عام >عام
"معالي الوزير شامل روكز"...!
"معالي الوزير شامل روكز"...! ‎الأربعاء 26 10 2016 10:17
"معالي الوزير شامل روكز"...!

ملاك عقيل

انتبه كثر لغياب العميد شامل روكز عن ذكرى 13 تشرين قبل ايام. العام الماضي كان قائد فوج المغاوير لا يزال في الخدمة ويستعد لمغادرة السلك العسكري بعد فشل مسعى تعيينه قائدا للجيش، فكان مفهوما غيابه عن "الكادر التشريني" خصوصا ان ميشال عون استخدم آنذاك اول تجمّع شعبي "برتقالي" على مفرق القصر الجمهوري كمنصة لتصعيد كبير بوجه من وصفهم آنذاك بـ "العصابة"، معلنا دخوله مدار "المقاومة سلبا من خلال التعطيل".
هذا العام بدت المناسبة وكأنها منصّة طبيعية لاطلالة شامل روكز "المدني"، أحد رموز ذكرى 13 تشرين، لا بل ربما الاحق بالوقوف على منبر هذه الذكرى طالما ان الجبهة التي كانت بأمرته في ضهر الصوان رفضت، بعد تواصل مباشر بينه وبين اميل لحود، بشكل مطلق دخول الجيش السوري الى هذه النقطة العسكرية.
عمليا، افترض العديد من العونيين أنه سيكون هناك كلمة خاصة يلقيها العميد المتقاعد بسبب الرابط الوثيق ورمزية المناسبة بالنسبة اليه، لكن "جدول اعمال" الذكرى كان في مكان آخر تماما وفيه من الرسائل الرئاسية القدر الكافي الذي قد يحجب انتباه المعنيين الى "مغزى" أن يسرد روكز، لأول مرة بعد خلعه البزة العسكرية، تجربته الشخصية لهذه الحقبة المصيرية في تاريخ لبنان.
لكن المسألة لا تكمن فقط في الظهور على المنصات والمنابر. بصمت وكثير من الترقّب يواكب روكز مسار التطورات السياسية والرئاسية.
ويبدو جليا، وفق المقرّبين منه، أنه يملك قدرا كبيرا من البراغماتية التي تجعله ينظر الى الاحداث، حتى بعد إعلان الرئيس سعد الحريري تبنّي ترشيح ميشال عون للرئاسة، "بكثير من الواقعية على قاعدة ان إعلان الترشيح لا يعني حكما انتخاب "الجنرال" رئيساً، والمفاجأت قد تبقى قائمة حتى اللحظة الاخيرة.
لم يسبق إن أعلن روكز جهارا تأييده لوصول رئيس تكتل التغيير والاصلاح الى قصر بعبدا، لكنه بالطبع يعتبره مستحقا لهذا الموقع، ويرى ان وصوله يكرّس، لاول مرّة بعد الطائف، واقع ان يأتي رئيس قوي الى قصر بعبدا وليس "رئيس لا طعم له ولا رائحة"، والأهم "ان تكون انطلاقة العهد قوية وليس متعثرة".
واقعية روكز، كما يؤكد المحيطون به، تدفعه الى التسليم بأنه في مرحلة لاحقة حتّى لو أظهرت الوقائع ان سمير جعجع مثلا هو من ستظهره الارض قوياً مسيحياً فإن المسار نفسه يجب ان يطبّق على "أي مستحق".
يدرك روكز، وفق أوساطه، ان زيارة واحدة لعون الى عين التينة لن تكون كافية ليسمع "الجنرال" ما يحبّ أن يسمعه، لذلك فموقف بري، الذي يستهدف بشكل اكبر سعد الحريري وليس عون، يحتاج الى مزيد من الوقت ليصبح اكثر مرونة. وهنا يكمن دور "حزب الله". إما يفشل وإما ينجح. وفي أقصى الحالات قد ينزل بري والحزب الى الجلسة "متفاهمين على حدود الخلاف"، من دون ان يمنع ذلك انتخاب عون رئيسا للجمهورية.
هي البراغماتية نفسها التي تجعل فريق عمل روكز يتعاطى بشئ من الخفّة مع كل التسريبات التي تتسلّل من الكواليس السياسية بشأن تركيبة العهد المقبل: شامل روكز مكانه محفوظ في وزارة الدفاع، جبران باسيل لن يكون اصلا ضمن التركيبة الحكومية ليس لتفرّغه فقط لشؤون رئاسة "التيار الوطني الحر" بل لأنه سيكون "رئيس الظل" في العهد الرئاسي الجديد!
لا يبدو روكز معنيا بهذا النوع من الاستنتاجات المترافقة مع ارتفاع بورصة انتخاب رئيس الجمهورية نهاية الشهر. الرجل أمضى مؤخرا 18 يوما متنقلا بين عدد من الولايات الاميركية وعاد بذخيرة من اللقاءات "المشجّعة جدا"، كما يقول المحيطون به. وهو اليوم يتحضّر الشهر المقبل لزيارة لندن على مدى أسبوع بعد دعوة من الجالية اللبنانية هناك.
مكتبه لا يخلو يوميا من الزوار ومشاركته ثابتة في سباقات الركض وهو مسرور بانتقال "العدوى" الى العديد من السياسيين، كما ان التحضير للانتخابات النيابية يشكّل جزءا اساس من "ماراتون" يومياته. هكذا لا يبدو ان "السَكرة" الرئاسية التي اجتاحت البعض قد أثّرت على جدول أعماله.
المقرّبون من روكز يجزمون بأن الرجل يعمل بتأن ليكون في صلب المشهد السياسي المقبل، وبمطلق الاحوال لا تعنيه التركيبات الوزارية غبّ الطلب قبل اتضاح وجهة التسوية وضماناتها وثباتها.
بالرغم من المسافات السياسية التي باتت تباعد بين الرابية والنائب سليمان فرنجية لم تتأثّر علاقة قائد فوج المغاوير السابق مع زعيم زغرتا. صحيح ان لا لقاءات علنية بين الرجلين، لكن المطّلعين على مسار العلاقة الثنائية يجزمون بأن روكز يتعاطى مع كل من وضعتهم الرئاسة في خانة الخصومة مع عون، بكثير من العقلانية السياسية التي تبقي جسور التواصل قائمة مع الجميع، خصوصا ان ثمّة من محيط فرنجية من ينظر الى روكز "نظرة احترام لشخصه وأسلوب عمله ومقاربته الهادئة لكافة الملفات من دون "تخبيص".
وروكز لا يزال الصامت الاكبر اليوم بشأن دوره المستقبلي إن حيال موقعه المفترض في وراثة جزء من "التيار البرتقالي" أو حيال شاغل كرسيّ رئاسة تكتل التغيير والاصلاح بعد انتخاب عون رئيسا، وايضا حيال موقفه من حركة الاعتراض الحزبية داخل "التيار". في كل مجالسه الخاصة لا يفتح روكز مجالا للنقاش بشأن هذه الاستحقاقات. أما المحيطون به فيقولون "بعد بكير على هذه الامور..."