عام >عام
ندوة لمستقبل - الجنوب بمناسبة الذكرى ال73 لميلاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري
ندوة لمستقبل - الجنوب بمناسبة الذكرى ال73 لميلاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري ‎الجمعة 3 11 2017 12:50
ندوة لمستقبل - الجنوب بمناسبة الذكرى ال73 لميلاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري

جنوبيات

نظم تيار المستقبل في صيدا والجنوب ولمناسبة الذكرى ال73 لميلاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري ندوة حوارية بعنوان "اتفاق الطائف .. ولادة وطن " حاضر فيها الكاتب والصحفي سركيس نعوم الذي استعرض للمرحلة التي سبقت اتفاق الطائف ، والدور الهام الذي لعبه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في اقراره ، واصفا اياه ب"مولّد " الطائف و معتبرا ان ليس هناك امكانية لالغاء اتفاق الطائف الان وانه اذا لم نتمسك به وانتظرنا ان يأتي الحل للازمة السورية لنرى ما هو الحل للبنان سنخسر الطائف وقد نخسر لبنان ...
الندوة التي اقيمت في مقر تيار المستقبل في عمارة المقاصد – صيدا حضرها : ممثل الرئيس فؤاد السنيورة مدير مكتبه طارق بعاصيري ، ممثل المطران مارون العمار المونسنيور الياس الاسمر ، ، ممثل المسؤول السياسي للجماعة الاسلامية في الجنوب الدكتور بسام حمود عضو اللجنة السياسية للجماعة في صيدا محمد الزعتري ، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف ، رئيس بلدية صيدا السابق احمد الكلش ، رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الجنوب عبد اللطيف الترياقي ، وعدد من رؤساء بلديات ومخاتير منطقة صيدا وممثلين عن عدد من الاحزاب اللبنانية ومهتمين ومختلف قطاعات ومكاتب ولجان احياء تيار المستقبل في صيدا ..
وكان في استقبالهم منسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود ومنسق دائرة صيدا امين الحريري واعضاء مكتب المنسقية : محي الدين النوام ، مازن صباغ ، كرم سكافي وحنان نداف ..
حمود
استهل اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني فدقيقة صمت لروح الرئيس الشهيد رفيق الحريري تحدث بعدها الدكتور ناصر حمود الذي رحب بالكاتب والصحفي سركيس نعوم مشيدا بمناقبيته وشدد على التمسك باتفاق الطائف ومتوقفا عند الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم وقال :
اردنا اليوم في تيار المستقبل في الجنوب وفي ذكرى ميلاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري ان نستضيف الاستاذ سركيس نعوم ليحاورنا حول اتفاق الطائف  الذي ولد من رحمه لبنان وانهى حرب سنوات من القتل والدمار .. هذا الاتفاق الذي كان عرابه الاساسي الرئيس الشهيد رفيق الحريري اسس لمرحلة جديدة في تاريخ هذا الوطن وعبرنا من خلاله نحو الدولة والمؤسسات .. الدولة التي آمن بها الرئيس الشهيد لتجمع تحت مظلتها كل ابناء الوطن دون استثناء يتقاسمون الحقوق والواجبات سواسية ويعملون معا من اجل الوطن ...
لذلك نحن في تيار المستقبل نجدد تمسكنا بهذا الميثاق بكامل بنوده ولن نسمح لعقارب الساعة بالعودة الى الوراء لان الدولة وحماية مؤسساتها الدستورية هو خيارنا الاول والاخير ..
نعوم
تحدث بعد ذلك نعوم حيث اعتبر ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو  احد عرابي الطائف وانه مولّد الطائف وتوقف عند علاقة الصداقة التي كانت تربطه بالرئيس الشهيد والبعيدة عن اية منفعة او مصلحة معتبرا ان على اللبنانيين ان يتذكروا دائما نيات هذا الرجل الصادقة وعمله الذي اعاد لبنان الى الخريطة ..
وقال : هذا الرجل الذي ساعد المملكة العربية السعودية علما انها هي التي اطلقته في البداية والذي ساعد سوريا وتصرف احيانا كوزير خارجيتها يحل مشاكلها في حين انها لم تبادله بالمثل هذا الرجل اعتقد انه من الرجال الكبار الذين لا يجود بهم الزمن دائما ..
بالامس كانت ذكرى ميلاده والصدفة انها تزامنت مع الذكرى المشؤومة لوعد بلفور ما في شك انه كان بايمانه ببداية حياته السياسية الانسان تكتشف هويته السياسية مهما تقلب فيما بعد ، في بداية نضوجه وبداية شبابه ساعتها ننظر الى اين اتجه في السياسة فنعرف ان هذه هي شخصيته الحقيقية كان قوميا عربيا وبقي قوميا عربيا وبقي مؤمنا بقضية فلسطين وبالقضايا العربية ولكن الفرق بينه وبين من تحجروا بهذا الاطار انه تعلم وجال العالم وعرف المتغيرات وادرك ان مقاربة الحلول لحل هذه المشاكل ومنها هذه المشكلة العويصة المزمنة ممكن تكون مقاربة مختلفة عن المقاربات السابقة لان المقاربات السابقة لم تكن ناجحة .. بالنهاية اتفاق الطائف كان الانجاز الذي اعاد بناء الدولة اللبنانية او هكذا كان يؤمل منه
وتابع نعوم : بعد كل الظروف التي مررنا بها فلم يكن هناك حل الا اتفاق الطائف ما في امكانية الان ان نلغي اتفاق الطائف اذا لم نتمسك باتفاق الطائف وانتظرنا ان يأتي الحل للازمة السورية من اجل ان نرى ما هو الحل للبنان اعتقد انه سنخسر الطائف وقد نخسر لبنان ، الدور المسيحي صحيح ان المسيحي خسر من صلاحياته ولكن المفروض ان الرابح هو البلد كله لاسباب كثيرة الربح توزع والمسيحي بقي خسران ولكن انت كنت حاكما وعندما تقلصت صلاحياتك بعد الحرب بقيت شريكا في لبنان المسيحيون في الدول العربية الكبرى ان كان مصر او سوريا او العراق ليسوا شركاء وبالتالي انت لا يمكن ان تقارن نفسك بهم وليس لديك الامكانية ولا القدرة ولا الحجم ان تقول اريد ان ادافع عن مسيحيي الشرق انت تدافع عن نفسك بالتعاون مع ابناء بلدك المسلمين وتؤسسوا الدولة وتعلموا من لبنان نموذج للعيش الواحد في مصر وفي سوريا والعراق وفي اي دولة ثانية فيها تنوع لذلك انا اخاف في هذه المرحلة ان نخطىء او بسبب النصر او بسبب الهزيمة من اي احد ..
بعد ذلك استعرض نعوم للفترة التي سبقت اتفاق الطائف فقال :
ما كان ممكناً أن يتفق الفرقاء اللبنانيون المتحاربون بين 1975 و1989 على الاجتماع معاً من دون تدخل إقليمي ودولي فاعل للبحث في الأسباب التي أدت إلى إندلاع حربهم، وللبحث عن وسيلة لإزالتها من أجل إعادة السلام والاستقرار الى البلاد، التي لا يمكن أن تتم من دون قيام دولة فعلية تحمي حقوقهم في المواطنة والمساواة والأمن والاستقرار والعدل والحياة الكريمة كما في الحرية والديمقراطية. والسبب كان انقسامهم فريقيْن متحاربيْن يقود المسلمون أحدهما الذي يضم قسماً غير كبير من المسيحيين وأحزاباً سميت "وطنية"، ويقود المسيحيون في غالبيتهم الساحقة الآخر. علما أن هذه الغالبية تأثرت باختلاف أطرافهم على القيادة والزعامة وباستغلال الوجود العسكري السوري ذلك، الأمر الذي أدى إلى انشقاق الشمال المسيحي السياسي عنه بفعل سيطرة سوريا عليه وليس الشمال الشعبي.
واضاف : هذا الانقسام دفع طرفيه المسيحي والمسلم إلى الاستنجاد بالخارج الإقليمي الشقيق والعدو اقتناعا منهما بأن انتصار أحدهما على الآخر مستحيل من دون مساعدة خارجية. ومساعدة المسلمين كانت داخل الحدود، وتمثلت بالوجود الفلسطيني المزمن الذي بدأ تسلّحه بعد هزيمة مصر وسوريا والأردن عام 1967 على يد إسرائيل والذي كان صار جيشاً جدّياً ودولة داخل الدولة يوم بدأت الحرب عام 1975. ومساعدة المسيحيين كانت إلى الجانب الآخر من الحدود الجنوبية للبنان والمقصود بذلك إسرائيل. وقد لجأوا إليها عندما اعتبروا ان انتصارهم أو بالاحرى بقاءهم بات يستدعي مساعدة خارجية. وهي كانت جاهزة ومستعدة لذلك منذ تأسيسها، طبعاً كان المسيحيون يفضلون مساعدة دولية غربية اقتناعاً منهم بمسيحية الغرب، لكنهم لم يحصلوا عليها لأنه مؤلف من دول غالبية شعوبها مسيحية لكنها آمنت بفصل الدين عن الدولة وارتاحت لذلك، كما أن دولها علمانية.
وتابع : هنا لا بد من الإشارة بإيجاز إلى دور سوريا حافظ الأسد المجاورة للبنان في حروبه ولاحقاً في "سلامه" الذي لم يكن سوى سراب. فهي كانت صاحبة استراتيجيا إقليمية تتناول الشرق العربي أو المشرق العربي، وضعتها بعد يأسها من الاستراتيجيا القومية العربية الشاملة الهادفة إلى توحيد الشعوب أو الدول العربية وتحرير فلسطين. النقطتان الرئيسيتان فيها كانتا الإمساك بمنظمة التحرير الفلسطينية وقرارها المستقل بعدما صار لبنان مركزها وساحة إنطلاق فدائييها لتنفيذ عمليات داخل إسرائيل. وما كان ذلك ممكناً من دون الإيحاء للمسلمين بأن حقوقهم مهضومة وأن مشاركتهم في السلطة غائبة، كما من دون الإيحاء للمنظمة وفصائلها  بالتصرف على أن وجودها المسلح في لبنان هو جنب المسلمين. طبعاً حاولت سوريا في حينه استمالة المسيحيين قبل دخولها عسكرياً وفي صورة رسمية عبر جيش التحرير الفلسطيني، وبعد دخولها رسمياً كقوة ردع بقرار من قمة عربية موسعة عام 1976. وحاولت إغراءهم بالمساعدة على المحافظة على وضع جيّد لهم ولكن بعد تعديل للصيغة أو للنظام يرضي المسلمين.
في الوقت نفسه"رعت" سوريا، إذا جاز استعمال هذا التعبير، عمليات عسكرية ضد مسيحيي الشمال، ولم تنزعج من اقتراب المسلمين والفلسطينيين من حسم ما في جبل لبنان (المتن) لدفع المسيحيين إلى الاستغاثة بها. وحصل ذلك. فتدخلت القوات السورية مانعة الحسم في الجبل وخطر التهجير في الشمال(عكار). وبدا أن شهر عسل بينهما قد بدأ. أزعج ذلك المسلمين. لكن العسل نضب في سرعة إذ رفض المسيحيون الحماية والوصاية كما رفضوا تحولهم أداة لسوريا.
طبعاً أدى ذلك إلى استمرار الحرب والدمار، ودفع المسيحيين، الذين كانت لقادتهم وأحزابهم اتصالات  مع إسرائيل، إلى الاعتماد على مساعداتها للمواجهة، ولاحقاً على تدخلها المباشر عسكرياً عام 1982. لكن كل ذلك لم ينفع إذ توصلت سوريا حافظ الأسد إلى ما تريد.
صارت هي صاحبة الكلمة الأولى في لبنان، وضعف دور منظمة التحرير بعد خروجها مهزومة منه  على يد إسرائيل، ومن طرابلس لاحقاً على يد سوريا. ثم طرأت تطورات دولية وإقليمية، منها بروز مؤشرات على انطلاق عملية سلام في المنطقة تحل أزمة الشرق الأوسط وجوهرها قضية فلسطين، أقنعت دولاً عربية ودولاً كبرى وعظمى بأن سلام لبنان بتسوية تنهي حربه ضروري لتوفير ظروف إنجاح العملية المذكورة. فكان إتفاق الطائف الذي وضعه اللبنانيون برعاية مباشرة كي لا نقول إشرافاً من المملكىة العربية السعودية وسوريا وبمتابعة من أميركا وفرنسا والجزائر والمغرب. كان تفويض الدول العربية الثلاث وأميركا سوريا الأسد الأب الإشراف على تنفيذه. اولاً لجهة مساعدة اللبنانيين في إعادة بناء دولتهم ومؤسساتها، وثانياً لجهة تعديل النظام اللبناني بإصلاحات جوهرية تؤمن مشاركة المسيحيين والمسلمين في السلطة على نحو متكافئ.
حصل ذلك كله لكن في الشكل وليس في الجوهر. فإتفاق الطائف الذي أملنا منه الكثير فشل. وأسباب فشله كثيرة يمكن اختصارها بالآتي:
قرار سوريا استخدام إتفاق الطائف للإمساك بلبنان تنفيذاً لاستراتيجيتها المشرقية ذات العنوان العربي، ولتأسيس دولة فيه تدور في فلكها يحكمها لبنانيون تختارهم هي، وتكون لها الكلمة الأخيرة في سياساتها الداخلية والخارجية وفي أمنها واقتصادها إلى أن تطرأ ظروف تمكنها من إقامة إتحاد أو وحدة معه. وقد ظهرت نيتّها هذه يوم اضطر الراحل الأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية إلى زيارة دمشق لأخذ موافقة الأسد، كونه المنفِّذ المفترض، على الإتفاق الذي توصل إليه البرلمانيون اللبنانيون في الطائف. فاصطدم بموقف متشدّد من موضوع تحديد مهلة لانسحاب القوات السورية من لبنان. واضطر كما اللبنانيين إلى الموافقة. وقد برز ذلك في وضوح بعد مرور مهلة السنتين على انتهاء الحرب ودخول القوات السورية إلى لبنان. إذ بدأ لبنانيون يطالبونها بإعادة نشر قواتها أي بسحبها من أماكن وجودها اللبنانية باستثناء البقاع،  كون وجودها فيه حاجة استراتيجية لمواجهة إسرائيل. وراحوا يطالبون دولتهم (رئاسة جمهورية وحكومة) بطلب الحوار مع سوريا حول هذا الأمر تماماً كما ورد في "الطائف". لكنها امتنعت، كما أن سوريا رفضت وبرّرت موقفها بأن إعادة الانتشار تتم بعد سنتين وفي الوقت نفسه بعد إنجاز الإصلاحات كلها ومنها إلغاء الطائفية السياسية. والغاؤها أمر صعب وقد قارب المستحيل لأن سوريا كانت تطالب بذلك علانية لكنها كانت تقول للخائفين منه (وفي مقدمهم المسيحيون لخوفهم من طغيان المسلمين ثم السُنّة لخوفهم من تحكم الشيعة فيهم): لا تخافوا لن ندع ذلك يحصل. وكانت توضح وبصراحة أن المقابل الذي تريده هو استمرار تأييدها ووجودها في البلاد والدوران في فلكها.
عدم تجرؤ قيادات لبنانية كثيرة وأيضاً مسؤولين كبار في مقدمهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزراء على مفاتحة سوريا بضرورة التفاوض بعد انتهاء السنتين من أجل إقناعها بإعادة نشر قواتها. ولعل أسطع مثل على ذلك ما حصل في اجتماع عقد في زحلة مسقط الرئيس الراحل الهراوي بينه، وكان معه مسؤولون آخرون وبين وزير خارجية أميركا في حينه. وفي الاجتماع أثار الأميركي موضوع إعادة الانتشار، واقترح على لبنان المبادرة إلى طلب التفاوض حوله مع سوريا. لكن "القيادة اللبنانية" ردّت بأنها لا تستطيع ذلك، وطلبت من أميركا القيام بهذه المهمة بدلاً منها. طبعاً أسقط ذلك قيمة المسؤولين اللبنانين في عين أميركا كما يقال في العامية، وقالوا في النهاية هذا شأنكم. واستأنفوا التعامل مع الأسد في قضايا لبنان وسوريا.
عدم وضع اللجنة العربية الثلاثية المؤلفة من ملكي السعودية والمغرب ورئيس جمهورية الجزائر خطة أو استراتيجيا لمتابعة تنفيذ اتفاق الطائف في لبنان ودور سوريا فيه. في اختصار المغرب والجزائر دولتان بعيدتان نسبياً واهتماماتهما اللبنانية ضعيفة وغير مباشرة وكذلك مصالحهما فيه. والعربية السعودية كان لها اهتمام لبناني ولا يزال. لكن لم تكن لديها استراتيجيا وسياسة تطبيقية واضحة لها، وكانت تتصرف انطلاقاً من قيم عربية بدوية ربما وهي أن "الكلمة تربط" وأن "الوعد" يوفى به وما إلى ذلك. ومصلحتها كانت في الوقت نفسه مع سوريا. إذ كان رئيسها الراحل حافظ الأسد مخططاً استراتيجيا ومنفذاً تكتيكيا بارعاً ولطيفاً ومهذباً. وبصفاته هذه كان يُقنع السعودية، بأنه في حاجة إليها مع أميركا فتلبيه. ويقنعها بأنه قادر على تأمين مصالحها وعلى حماية أمنها من أعدائها في المنطقة الذين صودف دائما أنهم حلفاء له. وكان السعوديون يلبُّونه. ولعلّ الدليل الأبرز على غياب التخطيط السعودي اقتناع الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بأن الأسد الإبن يريد الخير للبنان، واقتناعه بقدرته على ترتيب علاقته مع رئيس حكومة لبنان سعد الحريري، ومبادرته إلى إقناع الآخر بزيارة دمشق يومين للبحث مع رئيسها في حلول للمشاكل
تصرف أميركا كدولة عظمى أو كأي دولة أخرى في العالم بكل "أقاليمه ومناطقه" كبيرة كانت أو صغيرة، أي انطلاقاً من مصالحها وليس من عواطف ولا من تماثل في الانتماءات الدينية أو العرقية، وليس من القيم التي تقول أنها تؤمن بها. علماً انها تطبق هذه القيم على شعبها وداخل بلادها، وتتجاهلها لحساب مصالحها في العالم. وللمصالح دائماً الأولوية. وقديماً قيل، وربما كان القائل رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرشل: ليس لبريطانيا صداقات دائمة أو عداوات دائمة بل مصالح دائمة. انطلاقاً من ذلك عزّزت أميركا دور سوريا حافظ الأسد في لبنان بعدما "اشترك" معها في الحملة العسكرية لإخراج جيش صدام سين من الكويت عام 90-91. وانطلاقاً منه قامت وفرنسا باخراج جيوش خلفه ابنه الدكتور بشار من لبنان 2005 بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري.
في أي حال كلام كثير يدور عن اتفاق الطائف. البعض ينعاه ويقول أنه انتهى. والبعض يقول انه طبّق ويطبّق. والبعض يقول انه طبق نصاً وليس روحاً. والبعض يقول ان تطبيقه لم يكتمل. والبعض يقول أن هناك حاجة لاستبداله بطائف جديد معتبراً أن تفكير دول كبرى باعتماده في دول عربية تعيش حروباً داخلية دليل على نجاحه في لبنان. والبعض الأخير يدعو الى تسوية جديدة تأخذ في الاعتبار المتغيرات الديموغرافية والسياسية والسلاحية(من سلاح) والتغييرات الجارية والأخرى المحتملة في المنطقة. لن أعلّق على ذلك كله إلا بأمر واحد: هو أن في اتفاق الطائف مادة تفتح الباب أمام لبنان حديث متنوع أبناؤه متساوون ويعيشون في أمن وحرية وديموقراطية ودولة. هذه المادة هي التي تتحدث عن إقامة مجلس شيوخ طائفي ومذهبي بتمثيل متساوٍ وعن مجلس نيابي غير طائفي ومذهبي. وهنا أقول أن وضع لبنان لم يعد يسمح بانتظار سنوات لتشكيل هيئة إلغاء الطائفية السياسية ولمماحكات أعضائها. وصار لا بد وفي وقت واحد من وضع مجلس النواب قانون انتخاب لمجلسي النواب والشيوخ مع تحديد صلاحيات جدّية للاثنين بحيث يتكاملان، والمبادرة بعد ذلك إلى الدعوة إلى إنتخابات عامة للمجلسيْن
طبعاً أملي في حصول ذلك ضعيف. لكن أياً حلول أخرى مثل التي يتم تداولها حالياً مُهلِك للبنان بكل طوائفه ومذاهبه أو شعوبه كما أسميها.
فاتفاق الطائف نص مثلا على المناصفة في وظائف الفئة الاولى. ونحن نعيش اليوم صراعاً على المناصفة في الوظائف كلها من الأولى إلى الأخيرة (حُجّاب مثلاً). علماً أن ذلك مخالف للدستور وعلما أيضاً أنه الديموغرافيا الحالية لم تعد تسمح به. والتمسك يعني حرمان آخرين.
وختم نعوم :  في النهاية اسمحوا لي أن أعتذر. كنت قبل الحرب من المطالبين بإصلاح الدولة التي لم تكن تعجبني. وكنت محقّاً. لكن بعد سقوط الدولة في حروب الـ 15 سنة وتحول لبنان دولة فاشلة، وبعد تحولها دولة سورية في لبنان المحكوم من سوريا، وأخيراً تحولها أي الآن دولة زائفة، بعد ذلك كله اعترف بأن دولة ما قبل الحروب كانت دولة، وإن مع عيوب ونقائص كثيرة. أما الآن فنحن بلا دولة وقد نكون على أعتاب صيغ لدولة لا يمكن أن تكون "عيّيشة" أو ربما لا مكان فيها لكل "شعوبه".
مداخلات
وفي الختام كانت مداخلات لعدد من الحاضرين ..