لبنانيات >أخبار لبنانية
مصرف لبنان يفضح المصارف: لا مبرر لاحتجاز رواتب الموظفين
مصرف لبنان يفضح المصارف: لا مبرر لاحتجاز رواتب الموظفين ‎الأربعاء 16 03 2022 11:46
مصرف لبنان يفضح المصارف: لا مبرر لاحتجاز رواتب الموظفين

جنوبيات

فضح مصرف لبنان نيّة المصارف تحريض العملاء عليه، محمّلاً إياها بشكل غير مباشر مسؤولية خفض سقوف السحوبات بالليرة اللبنانية واحتجاز الرواتب والمساعدات الاجتماعية المُستحقة لموظفي ومتقاعدي القطاعين العام والخاص. فبعد تنصّل جمعية المصارف من مسؤوليتها تجاه صرف مستحقات الموظفين والمتقاعدين ورميها الكرة في ملعب مصرف لبنان، حين اتهمته بتحديد سقف لسداد المساعدات الاجتماعية نقداً للموظفين عند 60 في المئة فقط، خرج الاخير -أي مصرف لبنان- عن صمته ليُعيد الكرة إلى ملعب المصارف معلناً أن لا سقوف ولا قرارات تمنعها من سداد كامل مستحقات الموظفين نقداً وأنه بإمكانها شراء ما شاءت من الليرات عبر منصة صيرفة.

تقاذف مسؤوليات بين المصارف والمركزي


مع ارتفاع صرخة الموظفين والمتقاعدين والمستشفيات والكثير من المؤسسات، اعتراضاً على تقنين المصارف لعمليات سحب الليرة اللبنانية بكافة التعاملات، بما فيها سحب الرواتب والمخصّصات والمساعدات، وبعد تلويح مجموعات من الموظفين والمتقاعدين باقتحام المصارف، وإعلان المستشفيات ما يُشبه الإجراءات العقابية لموظفي المصارف وموظفي مصرف لبنان، بادرت حينها جمعية المصارف إلى تبرئة نفسها من مسؤولية احتجاز رواتب الموظفين، فنسبت قرار دفع 60 في المئة من المساعدات الاجتماعية إلى مصرف لبنان، مؤكدة أن المصارف تدفع للموظفين النقد الذي يتيحه مصرف لبنان بالكامل، وهي لا تملك قرار طباعة العملة ولا القدرة على تعديل قرارات السلطة النقدية أي مصرف لبنان، والتنفيذية أي وزارة المال.

موقف المصارف واستنفار القطاعات المتضررة من إجراءات احتجاز الرواتب والأرصدة بالليرة، استدعى رداً من مصرف لبنان “فضح” فيه ادعاء المصارف بأن البنك المركزي هو من يحدّد لها الكوتا بالليرة اللبنانية، ليتبيّن من رد مصرف لبنان أن لا كوتا بالليرة ولا سقوف للرواتب والمساعدات.

وقد ذكّر البنك المركزي في ردّه على المصارف أنه بإمكانها الحصول على الليرة اللبنانية من خلال بيعها للدولار الاميركي الورقي على سعر منصة Sayrafa لدى مصرف لبنان، وأنه باستطاعتها تأمين حاجات المودعين لديها بالليرة اللبنانية، من دون التقيد بالكوتا التي يمنحها لها مصرف لبنان، ورأى مصرف لبنان أن على المصارف ألا تخفض سقوف السحوبات لزبائنها شهرياً بالليرة اللبنانية نقداً، طالما لديها الإمكانيات عبر تأمين السيولة بالليرة اللبنانية عن طريق Sayrafa. مؤكداً ان لجنة الرقابة على المصارف ستقوم بالتأكد ميدانياً من وضع السيولة لدى المصارف.

بعيداً عن نوايا مصرف لبنان من فرضه على المصارف الاستحصال على الليرة والدولار عبر منصة صيرفة وممارسته، ما يشبه “إعادة تدوير” الأموال والعملات في السوق، بات من الثابت أن المصارف تحاول ممارسة الضغوط على المواطنين لتوفير سيولتها حتى على حساب حرمانهم من رواتبهم ومستحقاتهم والمساعدات الاجتماعية المخصّصة لهم.

استنفار المستشفيات بوجه المصارف

أمام ممارسات المصارف، لم تقف العديد من القطاعات مكتوفة الأيدي، بل منها مَن ردّ بإجراءات أكثر قساوة وإيلاماً من تلك المفروضة من المصارف، وأكثر المواقف تشدّداً جاء من قبل نقابة المستشفيات الخاصة التي ردّت على المصارف بفرضها على موظفيهم وموظفي مصرف لبنان وعائلاتهم ومن هم على عاتقهم سداد فواتيرهم الاستشفائية أو الخدمات الطبية الخارجية كاملة بالدولار الأميركي الفريش أو ما يوازيه بالليرة اللبنانية، وفق سعر صرف السوق السوداء. ولم تتردّد المستشفيات بإعلان موقفها الضاغط على المصارف ومصرف لبنان صراحة بأنه الرد على إجراءات المصارف.

إذاً، ابتداء من 1 نيسان 2022 ستبدأ المستشفيات بتكليف جميع موظفي المصارف ومصرف لبنان، ومن هم على عاتقهم، بتسديد فواتيرهم عند أي دخول للاستشفاء أو لخدمات خارجية، نقداً بالدولار أو ما يوازيه بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف في السوق، ووفقاً للتعرفات المعمول بها في المستشفى. وذلك مهما كانت الجهة الضامنة التي يستفيدون منها، مع مراعاة الحالات الحرجة التي يمكن أن تشكل خطراً على حياة المريض، عازية الأسباب إلى اتخاذ المصارف قراراً بعدم تسديد أجور موظفي المستشفيات الموطنة لديها، وفرضها على المستشفيات تأمين الأموال النقدية اللازمة بأكملها أو بمعظمها كي تسدد هذه الأجور ضمن سقوف السحب التي يحددها كل مصرف.

وإذ اعتبرت المستشفيات الإجراء المتخذ من قبل المصارف مجحفاً وخطيراً، لأنه يحرم موظفي المستشفيات من أجورهم، رأت أنه أمر غير المقبول بتاتاً ولا يمكن السكوت عنه في أي حال من الأحوال، لا سيما بعد اتخاذ مختلف المتاجر والسوبرماركت قراراً بحصر قبول المدفوعات إما نقداً 100 في المئة أو 50 في المئة نقداً على الأقل.

وأوضحت المستشفيات أنها تعاني من صعوبات مالية لا سيما لجهة تأمين الأموال النقدية وما يفرضه مستوردو الأدوية والمواد الطبية وسائر المشتريات غير الطبية من محروقات ومأكولات وسواها عليها، من دفع ثمنها نقداً، بحجة السياسة النقدية التي تتبعها المصارف، والتي بدورها تلقي باللائمة على تعاميم مصرف لبنان، علماً أن معظم مقبوضات المستشفيات تتم إما بواسطة الشيكات أو بواسطة حوالات مصرفية، أما الأموال النقدية التي تدخل إلى المستشفيات فلا تغطي سوى جزء بسيط جداً من حاجاتها النقدية.

بين الضمان والمصارف

أما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو الآخر يتم حجب رواتب موظفيه ومساعداتهم الاجتماعية، فلم يسكت موظفوه. إذ طالبت نقابتهم الإدارة العامة للصندوق بسداد الرواتب نقداً من المندوبين المعتمدين بسبب رفض المصارف تسديد التحويلات النقدية لرواتب المستخدمين والعاملين في الضمان الاجتماعي، إثر الإجراءات التعسفية التي تتخذها المصارف بتحديد سقوف شهرية مخالفة لقانون النقد والتسليف.

وقد جاء طلب موظفي الضمان إثر اتخاذ نقابة أصحاب السوبرماركت قرارها بعدم السماح باستعمال البطاقات المصرفية إلا بنسبة 50 في المئة من المشتريات، في ظل رفض العديد منها قبول البطاقات المصرفية، وإثر رفض محطات المحروقات أيضا قبول البطاقات المصرفية، وحيث أن الصندوق بإمكانه تسديد رواتب وملحقات المستخدمين والعاملين من صناديقه المالية في كل مركز من مراكزه، لا سيما أن صناديق المحاسبة في الضمان الاجتماعي تودع يومياً لدى المصارف مليارات الليرات على مختلف الأراضي اللبنانية.

ووفق معلومات “المدن” فإنه بات مطروحاً على إدارة الضمان الاجتماعي البحث الجدّي بمسألة سداد رواتب الموظفين نقداً، أقله في المرحلة الراهنة، وعدم تحويلها إلى المصارف، غير أن الأمر لن يكون بهذه السهولة وهو يحتاج إلى قرارات حاسمة وإجراءات مالية تخفف قدر الإمكان من الضغوط على الموظفين

المصدر : المدن - عزة الحاج حسن