عربيات ودوليات >أخبار دولية
واقع وآخر تطورات علاج مرض السكري من النوع الثاني في لبنان والعالم في نهاية العام 2021؟
واقع وآخر تطورات علاج مرض السكري من النوع الثاني في لبنان والعالم في نهاية العام 2021؟ ‎الأربعاء 29 12 2021 18:47
واقع وآخر تطورات علاج مرض السكري من النوع الثاني في لبنان والعالم في نهاية العام 2021؟

د. طلال حمود

ثورة علاجية وخيبة من إستمرار تمدّد وإنتشار المرض!؟ (الجزء الأوّل)
١- مقدمة: لا يزال مرض السكري خاصة ما يُطلق عليه "السكري من النوع الثاني" من اخطر الأمراض واكثرها إنتشاراً في العالم. وهو وبرغم "الثورة الكبيرة" التي حصلت خاصةً في مجالات علاجه في السنوات العشرة الأخيرة،  لا يزال يتمدّد خاصة في الدول الفقيرة والنامية بحيث سيبلغ عدد المُصابين به حوالي 730 مليون شخص في العام  2045. فرغم انه يُمكن الحديث عن تقدّم وثورة هائلة في مجالات علاجاته كما سنشير في عدّة مقالات لاحقة مع ظهور عشرات الأدوية الجديدة التي تحمي خاصّة من الإختلاطات والمضاعفات القلبية والشريانية والكلوية لهذا المرض، الا ان اسعار هذه الأدوية لا تزال مُرتفعة بشكلٍ كبير وستكون بكلّ تأكيد حِكراً على الدول الغنية  والمرضى الميسورين والأغنياء فقط، ومن هنا خطورة إستمرار إنتشاره وتمدّده الذي جعل "منظمة الصحة العالمية" تدقّ ناقوس الخطر عدة مرات بسبب ذلك لأنه يصيب وسيصيب ملايين المرضى في الدول ذات الدخل المحدود وسيتسبّب بملايين الأعاقات،  خاصةً واننا نعلم ان مرضى السكري هو السبب الأول في العالم للوصول الى حالة الفشل الكلوي وبالتالي للجوء لغسيل الكلى، وكذلك للإصابة بحالات فقدان النظر ( العمى) وبتر الأطراف بسبب مرض تصلّب شرايين الإطراف وإصابة بالغرغرينا،   ناهيك عن ان حوالي 70 % من المرضى الذين يعانون من مرضى السكري يتوفون نتيجة مشاكل وإختلاطات قلبية وشريانية ومن جلطات دماغية خطيرة وهنا بيت القصيد. كذلك وهناك ظاهرة أخرى مُريبة وهي ايضاً أكثر خطورةً  وهي تتمثّل في وجود اعداد هائلة من مرضى السكري الذين "لا يعرفون انهم مُصابين بهذا المريض"، وهي نسبة مرتفعة ويقدّرها البعض بحوالي 350 مليون شخص في مختلف دول العالم خاصة الفقيرة منها ايضاً ؟!  ومن هنا اهمية  الحملات التوعوية والتثقيفية وبمختلف الطُرق والوسائل الإعلامية المُتاحة حالياً لدفع كل الأشخاص للذهاب للقيام بالقيام بالفحوصات المطلوبة لكشف هذا المرض الخطير وهذا ما كان شعار الحملة الوطنية التي اطلقتها الجمعية اللبنانية للغدد الصماء والسكري والدهنيات، في 14 تشرين الثاني الماضي بمناسبة اليوم العالمي للسكري، تحت عنوان "تفادى الـ100"، لهدف تسليط الضوء على أهميّة الكشف المُبكر للسكّري، من خلال إختبار بسيط يُعرف بفحص السكّري الصائم (Fasting blood sugar test)، لإكتشاف مرحلة ما قبل السكّري مبكرًا؛ وهي الخطوة الأولى  والأياسية في سلسلة التحوّل والوصول إلى ​مرض السكري​ المُزمن وتجنّب مضاعفاته الخطيرة.
وقد شدّدت الحملة يومها على أبعاد نسبة 100 ملغ/ديسيلتر لمستوى السكّر في الدم، من خلال فحص السكّري الصائم السهل والعملي، لما  لهذا الرقم من دلالات كبيرة لدى الفئات الأكثر عُرضة للإصابة بهذا المرض. خاصة وانه يُعتبر مُؤشّر للتحوّل المبكّر إلى مرض السكّري. وقد ركّزت الحملة على اهمية التوعية حول مخاطر الوصول إلى هذا الرقم، الّذي يُظهره فحص السكّري الصائم والمضاعفات الناجمة عنه.
وهدفت إلى تثقيف العامّة حول كيفيّة إدارة مرحلة ما قبل السكّري، والتشجيع على عدم تجاهل العلامات المُبكرة من خلال استشارة الطبيب للحدّ من تطوّرها بسبب الإختلاطات الخطيرة التي ذكرناها.
أ-بعض الإحصاءات والأرقامِ المُخيفة عالمياً: مَن منّا لايعرفُ أن مرضَ السُكّري يُشكّل حالياً هو والبدانة احد اهم واخطر أمراض العصر بلا اي مُنازع. وهما حقّاً حالياً “مُشكلة صُحيّة عالميه، خطيرة وشائعة” تسعى جميع الحكومات في العالم ِللحدّ منها. خاصةً وأنه في كل ثانيةٍ تمرّ هناك شخصٌ يتوفى من مرضِ السُكّري في مُختلف أنحاءِ المعمورة. وفي كل عشرة ثواني تمرّ يتمّ تشخيصُ حالتين جديدتين من السُكّري. وهو يقتلُ بشكلٍ صامتٍ في اغلب الأحيان حوالي 3 ملاين ونصف شخص سنوياً. والأخطر في كل ذلك انّ كل هذه الأرقام في حالهِ ازديادٍ وتفاقم مُستمرٍ ومُخيف كما يتوقّع كل الخبراء. بحيث تُشير الأحصاءات العالمية إلى أن هذا المرضَ لايزال في توسّعٍ مُستمرٍّ في السنوات الأخيرة. ففي حين كان عدد المُصابين به حوالي 171 مليون في العالمِ سنة 2000. من المُتوقع أن ترتفع أعداد المُصابين به إلى 450 مليون مريض او اكثر في عام 2030  والى حوالي 730 مليون شخص في العام  2045 كما ذكرنا سابقاً. ومن المُهمّ هنا أن نُشير أن هذه الزيادة العالمية تحصل أكثر في الدول النامية حيث أن مُعدّل الزيادة بين سنة 2000 وسنة 2030 يصل إلى 284% في دول أمريكا الجنوبية و 260% في أفريقيا 263% في دول الشرق الأوسط
و 204% في الصين و 251% في الهند.
بينما تبلغ نسبةُ الزيادة مستويات أقلّ
ً خطورة في أوروبا (41%) وفي أمريكا الشمالية (72%) وفي أستراليا (65%). ب- إنتشاره في الشرق الأوسط والدول العربية ولبنان : اوضحت بعض الدراسات والإحصاءات الحديثة أن حوالي 81 مليون شخص في الشرق الأوسط يُِعانون حالياً من مرض السكري، وان هذه الأعداد تتزايد بشكلٍ مُستمرّ في معظم دول الشرق الأوسط وعند الرجال والنساء على حدٍ سواء. ويصلُ المُعدّل الوسطي لإنتشار هذا المرض في دول الشرق الأوسط إلى %9.2 عند الأشخاص البالغين 20 إلى 79 سنة. وُنقدّر أن من بين أعلى 10 مراتب في نسب السكري في العالم هناك 6 دول منها توجدُ في الشرق الأوسط. بحيث تتراوحُ نسبته بين 3% في إيران وحُوالي 21% في الإمارات العربية المتحدة. وهناك ارقام مُماثلة في معظم دول الخليج العربي. ومِمّا يزيدُ من خطورةِ هذا المرض هو أن حوالي ربع المرضى الذين يحملون أو يُعانون من هذا المرض لا يشكون من أية أعراض ٍسريرية. وقد تمرُّ سنوات عديدة من تفشّي آثار هذا المرض في أجسامهم دون أن يلتفتوا إلى ذلك أو أن يبدأوا في علاج مرضهم. وهنا تكمُن أهمّيةُ الكشف المُبكر عن هذا المرض عن طريق إجراء مسح شاملٍ في المُجتمع. لأن ذلك قد يسمحُ بتشخيصِ المرض قبل 10 الى 12 سنة قبل بداية حصول الأعراض وظُهور العلامات البيولوجية والسريرية له. ولهذا الكشف المُبكر قيمة كبيرة في الوقاية من ذلك وفي علاج مرضى السُكّري بشكلٍ فعالٍ.
 وتصلُ هذه النسب إلى حوالي %15 في لبنان وهو ايضاً آخذ بالإزدياد نتيجة لتغيير انماط الحياة ولإزدياد عدد المُصابين بالبدانة وتفشي ظاهرتي النظام الغدائي الغير "صحي وسليم" وكذلك الخمول والكسل وعدم الحركة وعدم القيام بتمارين رياضية لأسباب متعددة لا داعي لتفصيلها.    
٢-اسباب الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني:
دون الدخول في تفاصيل هذا الملف الشائك نشير بسرعة الى "اهمية العوامل الورائية والجينية" التي لها دور اساسي ومعروف في زيادة نسبة الإصابة بهذا المرض. ونحن نعرف ان "مرض السكري من النوع الثاني" يَحدث بسبب خلل في عمل “هرمون الإنسولين” وعدم إستجابة خلايا الجسم له، وهذا ما يُطلق عليه "ظاهرة مقاومة الأنسولين"
(Insuline resistance) أو بسبب النقص الكبير في إفرازات ومستويات الإنسولين في الجسم في مراحله المُتقدّمة ومع التقدّم بالسنَ وكل هذه العوامل مرتبطة بعوامل وراثيةً معروفة.
ولكن لهذا النوع من السكري عوامل اخرى  تشترك مع بعضها البعض لتُسبّب حدوثه، وهي تتضمن :
أ-زيادة الوزن والبدانة بشكلٍ اساسي. ولذا فإن إنقاص الوزن الزائد يُعتبر من أهم النصائح الأساسية لتقليل احتمالات الإصابة بمرض السكري وهو ما تنصح به كل الجمعيات العلمية العالمية الناشطة حالياً لمكافحة ظاهرة البدانة التي تُعتبر من اهم التحدّيات التي تواجهها حالياً وستواجهها البشرية في السنوات القليلة القادمة.
ب-إتّباع نظام غذائي "غير صحي" او "غير سليم" يتناول فيه المريض كميات كبيرة من السكريات او الكربوهيدرات والدهنيات المُشبعة الضارّة. وهو ظاهرة مُنتشرة ايضاً بشكلٍ خطير في السنوات الأخيرة. فالتغذية غير الصحية هي من احد  أهم أسباب الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. ولذلك يجب علينا محاربة هذه الظاهرة المُنتشرة حالياً في مجتمعاتنا بكل الوسائل بسبب تغيير نمط الحياة والإعتماد الكبير على الوجبات السريعة والمشروبات الغازية الغنيّة بالسكريّات والتأثير الهائل للشركات التي تُنتج وتُسوّق هكذا مأكولات ومشروبات وبسبب الدعاية الخبيثة التي تعتمد عليها هذه الشركات للدخول الى كل منزل.
ج-الخمول والكسل وعدم ممارسة الرياضة بإنتظام خاصة مع الجلوي لساعات طويلة امام شاشات التلفزة او امام الحاسوب…