بأقلامهم >بأقلامهم
"حفظ الأمانة... خُلقٌ عظيم ورسالةُ شرف"!
"حفظ الأمانة... خُلقٌ عظيم ورسالةُ شرف"! ‎الأحد 13 07 2025 17:34 القاضي م جمال الحلو
"حفظ الأمانة... خُلقٌ عظيم ورسالةُ شرف"!

جنوبيات

الأمانة ليست مجرّد خُلق كريم، بل هي جوهر الأخلاق، وأساس التّعامل بين النّاس، وعنوان الثّقة التي لا تستقيم الحياة بدونها. 
وقد حثّ الإسلام على حفظ الأمانة وجعلها من علامات الإيمان، بل كانت الأمانة صفة بارزة من صفات النّبيّ محمّد (عليه الصلاة والسلام) حتّى قبل البعثة، فلقّبه قومه بـ"الصّادق الأمين".
والأمانة لغةً تعني: ضدّ الخيانة. واصطلاحًا تشمل كلّ ما يُطلب من الإنسان حفظه ورعايته من دون تفريط، سواء كان مالًا أم سرًّا أم عملًا أم مسؤوليّة.
فالأمانة ليست فقط حفظ المال المُودَع، بل تشمل:
أداء الواجبات بإتقان.
حفظ الأسرار.
عدم الغشّ في البيع أو الشّراء.
احترام العهود والمواثيق.
الصّدق في الكلمة والنّقل والتصرّف.
الأمانة في القرآن والسنّة:
قال الله تعالى:
"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا" [النّساء: 58]
وفي الحديث الشّريف، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
"لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" – رواه أحمد.
فمن لا يحفظ الأمانة، مهما صام وصلّى، فإنّ في إيمانه نقصًا، وفي دينه خللًا.
وإليكم بعض الصور من حفظ الأمانة في حياة النّبيّ عليه أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم:
قبل البعثة: كان أهل قريش يضعون عنده أماناتهم رغم كفرهم به، لثقتهم المطلقة في أمانته.
عند الهجرة: ترك عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في فراشه، ليؤدّي الأمانات التي عنده لأصحابها، رغم أنّ من بينهم من كان يؤذيه.
وعليه، فإنّ الأمانة مسؤوليّة عظيمة:
قال تعالى:
"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا..." [الأحزاب: 72]
فهي تكليف ثقيل، رفضت أعظم المخلوقات تحمّله، وحملها الإنسان، لكنّه بحاجة لتقوى الله حتّى يؤدّيها.
أمّا الأمانة في حياتنا اليوميّة، فإليكم بعض صورها :
الطّالب أمين إن أدّى واجباته بجدّ واجتهد في طلب العلم.
الموظّف أمين إن التزم بعمله وأخلص فيه.
المعلّم أمين حين يؤدّي رسالته بإخلاص.
الآباء والأمّهات أمناء حين يُربّون أبناءهم على القيم والدّين.
الإعلاميّ والطّبيب والتّاجر… كلٌّ يحمل أمانة في مجاله.
أمّا عواقب ضياع الأمانة فتتلّخص بالتّالي:
ضياع الأمانة يُنذر بهلاك الأمم.
قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام:
"إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة" – قيل: وكيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: "إذا وُسّد الأمر إلى غير أهله" – رواه البخاريّ.
صفوة القول:
الأمانة خُلق عظيم، لا تقوم حياة الإنسان ولا تستقيم المجتمعات إلّا به. 
فلنحرص جميعًا على غرسه في نفوسنا، وتعليمه لأبنائنا، وممارسته في حياتنا اليوميّة، فهو طريق الأمن، والنّجاح، ورضا الله عز وجل.
  وتذكّروا دومًا:
"الأمانة لا تحتاج إلى مراقب، إنّما تحتاج إلى ضمير حيّ".

المصدر : جنوبيات