بأقلامهم >بأقلامهم
مطلوب حملة لإلغاء حق "الفيتو"
مطلوب حملة لإلغاء حق "الفيتو" ‎الاثنين 19 06 2023 09:29 هبه بيضون
مطلوب حملة لإلغاء حق "الفيتو"

جنوبيات

في الوقت الذي تسعى فيه فلسطين للحصول على العضوية الكاملة غير المنقوصة في الأُمم المُتحدة، نجد أن العراقيل أمام هذا الطلب لا زالت مُستمرة، من أهم تلك العراقيل هو حق النقض "الفيتو" الذي تمارسه الولايات المُتحدة لمُواجهة أيّ قرار ضُد ويدين "إسرائيل"، كما أنه يعرقل تحقيق الأهداف الفلسطينية المشروعة في إقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس، نتيجة اعتراضات الولايات المُتحدة على العديد من القرارات التي تصب في هذا الهدف الوطني والمشروع.

وطالما بقي هناك ما يسمى "الفيتو"، فإنّ التهديد مُستمر، والحل الوحيد الذي يمكن من خلاله اجتثاث مثل هذا التهديد المستمر بحق فلسطين وأهداف الفلسطينيين المشروعة في نيل الحرية والاستقلال، هو إلغاء ما يُسمّى بحق النقض "الفيتو" من الوجود الدولي.

قد يعتقد البعض أنّ هذا الطرح شبه مُستحيل، وأقول شبه، لأنّه ثبت عبر الزمن بأنّه لا يوجد شيء مُستحيل، وما كان ينظر له بهذا المنظار في وقت من الأوقات، أصبح مُمكناً في وقت آخر، حيث لا يوجد ثابت، وكل ثابت هو متغير.

ولجعل طرحي مُمكناً، علينا طرح عدة أسئلة لذوي الاختصاص من القانونيين والباحثين والضليعين بالشأن الأممي وغيرهم، وذلك للبحث وإيجاد الإجابة التي تجعل ما طرحته ممكناً، عالأقل بالخطوة الأولى، من ضمنها:

ما هو تاريخ منح حق النقض "الفيتو"؟ لماذا استوجب أن يكون هناك حق "الفيتو" الذي هو حق الاعتراض للدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن؟ ما الهدف من إعطاء مثل هذا الحق؟ وما هي الظروف الدولية التي كانت سائدة عند منح تلك الدول ذلك الحق؟ وإلى أيّ مدى يخدم حق الفيتو الأمن والسلم الأهليين؟ وإلى أيّ مدى يخدم حق الفيتو العدالة ويحقّقها للدول والشعوب المغلوب على أمرها؟ وكم عدد المرات التي عطّل فيها حق "الفيتو" إحقاق الحقوق واتخاذ قرارات عادلة؟ وكيف منطقياً يمكن لصوت واحد لدولة واحدة كسر وتعطيل إرادة المجتمع الدولي، وبأقله كسر إرادة عدد من الدول تجاه قضية معينة؟ وكيف يكون ذلك ديمُقراطياً في عالم أصبح يتغنّى بالديمُقراطية، ويتذرع بغيابها في إزاحة أنظمة عريقة عن الوجود؟

في ظل تلك التناقضات التي تبدو في حفنة أسئلة، ويمكن أيضاً طرح المزيد منها، نجد أنّ هذا الحق يثير التساؤلات المنطقية والمشروعة، وفي عالم يتغير بصورة جذرية من حيث الأنظمة، نتساءل لماذا يبقى حق الفيتو بصورة دائمة ومسلم من المسلمات، دون الأخذ بالاعتبار التغيرات على جميع الأصعدة وعلى جميع المستويات الإقليمية والدولية، وعلى اختلاف موازين القوى والمعادلات؟ لماذا على الدول المتضرّرة بصورة مستمرة من هذا الحق، أن تقبل به وتستسلم وتبقي مصيرها بيد دولة منحت حق النقض لاعتبارات معينة في زمن مضى، وأيّ من تلك الدول الخمسة، مهما كبرت، هي أضعف من بقية الدول مجتمعة، لماذا يجب أن تغلب إرادتها على مصالح العالم أجمع؟؟

لست متأكدة من نتيجة الإجابات التي قد تصدر من البحث والدراسة المعمقة بالموضوع، ولكن يمكن أن أقول بأنني متأكدة أنه آن الأوان لأن نفكر خارج الصندوق، وأن ننظر إلى الأفق البعيد، وأن نجعل اللامُمكن ممكناً بالموضوعية وبالمنطق وبالإرادة، ومن هنا أطالب بإقامة حملة شعبية كبيرة على مستوى العالم تطالب بإلغاء هذا الحق لجميع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وأن يتم وضع خطة قابلة للتطبيق حول الخطوات الواجب إتباعها للمضي قدماً وبصورة تدريجية للمطالبة بإلغاء الفيتو، حتى لو تطلب الأمر اللجوء للمحاكم الدولية للبت بالأمر.

لنتخيل العالم بدون حق "الفيتو"، حيث تؤخذ القرارات بالإجماع، وبحيث تسود الديمقراطية ورأي الأغلبية، دون اعتراض ودون تهديد بالاعتراض ودون تخوف من الاعتراض.

المصدر : جنوبيات