ما حصل، ما يضع مجلس الوزراء الذي سيلتئم اليوم الأربعاء في قصر بعبدا، أمام واجب المسائلة وأخذ الموقف، كي لا نصبح عرضة لاهواء بعض الدول وسياساتها وحساباتها.

المصدر : ليبانون ديبايت- عبدالله قمح