بأقلامهم >بأقلامهم
صدق المشاعر
صدق المشاعر ‎الجمعة 27 06 2025 14:44 د.هبة المل أيوب
صدق المشاعر

جنوبيات

نظرت من نافذة منزلها الى السيارات التي تمر امام ناظريها ، تذكرت الطبيب فريد عندما كانت عنده في العيادة ، فبعد ان كان انهى فريد معاينتها جلس الى مكتبه وراء حاسوبه، فرك وجهه متعباً من نهار طويل لمعاينة المرضى، نظر إلي غريبة وهي تتأمل وجهه وتقاطيعه مع بسمة مرسومة على شفتيها ، ضحكت ضحكة خجولة مع نظرة تأملية بينما هو شاركها الضحك وهزّ برأسه حائراً بأمرها، وكأن هذه الضحكة التي جمعتهما هي انصهار كائنين لحظة انشراح ، لكن الغريبة شعرت كأنه يقول لها :
- ماذا تريدين الآن ، انا انهيت كل شيء
بقيت هادئة تنظر إليه فهو يرتبك بوجودها وكأنها تقلب كيانه ولا يعرف ماذا يفعل ، انه عميق دائم التفكير ودقيق جداً وملاحظ من الطراز الأول، ينظر بروية وهدوء ويعطي الأمور حجمها الطبيعي، ثم يأخذ من الوقت ما يكفيه لإطلاق الأحكام ، طيب بما يكفي كي تحبه الناس وتتردد الى عيادته، وتضع نفسها بين اياديه الآمنة .
ان فريد الرجل الوحيد الذي استولى على قلب الغريبة وعلى عقلها وكيانها وروحها ، انها فتحت له الباب بعد ان لاحظته بعد اعوام عدة من التعارف عليه كطبيب قلب، فهي لم تنتبه بالبداية الى موقفه منها ولم تنتبه الى اهتمامه بها ، فكانت لا تزال تشعر بالخذلان ممن احبت بصدق وأسكنته قلبها ، فريد نجح في جعل قلبه موطناً  لها وأماناً وطمأنينة ، فصدق المشاعر هو الوحيد الذي تجيد قراءته الغريبة في زمن بات الزيف هو كل ما هو متواجد ومتوفر بإحكام مطبق .
"الغريبة "

المصدر : جنوبيات