لبنانيات >أخبار لبنانية
رسالة من المفتي دريان الى اللبنانيين بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف
رسالة من المفتي دريان الى اللبنانيين بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف ‎الاثنين 18 10 2021 12:59
رسالة من المفتي دريان الى اللبنانيين بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف

جنوبيات

وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة الى اللبنانيين بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف الاتي نصها:

تَحُلُّ علينا الذِّكرى العَطِرَةُ لِمَولِدِ نَبِيِّنا محمَّد، صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه، وهي ذِكْرَى غاليةٌ وعَزِيزةٌ على قلبِ وعقلِ كلِّ عَربيٍّ وَمُسْلِم. اِختارَهُ اللهُ سبحانَه، واصطفاهُ رسولاً لِلعَالَمِين، رَحمةً مِنْهُ وفَضْلاً : قَالَ تَعَالى : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.

هي ذِكرَى تَمْلَؤُنا بِالأَملِ والرَّجَاء. فمُحمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ الطِّفلُ اليتيم، الذي عانى في طفولتِه وفُتُوَّتِهِ فُقدانَ الأبِ والأُمِّ والجَدّ، هو نفسُه الذي أَلَقَ على بَنِي قَومِهِ وَعَلى العَالَمِ مِنْ أَعَالِي جِبَالِ مَكَّة – حَامِلاً: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد، و: اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَق، مُستنِدًا إلى عِنَايَةِ اللهِ عزَّ وَجَلّ، وتَوفِيقِهِ في إِنفَاذِ مَا عُهِدَ إليهِ بِهِ مِنْ مُهِمَّات:

وَالضُّحَى واللَّيلِ إذا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلى، وَلَلآخِرَةُ خيرٌ لَكَ مِنَ الأُولى، وَلَسَوفَ يُعطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى.

أمَّا المُهِمَّاتُ فكانَتْ عَبْرَ التذكِيرِ بِالنِّعَم:

فأمَّا اليَتِيمَ فَلا تَقْهَر. وأمَّا السَّائلَ فَلا تَنْهَر. وَأَمَّا بِنِعمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث.

فإذا ضَاقَتْ عليه - صلواتُ اللهِ وسلامُهُ -  الأُمور، واشتدَّ الاضْطِهَاد، خَاطَبَهُ القرآنُ وَخَاطَبَ بَنِي البشر: ألمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك. وَوَضَعْنا عَنكَ وِزْرَك، الذي أَنْقَضَ ظَهرَك. وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكرَك. فإنَّ معَ العُسرِ يُسرا، إنَّ مَعَ العُسرِ يُسرا.

جاءَ في الحَدِيثِ الشريف، أنَّهُ صَلواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عليهِ قالَ في تَفسِيرِ آيَتَيِ اليُسْرِ وَالعُسْر: لنْ يَغلِبَ عُسْرٌ يُسرَيْن. فالأَمَلُ الذي يَبْعَثُ على انْشِرَاحِ الصَّدْر، يَكُونُ بِالاسْتِجَابَةِ لِدَعوَةِ الحَقِّ وَالنُّور، ويكونُ بَعدَ ذلك: فإذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ، وإلى رَبِّكَ فَارغَبْ. فالمسألةُ في صِحَّةِ التَّوَجُّه، وفِي الإصرارِ على القِيَامِ بِالمُهِمَّاتِ الإنسانِيَّةِ الكُبْرَى وَالصُّغرَى، مِنْ جَانِبِ الجَمَاعَاتِ والأَفْرَاد، واللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يُخبِرُنَا أنَّهُ أَقْرَبُ إلينا مِنْ حَبْلِ الوَرِيد، لِلهِدَايَةِ وَالتَّسْدِيدِ وَالتَّوفِيق.

أيها الإخوة

في ذِكرَى المَولِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيف، هذا هو العَالَمُ الذي تَفتَحُ لنا أبوابَهُ وَآفاقَه، دَعوةُ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وشَخْصِيَّتُهُ الكبيرة. لقدِ انْفَتَحَتْ عَيناهُ على عَوَالِمَ مِنَ البُؤسِ وَالحَاجَة، فَبَحَثَ وَبَحَث، وَسَعَى وَسَعَى، وَحَمَلَ دَعوَةَ الخَيرِ لِبَني قَومِه وَلِلعَالَمِ أَجْمَع: ومَا أَرسَلْنَاكَ إلاّ رَحْمَةً لِلعَالَمِين. وَبِهذَا الوَعْي، وَعْيِ العِنَايَةِ والرَّحْمَة، وَالتَّضَامُنِ وَالمَحَبَّة، أَمْكَنَ لَهُ فِي النِّهَايَةِ أَنْ يَفُوز، وَأَنْ يَنْشُرَ الخَيرَ في القَرِيبِ وَالبَعِيد. ما ثَبَّطَتِ المَصَاعِبُ عَزَائِمَه، ولا سَمَحَ لِلعَقَبَاتِ أَنْ تَسُدَّ طَرِيقَه. وَمَا هِيَ العَقَبَةُ أَوِ العَقَبَاتُ التي لا بُدَّ مِنْ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ وَدْفعِ الغَيرِ لِتَجَاوُزِها؟ لِنَعُدْ إلى قِراءَةِ آياتٍ مِنْ سُورَةِ البلد، والبَلَدُ مَكَّةُ في السَّنَوَاتِ الأُولَى لِلدَّعْوَة: فلا اقْتَحَمَ العَقَبَة، وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَة، فَكُّ رَقَبَة، أو إطعامٌ فِي يَومٍ ذِي مَسْغَبَة، يتيمًا ذَا مَقرَبَةٍ أو مِسكِينًا ذَا مَتْرَبَة، ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمنوا، وَتَوَاصَوا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوا بِالمَرْحَمَة. تَجَاوُزُ عَقَبَاتِ النَّفسِ وَالمُجتَمَع، تَكُونُ بِتَحْرِيرِ العَبِيد، والإِطْعَامِ فِي المَجَاعَات، وَرِعَايَةِ الأَيْتَامِ وَالمَسَاكِين. وفِي الحَالَةِ التَّضَامُنِيَّةِ الكُبْرَى هذه، يَقُولُ القُرآنُ لِلنَّبِيِّ وَلِكُلِّ مَنْ قَهَرَ هَذِهِ العَقَبَات، بَلْ يَشْهَدُ لَهُ وَلَهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ قَدْ صَبَرُوا، وَيَكُونُونَ قدِ اتَّصَفُوا بِصِفةٍ مِنْ صِفَاتِ المَولَى عَزَّ وَجَلّ، صِفَةِ المَرْحَمَةِ وَالتَّرَاحُم. والقرآنُ الكريمُ يقول: وتَوَاصَوا، وهذا يَعْنِي أنَّ عَمَلَ الخَيرِ هُنَا مُزدَوِج: أَدَاءُ الوَاجِبِ الخَيرِيّ، والإِيصَاءُ به، أَوِ الدَّعوَةُ إليهِ بِالمَثَلِ الصَّالِح، وَالقُدْوَةِ الحَسَنَة، ونَصِيحَةُ الأَقْرَانِ وَأهْلِ المُرُوءَةِ فِي الأَعمَالِ الاجْتِمَاعِيَّةِ الجَمَاعِيَّة.

أيُّها الإِخْوَة؛

في ذِكرَى المَولِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيف، يَكُونُ علينا نَحنُ المُهْتَدِينَ بِهَدْيِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم، أَدَاءُ الشَّهَادَةِ لِله، ثُمَّ لهُ صَلَوَاتُ اللهِ وسلامُهُ عليه، والذي نَدْعُو اللهَ سُبحَانَهُ في صَلَوَاتِنَا، أَنْ يَجْزِيَهُ خَيرَ مَا يَجْزِي بِهِ نَبيًّا عَنْ أُمَّتِه. فَفِي القرآنِ الكَرِيمِ قولُهُ تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ..﴾ (سورة النساء: 135). ويقول: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْل، وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ .. ﴾ (سورة الحج: 78). في ذِكرَى مَولِدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ إذن، يَكُونُ علينا الاقْتِدَاءُ بِسِيرَتِه، والاهْتِمَامُ بِحَاجَاتِ النَّاسِ المُلِحَّة، بِحَسَبِ القُدْرَةِ وَالحَاجَة. وَهَذِهِ الاسْتِجَابَةُ تَفْتَحُ الطَّرِيق، طَرِيقَ رَسُولِ اللهِ صِلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ على الأَكْبَرِ وَالأَعْظَم، طَرِيقِ الشّهَادَة، وهي هنا شَهَادَةُ الحَيَاةِ الإِنْسَانِيَّةِ الكُبْرَى، مِنْ أَجْلِ القِسْطِ فِي القَولِ وَالعَمِل، والتَّأَهُّلِ لِكَيْ نَكُونَ شُهَداءَ على النَّاس، نَحْمِلُ لِوَاءَ الكَلمَةِ السَّوَاء، بِدُونِ تَقصيرٍ وَلا جَبَرُوتٍ أَوْ كِبْرِيَاء. هي مَسؤُولِيَّاتٌ جَسِيمَة، بِمُقْتَضَى الإيمان، وَبِمُقْتَضَى العَمَلِ الصَّالِح، الذي يَسْتَلْزِمُهُ الإيمان، وأخيرًا للتأهُّلِ لِلشَّهَادَة، بِاعْتِبَارِ السَّعْيِ مِنْ أَجْلِ القُدْوَةِ وَالنَّمُوذَج.

أيُّها الإِخْوَة، أيُّها المُوَاطِنُون؛

في ذِكرَى مَولِدِ النَّبِيِّ مُحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم، نَجِدُ أَنْفُسَنَا مَشْدُودِينَ إلى نَمُوذَجِهِ فِي النِّضَالِ، وفِي الخَيرِ، وفِي السَّعْيِ لِلتَّأَهُّلِ لِلشَّهَادَةِ تُجَاهَ بَنِي البَشَر. الحَالَةُ الاجتِمَاعِيَّةُ عِندَنا في مُنتَهَى السُّوء. والحَالَةُ الاقْتِصَادِيَّةُ كَذَلِك. وَالحَالَةُ السِّيَاسِيَّةُ مُتَصَدِّعَة. وَمَا ظَهَرَتِ الحُكُومَةُ وَأَعْلَنَتْ عَنْ بَرَامِجِهَا فِي وَقْفِ الانْهِيَار، وَفِي المُضِيِّ لِلمُجْتَمَعِ الدَّولِيّ، حتَّى أَحَاطَتْ بِهَا العَقَبَاتُ مِنْ كُلِّ جَانِب. نحن نُرِيدُ لِهذِهِ الحُكومَةِ أَنْ تَعمَلَ وَأَنْ تُنْتِج، وَبِالطَّبْع، فإنَّ الإنتَاجَ غَيرُ سهلٍ في هذِهِ الظُّرُوف، واللهُ سُبحَانَه وَتَعَالَى يقول: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾. فَهَلْ سِيَاسِيُّونَا مُتُأُكِّدُونَ أنَّهُمْ وَطَّنُوا أَنْفُسَهُمْ على الإصلاح، وَالسَّمَاحِ لِلحُكومَةِ بِالعَمَل؟!

وَبِقَدْرِ مَا نَخشَى السِّيَاسِيِّينَ وَنَوَايَاهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ،  وإثارةٍ لِلَّناسِ بَعْضِهِمْ على بعض. نحن نَخْشَى على العَيشِ المُشتَرَك، وَعَلى وَثِيقَةِ الوِفَاقِ الوَطَنِيِّ وَالدُّسْتُور. وهِيَ الثَّوَابِتُ التي لا يَبْدُو أنَّ أحدًا يَأْبَهُ لها وَسْطَ حُمَّى الانتخابات، وَحُمَمِ المَرْفَأ. مَنْ قَالَ إنَّنَا لا نَأْبَهُ لِلعَدَالَةِ فِي جَرِيمَةِ العَصْرِ هذه. إِنَّمَا لِذَلِكَ مَسَارٌ وَاضِحٌ، يَنْبَغِي التزَامُه، لكي لا يَنْقَسِمَ النَّاسُ مِنْ حَولِ العَدَالَة، كَمَا مِنْ حَولِ المَسَارِ السِّيَاسِيّ. نحن نَعتَقِدُ، وَفِي ذِكرَى المَولِدِ النَّبَوِيّ، أنَّ هُنَاكَ مَسارَيْنِ لا بُدَّ مِنَ الْتِزَامِهِمَا مِنْ جَانِبِ المُوَاطِنِين، وَمِنْ جَانِبِ الإدَارَةِ السِّيَاسِيَّة. في الجَانِبِ الاجْتِمَاعِيّ، لا بُدَّ مِنَ التَّضَامُنِ المُنْقَطِعِ النَّظِير، والمُلْتَزِمِ بِالضَّرُورَاتِ الإنسانِيَّة. إنَّهُ لَعَارٌ على القَادِرِينَ مِنَّا الصَّمْتُ عِندَ الشَّكْوَى مِنِ انْعِدَامِ الدَّوَاءِ أوْ غَلاءِ أسْعَارِه، وعِندَ تَصَاعُدِ الأَلَمِ مِنَ الفَقْرِ وَالجُوع. وَعِندَ العَجْزِ أَمَامَ المَرَضِ وَحَاجَاتِ الأَطْفَالِ وَالتَّعلِيم. عِندَمَا نُلاحِظُ الآنَ الآثارَ المُفْزِعَةَ لِوَقْفِ الدَّعْمِ على الحَيَاتَينِ الخَاصَّةِ والعَامَّة، نُدْرِكُ أنَّ دَولَتَنَا دَولَةٌ صَالِحَةٌ واجتماعِيَّةٌ فِي الأَصْل، وَإنَّمَا دَمَّرَ السِّيَاسِيُّونَ قُدُرَاتِهَا وَمُؤَسَّسَاتِها، وَاجِبَاتُ المُوَاطِنِينَ الأَفْرَادِ وَالجَمْعِيَّاتِ الخَيرِيَّةِ صَارَتْ وَاضِحَة. لكنّ بقايا الدَّولَةِ وَالإدَارَة، لا تَقُومُ بِأيٍّ مِنْ وَاجِبَاتِها. وَلِذَلِك، لنْ يَسْتَمْتِعَ الرَّئيس مِيقاتِي بِالصَّمْتِ مِنْ جَانِبِ المُفْتَقِرِينَ إلى الكَهْرَبَاءِ وإلى المَحْرُوقَات، وإلى النَّقْلِ وَإلى المُرَتَّبَات، وإلى فُرَصِ العَمَل، وإلى الأَمْنِ بِشَتَّى أَصْنَافِهِ وَأَلْوَانِه.

وَأَعُودُ فَأُحَذِّرُ مِنْ مَخَاطِرِ التَّسْيِيسِ وَالتَّطْيِيفِ لِلمَسَائلِ الوَطَنِيَّةِ الكُبْرَى.

مَا هَذَا المَسَارُ الانْتِحَارِيُّ الذي يُقبِلُ عليه الجَمِيعُ بِحَمَاس؟! هو مُناخٌ يُذكِّرُ - لِلْأَسَى وَالْأَسَف -  بِبِدَايَاتِ الحَرْبِ الأَهْلِيَّة. وعلى كُلِّ لُبْنَانِيٍّ عَاقِل، أَنْ لا يَدْخُلَ في الانْتِحَارِيَّات، وَأَنْ يُصِرَّ على الدُّسْتُورِ وَالعَيشِ المُشْتَرَك، وَالسِّلْمِ الأَهْلِيّ. ولا شَيءَ غَيرُ ذَلِك!

ما جرى في منطقة الطيونة كان مشيناً ومهيناً ومعيباً أن يحصل بين أبناء الوطن الواحد، فالخلاف في الرأي مشروع، أما الاقتتال في الشارع فمرفوص وممنوع أياً كان السبب، والحل يكون بالطرق السلمية، لا باستعمال السلاح المتفلت في الشوارع وخصوصاً في العاصمة بيروت بقتل الناس وانتهاك حرماتهم، فالإنسان له احترامه وكرامته سواء كان مسلما أو مسيحيا، فالمواطنة حق مشروع لكل من يعيش تحت سماء لبنان، وفي أي منطقة كان منه، فالسلاح لا يجوز أن يشهر بوجه بعضنا بعضاً، لان هذا يؤسس لإشعال الفتنة الطائفية والمذهبية التي لا نسمح لأي كان بإيقاظها، نحن في لبنان دولة لها قوانينها ودساتيرها وقضاؤها وجيشها وقواها الأمنية التي ينبغي التمسك بها لأنها الملاذ الوحيد لحفظ امن الوطن والمواطن.

الانتخابات النيابية ستجري بإذن الله تعالى في العام المقبل وهذا أملنا ورجاؤنا، والتغيير يصنعه الناس باختيارهم الحر بانتخاب من يرون فيه الصلاح والأمانة لتولي أمورهم التشريعية وكل ما يخدم تطورهم وتقدمهم من تقديم مشاريع تعود بالنفع عليهم، وعلى الوطن ككل لا على من يمثل من جماعة أو فئة أو ما شابه ذلك. وان يكون ولاؤه للوطن والمواطن، وبذلك يتحقق التغيير بحسن الاختيار.

في ذِكْرَى مَولِدِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّم، نَتَطَلَّعُ إلى نِضَالِهِ مِنْ أَجْلِ المُجتَمَعِ الأَفضَل، وَمِنْ أَجْلِ الغَدِ الأَفْضَل، وَنَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَهَبَنَا الأَمَلَ وَالرَّجَاء، لِنَكُونَ مِمَّنْ تَنْشَرِحُ صُدُورُهُمْ بَعْدَ العُسْرِ، بِفَضْلِ عِنَايَةِ اللهِ وَرَحْمَتِه.

في العام 1948 أو 1949 وَقَضِيَّةُ فِلَسْطِينَ فِي الأَوْج، حَضَرَتْ ذِكرَى المَولِدِ النَّبَوِيِّ فِي خَاطِرِ الشَّاعِرِ القَرَوِيّ، رَشِيد سليم الخُورِي فِي المَهْجَرِ فَأَنْشَد:

عِــيــدُ  الــبَـرِيَّـةِ عِــيــدُ الـمَـوْلِـدِ الـنَّـبَـوِيّ   

                             فِــي الـمَـشْرِقَيْنِ لَــهُ وَالـمَغْرِبَيْنِ دَوِيّ

عِـيدُ الـنَّبِيِّ ابـنِ عَـبْدِ اللهِ مَـنْ طلعَتْ        

                            شَـمْـسُ  الـهِـدَايَةِ مِــنْ قُـرْآنِـهِ الـعُلْوِيّ

بَــدَا  مِــنَ الـقَـفْرِ نُــورًا لِـلْـوَرَى وَهُـدَىً    

                          يَـــا  لِـلْـتَّمَدُّنِ عَــمَّ الـكَـوْنَ مِــنْ بَــدَوِيّ

يَـــــا  قَـــــوْمُ  هَـــــذا مَــسِـيـحِـيٌّ يُــذَكِّـرُكُـمْ  

                              لا يُـنْهِضُ الـشَّرْقَ إلاّ حُـبُّنَا الأخَـوِيّ

فَــــــإنْ ذَكَـــرْتُـــمْ رَسُــــــولَ اللهِ تــكْــرِمَــةً

                  فَــبَـلِّـغُـوهُ  سَـــــلامَ الــشَّــاعِـرِ الـــقَــرَوِيّ

المصدر : جنوبيات