في التشخيص، اسرائيل تمارس "الاستعطاف". ما يلاحظه بزي هو ان "ادرعي ومن وراءه يعتبرون ان الاستعطاف بدأ يلاقي آذانا صاغية، ويدخل ضمن استخدام نقاط ضعفنا". ولا لبس في الامر. "اسرائيل تحاول ان تقدم نفسها ضمن هذه المعايير الانسانية، بما يناقض صورتها التاريخية التي تقول بانها دولة عدوانية قائمة على الهجوم، وجيشها دفاعي".
"كراتين" و"منسف"... وتجنيد
لبنان في المواجهة، تحت مراقبة العدو الاسرائيلي المتهكم اخيرا في موضوع "وفاة 13 سوريا تجمدوا على حدود لبنان". كل يوم، يومين او اكثر، يوجه رسالة جديدة. اسرائيل "الانسانية والقوية" متأهبة ايضا لقتال "حزب الله". "نراكم"، "نراقبكم دائما"، "نتعقب آثاركم على الحدود اللبنانية"، على ما جاء في فيديو حديث نشره أدرعي.
المعنويات عالية، و"جهوزية للمواجهة"، من دون ان تنسى اسرائيل تأكيد "عبقريتها". بوستات دعائية بامتياز. في القراءة اللبنانية، "يتدخل الاسرائيليون في خصوصياتنا، ويفتشون عن نقاط ضعفنا، ويحاولون التأثير على تناقضاتنا الداخلية، وتحقيق شيء مواز في اطار هذه الحرب المتبادلة"، على قول بزي.
محاولات يومية. غير ان ما يسوّقه الاسرائيليون، من خلال صفحاتهم العربية، ليس مفاجئا اطلاقا. "انها الاهداف القديمة نفسها. التطبيع مع اسرائيل، محاولة انسنتها، وجعلها كيانا طبيعيا في العالم العربي"، على ما يقول عفيف. وابعد من التطبيع، هناك "محاولة تجنيد" عملاء لبنانيين لها. بالنسبة اليه، "هذه الصفحات الاسرائيلية بالعربية من وسائل التجنيد لها".

صفحات "جذابة"، "جميلة"، محاولة اسرائيلية لـ"التخاطب الآمن" مع سكان المنطقة. "بهذه الطريقة، تريد اسرائيل ان تكسر الحواجز المعنوية والنفسية معها"، على ما يضيف. وتستميت لنيل الاعجاب و"اللايكات"، وتتذاكى عبر معايدة المسلمين في اعيادهم، واستخدام الأكل العربي للتقرّب منهم. لحم بعجين هي الوجبة التي اختارها اليوم "المنسق" الاسرائيلي. "اي من هذه المأكولات كانت الاحب على النبي محمد؟ المنسف؟ الثريد؟" من الاسئلة التي سألها ايضا ادرعي واجاب عنها. في المزاعم، فازت في التصويت صورته وهو يعايد المسلمين بشهر رمضان امام مائدة شهية.

الحرب الناعمة
بِيَد تلطّف اسرائيل الاجواء وتظهر تقاربا. وباليد الاخرى، ترفع الاصبع متوعدة. وطبقها المفضّل التهجم على "حزب الله" وتهديده، بما يبيّن ادمانها على رفع معنوياتها. هزأ ادرعي من الجواب الذي اعطاه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله حول راتبه، وذلك بواسطة مقاطع من اغان عربية. وفي اول الشهر، وقف عند الحدود الاسرائيلية- اللبنانية، مخاطبا "حزب الله" بالعربية، وبين يديه كراتين كتب عليها جملا. "ان تجرأتم فاجأناكم". انذار اسرائيلي رد عليه لبنانيون باستهزاء: "أدرعي يهدد الضاحية بالكراتين"!
رسائل اسرائيلية لا يجد فيها مراقبون لبنانيون ما ينذر بالخطر. "لا، لا نبني على هذه الرسائل استنتاجات، كأن هناك تصعيدا ما"، على قول بزي. "هذا النوع من السجالات يهدف اكثر الى ضرب المعنويات. انه عمل ميداني، لان الصراع هو صراع المعنويات، خصوصا مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي. هذا النوع من الرسائل يشكل حالة استقطاب سريع. ويضطر الطرفان الى ان يكونا حاضرين في هذه الوسائل".

بالنسبة الى "حزب الله"، تأثير هذه الرسائل معدوم. "لا نتأثر برسائل أدرعي ومضمونها"، على ما يؤكد عفيف. واضح في رأيه ان "اسرائيل مهتمة حاليا بوسائل الحرب الناعمة". والملاحظ ايضا، من خلال التدقيق في اسماء بعض المعلقين على "البوستات" في هذه الصفحات الاسرائيلية، "انها مستعارة، وقد اختيرت لتوحي بان اصحابها من السنة او الشيعة، ومهمتها تأجيج الصراع بين المسلمين، او الايحاء بان هناك صراعا بينهم. بهذه الطريقة، يعمل عناصر المعلوماتية الاسرائيلية".
تجاه "التسلل الناعم لاسرائيل" الى لبنان، يشدد عفيف على اهمية "الحصانة الوطنية"، و"تطوير اوسع لقوانين مقاطعة اسرائيل وتجريمها"، مع وجوب "تشدد الاجهزة الامنية اللبنانية في التعامل مع هذه الصفحات الاسرائيلية، المباشرة وغير المباشرة". هذه الصفحات تستدعي، في رأيه، الحذر و"التحذير منها"، والتنبّه الى "التأثير الذي يمكن ان يكون لها على الشباب" على المدى البعيد.
النهار