عام >عام
عشية لقاء ترامب ونتنياهو.. دعم لـ"إسرائيل" دون أحادية التفرّد
وتريّث بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس
عشية لقاء ترامب ونتنياهو.. دعم لـ"إسرائيل" دون أحادية التفرّد ‎الثلاثاء 14 02 2017 01:04
عشية لقاء ترامب ونتنياهو.. دعم لـ"إسرائيل" دون أحادية التفرّد

هيثم زعيتر

‎أدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الولايات المتحدة الأميركية والعالم مرحلة جديدة، يتوقّع المراقبون أنْ يكتنفها الكثير من المفاجآت والمغامرات، تردّداً لزلزال فوزه بانتخابات الرئاسة الأميركية.
‎وفي طليعة الدول المعنية بهذا التغيير الأميركي، المنطقة العربية والشرق أوسطية، وفي الصدارة القضية الفلسطينية، حيث يتضح الانحياز لصالح الكيان الإسرائيلي، وليس اقتصار الأمر على المواقف الإعلامية، بل خشية تنفيذ الوعود الانتخابية، ويبرز في طليعتها نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، فضلاً عن الاستيطان، وغيرها من الملفات.
‎ومن المتوقّع أيضاً أنْ يتم بحث هذه الملفات مع غيرها مما يتعلّق بالملفين السوري والإيراني، خلال اللقاء الأوّل بين ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غداً (الأربعاء) في البيت الأبيض.
‎ويعوّل الإسرائيليون كثيراً على ترامب، حيث يعتبرون أنّه منذ وصوله إلى البيت الأبيض، بدأت العلاقات تعود إلى وضعها الطبيعي، ملمّحين إلى الفتور وعدم الثقة خلال ولاية باراك أوباما، على الرغم من أنّه مدَّ "إسرائيل" - قبل مغادرته - بأكبر اتفاقيات، بلغت قيمتها 40 مليار دولار أميركي، للسنوات العشر المقبلة، وهو ما لم تقدّمه أيّ إدارة سابقة، بينما لم يقدّم شيئاً للقضية الفلسطينية.
‎وأيضاً أنّ فريق العمل المحيط بالرئيس الأميركي الجديد، مؤيّد لـ"إسرائيل" والصهيونية والاستيطان، وهو مَنْ يتولى إملاء الشروط.
‎ويصل الأمر إلى طرح احتمال، إقدام الإدارة الأميركية على إطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط، وليس بالضرورة مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل بالعمل على تعزيز العلاقات الإسرائيلية - العربية، وهو ما يمكن أنْ يربك الفلسطينيين، ويعطي دوراً رئيسياً للكيان الإسرائيلي.
‎وفي طليعة الملفات التي ستُبحث في لقاء البيت الأبيض، نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وما يعنيه ذلك، وما له من تداعيات ومخاطر.
‎قرار نقل السفارة الأميركية لم يكن جديداً، بل صدر عن الكونغرس الأميركي (23 تشرين الأوّل 1995)، عبر "قانون سفارة القدس لسنة 1995"، ونص على الشروع بتمويل عملية نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وذلك في أعقاب توقيع اتفاق "أوسلو" النهائي (28 أيلول 1995)، على أنْ يتم ذلك في حدٍّ أقصى هو 31 أيّار 1999، مع التأكيد على أنْ تبقى القدس مدينة موحّدة "عاصمة إسرائيل"، لكن تُرِكَ للرئيس أمر تقرير ما إذا كان ذلك يضر بالمصالح العليا للولايات المتحدة أو لا، لأنّه يقع ضمن صلاحياته، كأعلى سلطة تنفيذية.
‎ورأى المستشار القانوني لوزارة العدل الأميركية أنّ هذا القانون غير دستوري، وينتهك صلاحيات الرئيس، فضلاً عن أنّ الرؤساء الأميركيين منذ تلك الفترة، رفضوا التخلّي عن مسؤولياتهم الدستورية.
‎وامتنع بيل كلينتون وجورج بوش - رغم وعدهما بذلك خلال الحملات الانتخابية - عن التنفيذ، فيما عمد أوباما إلى تناسيه.
‎عدم إقدام الرؤساء الأميركيين على نقل السفارة، بعد تسلّمهم مقاليد الحكم، كانوا يُراعون فيه الجوانب القانونية والدستورية، والقرارات الدولية، التي لا تُقر بالضمّ الإسرائيلي للقدس الشرقية، والتي تعتبر ضمن قضايا الحل النهائي مع اللاجئين، وتجنّباً لتداعيات ذلك فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودولياً، لما يُشكّله من اعتراف أميركي بالقدس عاصمة موحّدة للكيان الإسرائيلي، وقضاءً على حل الدولتين، ما يؤدّي إلى احتمال إفشال أي إمكانيات للتسوية.
‎تداعيات قرار نقل السفارة!
‎الرئيس الأميركي، صاحب الموقف الأكثر وضوحاً بشأن نقل السفارة، أكد أنّه "من السابق لأوانه الحديث عن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس"، ومردُّ ذلك:
‎- ليس مسايرة للفلسطينيين، بل انطلاقاً من مصلحة الولايات المتحدة أولاً.
‎- إنّ إمكانية تنفيذ النقل يمكن أنْ يتّخذها في أي وقت يشاء من ولايته.
‎- تلقّي الرئيس الأميركي نصيحة من مسؤولين أمنيين إسرائيليين - سرّاً - يحذّرون من خطورة الخطوة.
‎- إمكانية الإضرار بالمصالح الأميركية، وإضعاف مواقف حلفائها في المنطقة، وكوسيط في تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي، وصولاً إلى احتمالات ردود الفعل، نظراً إلى قيمة المدينة المقدّسة، وما يمكن أنْ تفتعله جماعات تشكّك بالنوايا الأميركية، ما يؤدّي إلى نتائج كارثية وانفجار في المنطقة.
‎- إنّ 86 سفارة في "إسرائيل" لا يوجد أي منها في القدس، وهو ما سيحرج الدبلوماسية الأميركية، خاصة أنّ روسيا، الصين، اليابان، والاتحاد الأوروبي، لا يميلون إلى نقل سفاراتهم دون تسوية الموضوع الفلسطيني.
‎- إنّ المسجد الأقصى والمدينة المقدّسة، تخضع للاتفاقية التاريخية لحماية المقدّسات والدفاع عنها الموقّعة بين الأردن وفلسطين، بالوصاية الهاشمية منذ بيعة العام 1924، ومن ثم في العام 2013، وتهدف إلى حمايتها من محاولات التهويد الإسرائيلية، وقد كانت هذه القضية محور لقاء بين ترامب والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني (2 شباط 2017).
‎- إنّ الاتفاق بين الأردن والكيان الإسرائيلي ترك للمملكة الأردنية موضوع رعاية المقدّسات في القدس.
‎واللافت تعيين ترامب لسفيره الجديد في الكيان الإسرائيلي ديفيد فريدمان، الأميركي اليهودي، المعروف بمواقفه الداعمة لبناء المستوطنات والاستيطان في القدس والضفة الغربية، وتأسيسه جمعية أميركية للصداقة دعماً لمستوطنة بيت إيل في رام الله - الضفة الغربية المحتلة، وحوّل لها ملايين الدولارات خلال السنوات الماضية، وهو يحترق شوقاً لتولّي مهام منصبه في السفارة الأميركية في القدس "العاصمة الأبدية الموحّدة لإسرائيل" - حسب ادعائه، علماً بأنّ الكونغرس الأميركي لم يوافق حتى الآن على تعيينه.
‎الصيغ المتداولة
‎وقد جرى تداول أكثر من صيغة يمكن أنْ تُقدِم عليها الإدارة الأميركية، تمحورت حول:
‎- تحويل أحد مكاتب خدمات السفارة في غربي القدس، وليس شرقها، إلى سفارة، مع الادّعاء باعتراف العرب والعالم، بأنّ غربي القدس جزء غير متنازع عليه، وذلك من بين 3 مكاتب خدمات أميركية، تقع واحدة في غربي القدس، وأخرى في شرقها، والثالثة في منطقة وسطى بينهما.
‎- إبقاء السفارة في تل أبيب، وانتقال السفير للإقامة في القنصلية الأميركية في القدس، وبدء ممارسة أعماله تدريجياً منها.
‎- القيام بخطوة مزدوجة بنقل السفارة إلى القدس، مع الإعلان بالمقابل عن الاعتراف بدولة فلسطينية، بهدف امتصاص ردّات الفعل.
‎وإذا لم يتّخذ الرئيس الأميركي قراره - حتى الآن بخصوص السفارة - فإن الجانب الفلسطيني الذي نشط على أكثر من صعيد للحؤول دون اتخاذ مثل هذه الخطوة، لم تجد أجندة الرئيس ترامب بين دفتيها موعداً للرئيس الفلسطيني محمود عباس، أو أي مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، علماً بأنّ رئيس المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج، قد زار واشنطن، خلال الأيام الماضية، والتقى مسؤولين في الجهازين الأمني والاستخباراتي، وجرى استعراض للمخاوف من نقل السفارة والاستيطان، وتلقّى وعوداً مطمئنة في هذا المجال.

المصدر : اللواء