عام >عام
مؤامرة لإنهاء "الأونروا" وتحويل اللاجئين الفلسطينيين إلى "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين"
تصعيد التحرّكات الفلسطينية الموحّدة تواجه "مناورة" الوكالة الدولية بالالتفاف على تقليص الموازنة
دبور يبلغ مدير "الأونروا": العودة عن القرارات قبل فوات الأوان ... وشمالي يلتزم تنظيم ورشة عمل لتحديد الاحتياجات الاستشفائية
مؤامرة لإنهاء "الأونروا" وتحويل اللاجئين الفلسطينيين إلى "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين" ‎الأربعاء 20 01 2016 08:52
مؤامرة لإنهاء "الأونروا" وتحويل اللاجئين الفلسطينيين إلى "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين"
تحرّك فلسطيني موحّد بمواجهة تخفيضات «الأونروا»... صورة مشابهة تكرّرت أمام مراكز الوكالة الدولية في لبنان

هيثم زعيتر:

يواجه الفلسطينيون كمّاً هائلاً من الضغوطات السياسية والاجتماعية والمعيشية، التي ترتفع وتيرتها بين الحين والآخر، وتحديداً مع التأزّم السياسي والتعثّر على مسار التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية، الذي يضيّق على الفلسطيني أكان داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة من قِبل العدو الصهيوني، أو اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزّة وفي الشتات الفلسطيني في لبنان، سوريا والأردن...
عناوين متعدّدة تُستخدم من "بنك أهداف" المخطّط الجاري تنفيذه في المنطقة لتجزئة المجزّأ عبر اتفاق "سايكس - بيكو" الموقّع بين بريطانيا وفرنسا في العام 1916 لتقسيم الهلال الخصيب وغرب آسيا، والذي استنفدت مفاعيله بعد مرور 100 عام عليه، وبروز قوّى أخرى في أعقاب الحرب العالمية الثانية في أربعينيات القرن الماضي...
وتسعى الولايات المتحدة الأميركية مع استمرار سيطرتها على أحادية القرار في العالم إلى فرض تنفيذ المخطّط الذي يخدم مصالحها والكيان الصهيوني، بحيث يجري تمزيق وتقسيم الدول العربية التي كانت تشكّل في وحدتها - إذا ما تحقّق ذلك -  خطراً على الكيان الصهيوني...
انطلاقاً من ذلك، فإنّ تعثّر التسوية على المسار السياسي الفلسطيني - الإسرائيلي بفعل تعنّت اليمين الصهيوني المتطرّف بقيادة بنيامين نتنياهو يكون ضحيته الفلسطيني، الذي يعاني في الداخل من سياسات الاحتلال بالاستيلاء ومصادرة الأملاك والأماكن الدينية والأثرية الإسلامية والمسيحية، وسرقة الأراضي وإتلاف المحاصيل والاغتيال بدم بارد للفلسطينيين على أيدي جنود الاحتلال وقطعان المستوطنين، والتنكيل بجثث الشهداء واحتجازها، وسرقة الأعضاء منها، والزج بآلاف الفلسطينيين في السجون، وبينهم معتقلون إداريون من دون محاكمة...
لكن كانت المفاجأة أنّ هناك مَنْ يُصر على مواجهة تنفيذ هذا المخطّط بفضل صلابة القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس الذي استطاع تحقيق العديد من المكتسبات لصالح القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، في وقت زادت المآزق التي يعاني منها الكيان الصهيوني، وأيضاً المواجهات البطولية للشبان الفلسطينيين ضد قوّات الاحتلال والمستوطنين، والتي أذهلت العالم، بعدما استطاعت المؤامرة حرق الأخضر واليابس في العديد من البلاد العربية تحت عنوان "الربيع العربي"، وإذا به لهيباً يفتّت هذه الأوطان، فيما "الربيع الحقيقي" كان يتفجّر في فلسطين حجراً وسكيناً ودهساً، من قِبل شبان يقاومون بما توافر لديهم من سُبُل مواجهة، على الرغم من علمهم المسبق بأنّهم سيكونون شهداء، فيفضّلوا الشهادة بعد قتل وجرح الأعداء على أنْ يتعرّضوا للقتل المتعمّد، حتى ولو لم يكونوا في ساحة المواجهة، كما حصل مع الفتى محمد حسين أبو خضير (16 عاماً، الذي خُطِفَ بتاريخ 2 تموز 2014 على أيدي 3 من المستوطنين من بلدته شعفاط - شمال القدس، قبل أنْ يعذّبوه ويسقوه البنزين ويشعلوا النيران به وهو حيّاً في أحراش بلدة دير ياسين)...

تبقى قضية اللاجئين الفلسطينيين أحد أبرز الملفات العالقة في ملف تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي.
ويعاني اللاجئ الفلسطيني الأمرّين في مختلف مناحي الحياة، وهو كمَنْ ينتقل "من تحت الدلفة إلى تحت المزراب"، حيث تتقاذفه الأمواج العاتية، والتجاذبات السياسية المحلية في البلدان التي يتواجد فيها طوعاً أو قسراً أو اضطراراً، وفي الصراعات الدولية، حيث يكون الحلقة الأضعف التي تنفّذ على حسابها المصالح وتحقّق المكتسبات، فيعيش قلقاً وعدم استقرار، وخشية المصير المجهول الذي قد يواجهه!.
وعند الحديث عن قضية اللاجئين الفلسطينيين، فإنّ المعني الأوّل بها هي "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى" - أي "الأونروا"، التي أُسّست بموجب القرار رقم 302 (رابعاً) الصادر عن الجمعية العامة لـ"الأمم المتحدة" بتاريخ 8 كانون الأول 1948 - أي بعد نكبة فلسطين - بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين، الذين جرى تحديدهم من الذين كانت فلسطين مكان إقامتهم الطبيعية خلال الفترة الواقعة بين حزيران 1946 وأيار 1948، والذين أُجبروا على ترك منازلهم ومورد رزقهم جرّاء احتلال العدو الصهيوني لفلسطين، حتى لو كان النزوح القسري إلى أماكن أخرى في فلسطين كما جرى في الضفة الغربية وقطاع غزّة أو إلى دول الطوق في لبنان وسوريا والأردن.

طول مدّة اللجوء

بين إنشاء وكالة "الأونروا" ومباشرة عملياتها اعتباراً من أوّل أيار 1950، جرى توقيع اتفاقيات الهدنة بين الكيان الإسرائيلي ودول الطوق التي نزح إليها الفلسطينيون، فوقّعت مع مصر (24 شباط 1949)، ومع لبنان (23 آذار 1949)، ومع الأردن (3 نيسان 1949) ومع سوريا (20 تموز 1949).
وعند مباشرة الوكالة لعملياتها حدّدت فترة زمنية لعام واحد ينتهي بتاريخ 30 نيسان 1951، والمهمة الأساس هي توطين اللاجئين الفلسطينيين في المناطق التي نزحوا إليها - أي دول الطوق.
وليس مصادفة أنْ يتم في تلك الفترة إنشاء "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين" بتاريخ 1 كانون الثاني 1951 وحدّدت مهامها بتقديم الخدمات الإنسانية والأخلاقية إلى جميع اللاجئين في العالم باستثناء – الفلسطينيين - من خلال:
1- محاولة إيجاد حلول للاجئين بالعودة الطوعية إلى أوطانهم وإعادة الاندماج فيها بشكل آمن وبكرامة.
2- الاندماج في البلدان التي لجأوا إليها.
3- إعادة التوطين في بلد ثالث.
ولم يتوقّع كُثُر أنْ تطول فترة تقديم "الأونروا" خدمات لمجموعة واحدة من اللاجئين تشكّل 4 أجيال، لأنّ المخطّط كان أنْ تكون المهمة لفترة وجيزة، وبعدها يتم تذويب الأعداد الفلسطينية في مجتمعات الدول التي نزحوا إليها أو شتتوا وهاجروا إليها لاحقاً.
ومن اضطر من اللاجئين الفلسطينيين النزوح إلى خارج المناطق الخمس التي تتولّى "الأونروا" المهام فيها، يصبح ضمن صلاحية "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين"، ولكن إذا أوقفت "الأونروا" مهامها، فإنّ ذلك يعني أنّ اللاجئين الفلسطينيين سيصبحون ضمن صلاحية "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين". وهذا يشير إلى المحاولات الدؤوبة لشطب وكالة "الأونروا" الشاهدة على نكبة فلسطين.
وقد فشلت "الأمم المتحدة" حتى الآن بإلزام الاحتلال الإسرائيلي بعودة ليس المنضوين تحت وصاية "الأونروا"، بل الذين تحت وصاية "المفوضية السامية" مثل فلسطيني العراق وليبيا.
وبما أنّ الاحتلال يرفض العودة، والدول المضيفة واللاجئين يرفضون التوطين، بقي البحث عن بلد ثالث لتوطين اللاجئين في حال انتقال الحماية إلى "المفوضية الدولية".
لكن إصرار الفلسطيني على رفض التوطين والتمسّك بحق العودة، أفشل المخطّط الذي يتجدّد بين الحين والآخر وبصيغ متعدّدة تهدف إلى إنهاء قضية اللاجئين المتمسّكين بحق العودة إلى وطنهم وفقاً للقرار الدولي 194، الذي نص على عودتهم إلى وطنهم والتعويض.

"الأونروا" رأس حربة

وتبرز وكالة "الأونروا" كرأس حربة باستهداف اللاجئين الفلسطينيين من خلال تقليص خدماتها بين الحين والآخر، تحت ذرائع عدم التزام الدول المانحة الإيفاء بدفع التزاماتها إلى الوكالة الدولية، والتي يتّضح دائماً أنّ أسباب ودوافع ذلك سياسية، وأنّ هناك محاولات من أجل إنهاء وشطب الوكالة الدولية الشاهدة على نكبة الفلسطينيين والموكل إليها إغاثة وتشغيل أكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني مُسجّلين لديها في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزّة، إلى أنْ يتم إيجاد حل عادل لقضيتهم.
لهذا، فإنّ مسؤولية "الأونروا" هي تأمين الإغاثة والتشغيل، أما التمويل فهو من تبرّعات طوعية تقدّمها الدول الأعضاء في منظّمة "الأمم المتحدة" التي تقرن تسديد التزاماتها بتحقيق مكتسبات سياسية من الفلسطينيين، خاصة أنّ الاتفاقات التي وقّعت بين "منظّمة التحرير الفلسطينية" والكيان الإسرائيلي، أرجأت حل قضية اللاجئين إلى ما يعرف بقضايا الوضع النهائي، وبالتالي فإنّه من المستحيل التوصّل إلى أي حل عادل من دون حل قضية اللاجئين الفلسطينيين.
و"الأونروا" التي تتذرّع بعجز شبه دائم، تحاول الإسراع بتنفيذ قراراتها التعسّفية لتشمل مختلف الخدمات التي تقدّمها للاجئين، إغاثةً واستشفاءً وطبابة وتعليماً، وهو ما بات يهدّد باستمرار مصير الفلسطيني في مختلف جوانب حياته، وإذا ما كان المبلغ الذي تتحدّث "الأونروا" عن حاجته إليه كعجز يوازي 100 مليون دولار أميركي سنوياً، فإنّ هذا العجز يمكن للدول الـ62 المانحة للوكالة الدولية توفيره، ويعتبر زهيداً بالنسبة للدول الكبرى، وفي مقدّمها: الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الدول العربية.
ولولا مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتقديم مبلغ 35 مليون دولار أميركي في العام 2015، لكانت "الأونروا" قد أوقفت خدمات كثيرة.
وفي استعراض لتقليص خدمات "الأونروا" يمكن أن يسجل:
* على المستوى التربوي:
هدّدت الوكالة الدولية بإلغاء أو تأجيل العام الدراسي 2015-2016، ما يهدّد نصف مليون طالب فلسطيني و22 ألف مدرس في 700 مدرسة و8 مراكز للتدريب المهني، وأقدمت على:
- دمج صفوف، لبعضها البعض، حيث وصل الاكتظاظ داخلها إلى أكثر من 50 طالباً، وهو ما يعيق صحة العملية التدريسية.
- عدم توافر المنح الكافية بمتابعة التحصيل الجامعي أو التجهيزات المدرسية.
- إحداث تغيّرات جوهرية في الخطط التعليمية.
- رفض التعاقد مع عدد من المدرّسين المتخصّصين.
- إلغاء بعض العقود ذات العلاقة بالدعم الدراسي.
* على المستوى الصحي:
جاءت تقليصات "الأونروا" لتشمل القطاع الصحي والاستشفائي الذي لا يلبّي الحد الأدنى من المتطلّبات لجهة:
- حصر التحويلات الطبية للعمليات الباردة في مستشفيات "الهلال الأحمر الفلسطيني".
- تخصيص عدد محدّد للعمليات الباردة في كل منطقة لا يمكن تجاوزه شهرياً.
- إلزام المريض بدفع جزء من تكاليف العلاج يصل إلى 20% .
- تحديد سقف أعلى لتسعيرة الاستشفاء في مستشفيات المستوى الثالث لإثنتي عشر يوماً  بكلفة 5 آلاف دولار أميركي كحد أقصى.
- إلغاء عيادات في بعض المناطق ودمجها ببعضها البعض.
- وقف عمل الموظّفين المياومين في عيادات الرعاية الصحية والصحة البيئية في المخيمات.
- عدم تأمين الأدوية الكافية، وخاصة للأمراض المزمنة.
- وقف تغطية تكاليف أدوية الأمراض الصعبة مثل: السرطان والقلب.
* على مستوى الإغاثة:
على الرغم من ازدياد العسر الشديد، فإنّ "الأونروا" لم تأخذ ذلك بعين الاعتبار. وقد أظهرت الإحصاءات التي أُجريت لحالات العسر الشديد المعتمدة في مناطق عمليات "الأونروا" الخمس أنّ النسبة الأكبر هي في لبنان، وتبلغ 11.6%، وكذلك حالات الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وبدلاً من أنْ تقوم "الأونروا" بإيلاء هذا الملف الاهتمام، فإنّ إجراءات تخفيض طالت هذا القطاع، وقرّرت أيضاً عدم استقبال طلبات جديدة لبرنامج الشؤون الاجتماعية.
* على مستوى البنى التحتية:
تعاني البنى التحتية في المخيّمات مأساة حقيقية سواء لجهة:
- شبكات الصرف الصحي.
- عدم توفر مياه الشفة في بعض المخيّمات.
- الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي.
- عشوائية تمديد خطوط الكهرباء، ما يؤدي إلى وفاة أكثر من فلسطيني صعقاً بين الحين والآخر.
- التباطؤ في تنفيذ مشاريع البنى التحتية في عدد من المخيمات.
- حاجة العديد من المساكن إلى الترميم، والتي تتساقط سقوفها في كثير من الأحيان على ساكنيها، وتهدد حياتهم بالخطر.
* بشأن اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا:
فقد ضيّقت "الأونروا" عليهم كثيراً بعد تقليص التقديمات التي كانت تُقدّم إليهم، ووقف دفع 100 دولارأميركي كبدل مساعدة شهرية في الإيجار، ما شكّل معاناة حقيقية تضاف إلى معاناتهم المتعددة.

زيادة معاناة الفلسطيني

هذه التخفيضات والتقليصات التي أقدمت عليها "الأونروا" وطالت الخدمات التربوية والصحية والإغاثية، زادت من معاناة الفلسطيني في لبنان الذي يئن تحت وطأة الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها في ظل عدم إقرار الحقوق المعيشية والاجتماعية والمدنية، وحق العمل والتملك له في لبنان، لذلك ارتفعت أعداد العاطلين عن العمل، فضاقت السبل في وجوههم، فأصبحوا يبحثون عن الهجرة نحو أوروبا، مغامرين بحياتهم وعائلاتهم في غياهب البحر، وقد غرق الكثيرون، ومَنْ نجا فإنّ هناك عقبات عديدة قبل حصوله على لجوء.
على ما يعني ذلك من تكبّده وعائلته ديوناً من أجل تأمين تكاليف رحلة البحث عن حياة جديدة، والتي تفوق كلفتها 3 آلاف دولار أميركي، إذا ما نجح بالوصول إلى مبتغاه، ولم يقع فريسة "مافيا" شبكات الهجرة أو الغرق.
هذا التضييق سدَّ السُبُل في وجه الفلسطيني الذي لم يعد بمقدوره حتى تأمين لقمة عيشه، وهو ما يُخشى وقوعه ضحية لبعض الخلايا الإرهابية أو التجسّسية لصالح العدو الصهيوني وتجّار المخدرات، ما يجعله "قنبلة" متنقّلة قد تنفجر داخل المجتمعات الفلسطينية وتصل شظاياها إلى الساحة اللبنانية.
بين الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والصحية، أصبح الفلسطيني يضحّي بنفسه من أجل "دق ناقوس خطر" تحذيري لتدارك الأمور قبل تفاقمها وهو ما جرى مع الفلسطيني أمين صلاح سكر، الذي أقدم على سكب البنزين على جسده وسيارته قبل أن يشعل بهما النار بتاريخ 16 تشرين الثاني 2015، بعد توقيفه في بيروت من قبل عنصر في قوى الأمن الداخلي وتحريره ضبطاً لمخالفته قوانين السير بقيادة سيارة أجرة عمومية، الممنوع منها الفلسطيني، فنقل إلى مستشفى الأشرفية للمعالجة.
كذلك إقدام الشاب عمر خضير على إضرام النار بنفسه بتاريخ 12 كانون الثاني 2016 في مخيّم برج الشمالي - صور، بعد رفض وكالة "الأونروا" إعطائه تحويلاً للعلاج من مرض الـ"تلاسيميا" المزمن الذي يعاني منه، حيث نُقِلَ إلى "مستشفى جبل عامل" - صور للعلاج.
وكان قد سُجّل في اليوم ذاته وفاة الفلسطينية عائشة حسين نايف في مخيّم برج الشمالي، بعد رفض "الأونروا" تحويلها إلى أحد المستشفيات.

وحدة الموقف الفلسطيني

وشهدت المخيّمات الفلسطينية سلسلة تحرّكات شاجبة لخطوة "الأونروا" بتقليص خدماتها، حيث نفّذت اعتصامات أمام مكاتب المناطق ومدراء المخيّمات والعيادات التي أقفلت أبوابها مع المدارس، التي نفّذت إضراباً تلبيةً لدعوة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية واللجان الشعبية، والتي يتوقع أن تتصاعد وتيرتها خلال الأيام المقبلة، حتى اقرار المطالب المحقة.
وكان لافتاً توحّد كافة القوى الفلسطينية في تحرّكاتها والتنسيق في ما بينها، وهو ما سيساهم في الوصول إلى نتائج تعود بالنفع على أبناء الشعب الفلسطيني، خلافاً لما كان يجري في السابق من تباين في وجهات التحرك، الذي كانت تتخذ "الأونروا" منه ذريعة للتهرب والتلكؤ في تنفيذ الاتفاقات أو العودة عن قرارات تقليصية تتخذها.
ويتّضح أن توقيت تنفيذ مخطّط "الأونروا" بتقليص موازنة الاستشفاء في لبنان ليس بريئاً، خاصة أن هذه الموازنة تبلغ 10 ملايين دولار أميركي، وإذا ما جرى تقليصها، فإن ذلك يعني معاناة إضافية للاجئين.
وهذا المبلغ الزهيد قياساً لمَنْ يستفيد منه، لا يشكّل عبئاً على "الأونروا" أو أي من الدول المانحة إذا ما أوفت بالتزاماتها، فمثلاً الولايات المتحدة الاميركية تتبرع سنوياً بـ130 مليون دولار والاتحاد الأوروبي بـ106 ملايين دولار سنوياً، وفي الكثير من الأحيان لا يلتزمان مع غيرهم بسداد حصصهم إلى المنظمة الدولية، لذلك فإنّ العشرة ملايين دولار المخصّصة للطبابة والاستشفاء في لبنان يمكن تأمينها بوسائل متعدّدة، إلا إذا كان الهدف سياسي لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء الوكالة الدولية، خاصة أنّ هذه الأزمة تكرّرت سابقاً ويُتوقّع أنْ تتجدد في السنوات المقبلة، وهو ما يتوجّب تحرّكاً من قبل مختلف القوى الفلسطينية و"منظمة التحرير الفلسطينية"، والدول التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين من أجل الضغط على الدول المانحة لسداد التزاماتها، لأنه يجب أن لا تحل وكالة "الأونروا" قبل تأمين عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم والتعويض عليهم.

لقاء دبور - شمالي

وكان بارزاً اللقاء الذي عُقِدَ بين سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور ومدير عام "الأونروا" في لبنان ماتياس شمالي في مقر سفارة فلسطين في بيروت، والذي تطرق إلى القرارات التي اتخذتها إدارة "الأونروا" باعتماد النظام الاستشفائي الجديد.
وطالب السفير دبور شمالي بـ"إيقاف العمل بتطبيق النظام الاستشفائي الجديد،ة والعودة عنه سريعاً قبل فوات الأوان"، حيث وعد شمالي بـ"إجراء اتصالات مع المفوض العام ومناقشة هذا الموضوع، وبذل قصارى جهده من أجل ضمان مساعدة اللاجئين الفلسطينيين وتمكينهم من الوصول إلى العلاج الذي يحتاجونه".
وأكد شمالي التزامه بـ"تنظيم ورشة عمل موسعة بمشاركة مرجعيات للهيئات الفلسطينية مع خبراء لتحديد ما ينبغي القيام به لدعم اللاجئين الفلسطينيين، وتلبية احتياجاتهم الاستشفائية بشكل عام، ومختلف جوانب حياتهم المعيشية".
وفي إطار اللقاءات الفلسطينية عُقِدَ اجتماع بمشاركة ممثّلي الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في سفارة دولة فلسطين، وتقرّرت سلسلة من الخطوات، وفي مقدمها جولات لوفد يمثل القيادة السياسية للقاء مسؤولي الفصائل في المناطق والتأكيد على تنسيق المواقف لضمان نجاح الخطوة.
وقد نجحت القوى الفلسطينية، بفضل موقفها الموحّد، وصوابية تحرّكها بفصل تأثيره على المستوى التعليمي والاستشفائي للفلسطينيين من تركيزه على مكاتب مدراء المناطق والمخيّمات، من إجبار "الأونروا" العودة عن بعض من قرارها بتقليص خدماتها، التي كانت قد اتخذتها للمباشرة بها منذ بداية العام 2016، وهو ما اعتُبِرَ "مناورة" بالالتفاف على تقليص الموازنة البالغة قيمتها 10 ملايين دولار أميركي، من خلال إعادة التعاقد مع عدد من المستشفيات الخاصة في مختلف المناطق اللبنانية، وتحويل الحالات الطبية إليها، ولكن دون إلغاء التحويل قبل ذلك إلى مستشفيات "الهلال الأحمر الفلسطيني"، التي لا يمكنها استيعاب هذا العدد من الحالات المرضية، ودفع نسبة من قيمة العلاج في المستشفيات الخاصة.
وعلمت "اللـواء" بأنّ المطلب الفلسطيني من "الأونروا" هو أنْ تكون هناك خطة استشفائية واضحة وشفافة، ولن يقتصر فقط على اعتماد موازنة طبية بقيمة 10 ملايين دولار أميركي، بل بضرورة رفعها إلى 20 مليون دولار لتأمين علاج لائق للفلسطينيين.
وهذا ممكن، خاصة أنّ هناك أحاديث عن ملفات هدر في وكالة "الأونروا"، بينها مبالغ طائلة يتقاضاها كبار الموظفين الأجانب، والتكاليف الباهظة التي تنفق تحت عنوان اجراء دورات تدريبية للموظفين، ومناقصة تركيب 250 مكيفاً لمكتب لبنان، في الوقت الذي تتم فيه تقليصات طبية.
وينتهي التفويض الحالي لوكالة "الأونروا" في العام 2017 بعدما جرى تجديده لمدة 3 سنوات في حزيران من العام 2014.
وقد أعلن أمين عام "الأمم المتحدة" بان كي مون - آنذاك – عن أنّه "لم يكن من المتوقّع أن تعيش "الأونروا" لمدة 65 سنة، بل إنّ الفشل السياسي في التوصل إلى حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين هو الذي أدى إلى التمديد لها وطول عمرها".
وبدلاً من البحث عن حلول مجتزأة على "الأمم المتحدة" والدول المانحة الرئيسية في مقدمها الولايات المتحدة الأميركية، الضغط على الكيان الإسرائيلي من أجل تنفيذ القرارات الدولية، وفي الطليعة القرار 194، الذي ينص على عودة اللاجئين وتعويضهم، وهو ما يؤدي إلى حل عادل ودائم لقضيتهم، وبالتالي فسيحل الأزمة المالية لوكالة "الأونروا" مرة واحدة وإلى الأبد، لأنه لن تكون هناك ضرورة للوكالة وخدماتها.

 

 

 

السفير أشرف دبور خلال لقائه مدير عام «الأونروا» في لبنان ماتياس شمالي

 

«الأونروا» شاهدة على المجزرة بحق الشعب الفلسطيني 

 

الفلسطيني عمر خضير يتلقّى العلاج في «مستشفى جبل عامل» - صور بعدما أضرم النار بنفسه