بأقلامهم >بأقلامهم
"صنع النّجاح"!
"صنع النّجاح"! ‎الخميس 16 11 2023 08:40 القاضي م جمال الحلو
"صنع النّجاح"!

جنوبيات

يُروى لدى العرب أنّ إحدى النّساء قد تزوّج عليها زوجها حبًّا بـ "المثنى". وعندما علمت الزّوجة بأمر الزّواج، أخفت علمها و"أدارت الأذن الطرشة"، ‏وبقيت مع زوجها كأنّ شيئًا لم يكن، وسارت اﻷمور من حسن إلى أحسن وعاشت حياتها مع زوجها في تفاهم ووئام. وظلّت‏ حوالى الستّة عشر عامًا وهي على هذا الحال، "سعيدة ومرتاحة وحياتها على أفضل ما يرام".

وبعد فترة من الزمن ‏مات زوجها وانتهت أيّام العزاء، ‏واجتمع أهل زوجها معها بغية إعلامها بموضوع زواج المرحوم عليها طوال هذه المدّة الطويلة. وكانوا على حيرة من أمرهم بكيفيّة إخبارها الموضوع. فقام والد زوجها وبادرها بالقول (وقلبه يرتجف خوفًا من ردّة الفعل): ‏
يا كنّتي الحبيبة هناك موضوع ضروريّ ينبغي أن تعرفيه، ‏ولا يقضي أن تحمّليه أكثر ممّا يحتمل. عندها ‏قالت الأرملة الطّروب:
 ‏لا تقل أي شيء يا عمّاه! إنّي على علم أنّ ولدك كان متزوّجًا عليّ.
‏تفاجأ الأب وقال :
 وأنت صابرة ومحتسبة وكأنّ شيئًا لم يكن؟!
 أجابت وبروح الواثق : ‏
ماذا تريدني أن أفعل إزاء ذلك؟
‏لو افتعلت ضجّة ولجّة، وزعلًا وزغلًا، لكان ولدك قسّم الليالي بيني وبينها، 
‏وقسّم المصاريف بيننا، ‏وإذا غضب منّي ذهب إليها وتركني. لكنّني أخفيت عنه معرفتي بالموضوع، واعتبرت نفسي لا أدري بأمر الضرّة كي لا تصبح عيشتي مرّة. وبقي ولدك "كلّ الليالي عندي"، ‏ويناغيني كي لا أعرف بزواجه الثاني.
‏وزادت مصاريفي، وكثرت الهدايا، وأصبح للسفر رفيقًا، وللنزهات صديقًا. 
‏وكان يطلب الرضى ويخطب الودّ، ويخشى غضبي. وكان يحرص دومًا على أن لا أكشف أمر زواجه الآخر كي لا يعيش على أعصابه. رحمه الله عشت حوالى الـ"16 سنة" بعد زواجه من الثانية،
‏وأنا ملِكة وأحيا في دلالٍ أكثر من أي وقت عشته قبل زواجه الثاني.

فعلًا، ‏هكذا يُصنع النّجاح من وسط الكارثة.
يقال أنّ ‏إبليسًا سجّل عندها في ثلاث دورات متتالية: 
‏- دورة في تطوير الذّات.
‏- دورة في أمن المعلومات.
‏- دورة في إدارة الأزمات.

 

المصدر : جنوبيات