لبنانيات >أخبار لبنانية
صرخة صيادي صور: القطاع مهدد بالانقراض


جنوبيات
ما في سمك بالبحر عبارة يرددها الصياد محمود بحسرة، متحاملًا على معاناته، حيث يمضي قدمًا في عمله اليومي على الرغم من تراجع إنتاجه بنسبة تفوق 90 %، حاله حال الصيادين في صور، الذين يواجهون مصيرًا صعبًا، وسط غياب أي تدخل رسمي لوقف الصيد الجائر، الذي فتك بثروة البحر.
فبعدما حرم الصيادون من الصيد في بحر الناقورة بسبب الغارات الإسرائيلية، باتوا يواجهون انقراض السمك في بحر صور، بسبب استخدام الديناميت و”التوربين”.
في ميناء صور، مهنة الصيد لم تستعد عافيتها بعد. الصيادون محاصرون بين الاعتداءات الإسرائيلية وتراجع كبير في الثروة السمكية.
"ما بقا بتعيّش"، يقولها صيادو صور بصوت واحد. الصيد بات مكلفًا، والسمك قليل. كثر منهم لا يحرّكون قواربهم، فالإنتاج شبه معدوم، ويؤكدون أن نسبة تراجع السمك تتراوح بين 50 إلى 90 %.
وفيما بحر الناقورة، الغني بالثروة السمكية، محظور على الصيادين مما يعمق من حدة الأزمة، يواجه بحر صور، الذي طالما شكّل مصدر رزق، خطر الانقراض، بسبب غياب الرقابة، واستمرار الصيد الجائر الذي يقضي على بيض السمك وصغاره.
في ظل هذا الواقع، لا بدّ من تحرّك سريع لحماية الصيادين والثروة البحرية، قبل فوات الأوان.
وفي هذا السياق يقول الصياد أحمد حجازي، وهو يجلس عند رصيف الميناء يعيد تصنيع شباكه، “لقد خَفَتَت حركة ميناء صور… بالكاد يتحرّك الصيادون نحو عمق البحر… الكلفة المرتفعة، وقلّة الإنتاج، دفعت بهم إلى التراجع والانكفاء. ما يجنونه لا يكفي “مصروف البيت”.
في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة، يعيش حوالى 180 صيادًا في صور، يُضاف إليهم هواة ومعتدون على المهنة، يصفهم الصياد علي طه بأنهم من دمّروا المهنة، ويقول: “لم نعد قادرين على الصيد، فالإنتاج يتراجع كل سنة بسبب التوربين، الديناميت، والشباك الضيّقة”.
منذ انتهاء الحرب، لم يبحر طه على متن قاربه ولم يصطد “المليئة” و”الغبص”، والأسماك التي كان يشتهر بها بحر صور، “هذه الأنواع على طريق الانقراض، الخروج بات مكلفًا، وما نعود به لا يؤمّن حتى ثمن المازوت… فكيف نعيش؟”
تتفاقم معاناة الصيادين في صور، في ظل غياب أي دور لوزارة الزراعة منذ انتهاء الحرب، وكأنّها نسيت أنّ في صور قطاعًا كاملًا يعاني ويصارع للبقاء.
وفيما يواجه السمك البلدي على قلّته، منافسة شرسة من السمك المستورد، الذي يُباع بسعر أعلى، يصف الصياد محمود بواب هذا الواقع بالضربة القاضية للصياد اللبناني، الذي لا يواجه فقط خطر الاعتداءات الإسرائيلية، بل خطر اندثار مهنته.
يضيف: بدل ما تدعمنا الدولة وتحمي إنتاجنا، عم تحاربنا بالسمك المستورد يلي عم يغزو السوق المحلي.
وبحسب بواب، فإن الصيد بالديناميت بات ظاهرة قاتلة… في صياد واحد بيصطاد الكمية كلها، وبيضلوا 100 صياد بلا إنتاج… هيدي جريمة.
وفي ظل التراجع الحاد في إنتاج السمك، وتدهور أوضاع الصيادين المعيشية، يقول الصياد أحمد حجازي: عايشين ع قدنا… كل يوم بيومه.
ويضيف: الصياد صار عم بفتّش على شغل تاني، لأن هالمصلحة صارت بالحضيض.
لم يعد ميناء صور كما كان، الحركة خفيفة، القوارب متوقفة، بعض الصيادين يصلحون شباكهم، وآخرون يرممون مراكبهم بصعوبة. الصيانة مكلفة، وكثر تركوا قواربهم لمصيرها. وأمام هذه الخسارة الكبيرة التي تهدد هذا القطاع، وفي ظل غياب الدولة يسأل الصيادون: وين وزير الزراعة؟ ليش ما بيزور الميناء؟ إمتى بيتوقف هالإهمال؟.
"آخ يا بحر شو بشكيلك"… هكذا يختصر صيادو الجنوب واقع قطاع الصيد الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة. فهل تتحرك وزارة الزراعة قبل فوات الأوان؟