بأقلامهم >بأقلامهم
زياد الرحباني.. ابداع حفر في الوجدان



جنوبيات
لم يكن زياد الرحباني بالنسبة لي مجرد فنان وموسيقي ومسرحي مبدع له أسلوبه الخاص الذي اجمع متابعوه على الاعجاب به ، ولم يكن زياد الرحباني بالنسبة لي مجرد ابن موهوب في أسرة موهوبة تضم الى عاصي ومنصور والياس وأولادهم، الفنانة الكبيرة فيروز ، بل كان أيضاً ذلك الفنان الملتزم بفكر يساري وبحس تقدمي وبانتصار دائم للغلابى من أبناء شعبه.
وحين قرأت في عواجل "الميادين" خبراً عن رحيل زياد فوجئ من كان معي بردة فعلي إزاء هذا الخبر الصاعق ، الذي شعرت معه ان صرحاً فنياً وابداعياً ووطنياً كبيراً قد هوى ، ولا أبالغ اذا قلت انني كنت من المتابعين لكل ما له صلة بزياد، من الحان واغان ومسرحيات ومقابلات ، لأنني كنت أشعر في الرجل صدقاً يضاهي الابداع، وحبّاً لشعبه يماثل حبه للعدالة والكرامة، بل أشعر ان براعته الرائعة في نقد الظواهر السلبية في المجتمع نابعة من ذكاء مفرط وانتصار صارخ للحق والحقيقة، وهو انتصار كثيراً ما كان مكلفاً لأصحابه.
لذلك حين نودع زياد الرحباني اليوم لا نودع موسيقياً ومسرحياً كبيراً، ومبدعاً استثنائياً ناقداً فقط، بل نودع انساناً اعطى البساطة ما تستحقه من اضاءة، وأعطى قضية الخبز المجبول بالكرامة ما تستحقه من خدمة حفر الابداع فيها اخاديد لن تنساها الأجيال...