عام >عام
الإسراء والمعراج .. وسيلة من وسائل التثبيت
الإسراء والمعراج .. وسيلة من وسائل التثبيت ‎الثلاثاء 2 04 2019 11:54
الإسراء والمعراج .. وسيلة من وسائل التثبيت

الشيخ سليم سوسان*

الحمد لله الكبير المتعال، القادر المقتدر، أكرم رسوله بمعجزة الإسراء والمعراج خرق له فيها قوانين الأرض والسماء، ليريه من آياته الكبرى، ويفرض عليه اقدس العبادات وأقربها الى الله تعالى.
كانت معجزة الإسراء والمعراج نعمة من نعم الله تعالى وفضله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وخصوصية اختصه الله تعالى بها دون سائر الأنبياء والمرسلين.
هذه المعجزة النعمة كانت قبل الهجرة النبوية، وفي ليلة السابع والعشرين من شهر رجب الخير، وكانت بعد أنْ قاسى النبي صلى الله عليه وسلّم ما قاسى، وعانى ما عانى من قريش وسفهائها، وذلك بسبب فقد زوجته خديجة وعمّه أبي طالب، حيث واجه أعتى وأشد صور التكذيب لدعوته، والاستهزاء بشخصه، والإيذاء له ولأصحابه، فقرّر أنْ ينطلق إلى ثقيف عند أهل الطائف عَلَه يجدُ نصيراً لدعوته، لكنه لم يجد منهم إلا السوء والإيذاء فسلطوا عليه عبيدهم وسفهائهم يرمونه بالحجارة حتى أدموا قدميه، وما زاد من إيلامه أنّ الناس قد رفضوا هدي السماء ونور الحق، فوقف موقف الضارع الى ربه بعد أن أعيته الأسباب وفقد النصير من الناس.
الإسراء والمعراج لم يكن إلاَّ درجة من درجات التكريم، ووسيلة من وسائل التثبيت، ولوناً من ألوان الاختبار، تجلَّى به على عبده ونبيِّه، وأسبغ عليه مِن بحار الفيض والإمداد ما تمكَّن به في مدَّة وجيزة أو ساعات معدودة أن يكشف عن طريق المعاينة كثيراً من آيات ربِّه الكبرى، وعجائبه في أرضه وسمائه.
أَسْرَى به من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى بفلسطين من بلاد  الشام ليلا، ثم عرج به من أرض القدس إلى السموات العلى إلى سدرة المنتهى، إلى حيث شاء ربُّ العزَّة والملكوت أن يُريه من آياته الكبرى حتى يملأ قلبه ثقة فيه واستنادًا إليه, وحتى يزداد قوة في مهاجمة سلطان الكفر القائم في الأرض.
في ليلة الإسراء والمعراج شرّعت الصلوات الخمس، لم يفرضها الله كما فرض غيرها من الواجبات والأركان، وإنما فرضها في كوكبة من الملأ الأعلى، وفي جذوة من الإشراق والأنوار؛ تنويهًا بشأنها، ورمزًا لمكانتها.
في ليلة الإسراء والمعراج نعلن أن قضية المسلمين الأولى هي قضية فلسطين، هي قضية القدس الشريف وقضية المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الذي يعاني من المخطّطات الصهيونية النازية المتواصلة لإسكات الأذان وتقسيم المسجد مكانياً وزمانياً في إطار تهويد المدينة المقدّسة وتغيير الطابع العام للقدس الشريف وصبغها بمعالم يهودية تلمودية غريبة عن عروبتها الإسلامية والمسيحية من خلال بناء الكُنس والحدائق التلمودية والبؤر والتجمّعات الاستيطانية لتصبح القدس الشريف يهودية لليهود دون غيرهم، إن القدس وفلسطين أرضاً وشعباً ومؤسّسات هي عربية لا يحق لأي قوة أن تُغيّر هذا الواقع وإن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الإسلامية والمسيحية هي المؤتمنة على القضية الفلسطينية، لذلك وأمام هذه الهجمة الصهيونية الشرسة لابتلاع القدس، وتهويدها، وسلخها من جلدها العربي والإسلامي، وتدمير المسجد الأقصى المبارك، مدعوماً بالقرار الأميركي الظالم، أن القدس الشريف عاصمةً للكِيان الصهيوني ما يؤجّج مشاعر الغضب لدى جميع المسلمين، والمسيحيين ويهدّد السلام العالمي، ويُعزّز التوتر والانقسام والكراهية عبر العالم.
أتوجه الى إخواني الفلسطينيين سواء كانوا على أرض فلسطين المحتلة أو الضفة أو غزة هاشم أو في مخيّمات الشتات، بضرورة العمل على وحدة الكلمة ورص الصفوف ولم الشمل، وأن نتعالى جميعاً على الجراح. ولنستعد الوحدة الوطنية ولنضع جميعاً استراتيجية اقتصادية اجتماعية مقاومة ينضوي الجميع تحت لوائها صفاً واحداً كالبنيان المرصوص في وجه العدو الصهيوني النازي من أجل ان نعمل بجد واخلاص على تحرير الارض من دنس العدو الصهيوني الذي يهوّد المقدّسات ويبتلع الأرض ويدمّر البيوت ويزيد المغتصبات على أرض الآباء والأجداد، وضع استراتيجية جهادية ينضوي تحت لوائها الجميع لتحرير مقدّساتنا ومسجدنا الأقصى وكنيسة القيامة وكل فلسطين من براثن الاحتلال النازي المجرم وما ذلك على الله بعزيز.
إنّ هضبة الجولان هي أرض عربية سورية محتلة وفق القرارات الشرعية الدولية وكل الإجراءات الصهيونية بحقها باطلة ومُدانة وغير شرعية، ولو دعمها وغرّد لها ترمب، ووقّع صك هبة أرض لا يملكها لمن لا يستحقها.
نتمنّى على كافة السياسيين اللبنانيين الشرفاء أن يكونوا على مستوى المسؤولية الوطنية التي تلزمهم بلجم الخلاف والاختلاف ومعالجة الفساد الإداري ووقف الهدر المالي وغيره، بدون كيدية أو انتقائية لأن محاربة الفساد ليست شعاراً يُطلق لاستقطاب الجمهور واكتساب التأييد، وليست أداة للتهويل أو للتهجّم والإتهام، كما أنّها لا يمكن أن تكون استنسابية أو مزاجية أو فئوية، مواجهة الفساد تعني حماية الوطن من الانهيار، والإقتصاد من التراجع، وحماية الثروة الوطنية والمال العام من وضع اليد واستغلال مرافق الدولة البرية والبحرية والجوية بدون وجه حق، مواجهة الفساد لا يُمكن أن يكون بإطلاق الإتهامات بل بتقديم الوثائق والمستندات الرسمية، وأنْ تكون محاربة الفساد شاملة لجميع الحقبات بعد اتفاق الطائف.
الشعب بكل أطيافه يناشد الحكم والحكومة تسريع حل المشاكل الإقتصادية والمالية والإجتماعية والكهربائية ومعالجة تفشّي البطالة فالشعب بكل أطيافه يحتاج الأمن الإجتماعي والاستقرار الإقتصادي ويناشد الحكومة تنفيذ اتفاق الطائف بكل مندرجاته لأنه يشكل المرجعية الأولى لاستقرار الوطن وبناء الدولة الحديثة وتثبيت وحدة المواطنين بكل أطيافهم فهو الإطار السياسي والقانوني لضمان سيادة لبنان الكاملة واستقلاله وسلامة اراضيه ووحدة شعبه ومؤسّساته وتعزيز القيم الروحية الرفيعة والمثل الاخلاقية العالية.
نناشد الدولة اللبنانية تسريع ما إلتزمت به من إنجاز قانون العفو العام والشامل لرفع الظلم وطي صفحة المرحلة الماضية والنظر بعين العدالة والإنصاف للموقوفين الإسلاميين.
صيدا مدينة الوفاء والقيم الانسانية والوطنية ستبقى متمسّكة بالقيم الإنسانية والعيش المشترك ومشروع الدولة القادرة العادلة، وستبقى وفيّة لشهدائها البررة ولثوابتها في نبذ كل أشكال الفتن الطائفية والمذهبية وأي صراع داخلي لانه لا يخدم إلا العدو الصهيوني.
 وستبقى صيدا وفية لقضيتنا المركزية لفلسطين والفلسطينيين وللقدس وللمسجد الأقصى وأكناف المسجد الأقصى ولكنيسة القيامة مهد سيدنا عيسى المسيح ولكل المقدسات.
صيدا في أرض الجنوب تشم عبق الارض من فلسطين ونرى البطولة على أرض الجنوب من أجل فلسطين... نحيي دماء الشهداء... دماء العودة... دماء الحرية والتحرير...

* مفتي صيدا وأقضيتها