عام >عام
انتهت حياته على طريق جعيتا: لم تكتمل فرحة شادي
انتهت حياته على طريق جعيتا: لم تكتمل فرحة شادي ‎الاثنين 14 03 2016 21:43
انتهت حياته على طريق جعيتا: لم تكتمل فرحة شادي


لم تجد الدولة اللبنانية حلاً للتحفيف من عدد ضحايا حوادث السير. ويكاد لا يخلو يوم من دون وقوع ضحايا وجرحى نتيجة هذه الظاهرة التي تفاقمت مؤخراً. التقارير الواردة إلى غرفة التحكم المروري، فاقت التقارير التي تحذّر من وقوع عمليات تخريبية وإرهابية تستهدف المدنيين. مواطنون في زهرة شبابهم يسقطون، وشبح الموت يخيّم على مختلف المناطق اللبنانية، فمن يتحمل مسؤولية هذه الأزمة التي على ما يبدو لن تكون موضع اهتمام المسؤولين؟

شادي ووديع شابَين في العشرين من عمرهما، وككل فتيان هذا الوطن، خرجا من سنوات قليلة إلى عالم الأضواء، يبحثان عن مستقبل زاهر لهما، يسعيان كأي مواطن قنوع، إلى ترميم منزل لكل منهما، ليكوّن كلٌّ منهما عائلة، ويشاهدا من على شاشة التلفاز التي ستزيّن مأواهما الجديد، مباريات فريق "الحكمة" لكرة السلة، الذي خسر برحيلهما، خيرة أنصاره وأكثرهما لطافةً وتهذيباً.

إذاً، استفاقت بلونة نهاية الأسبوع الفائت على فاجعة، إثر حادث سير مروّع وقع بعد منتصف ليل أوّل من أمس السبت على الطريق المؤدي إلى منطقة عجلتون، حيث اصطدمت سيارة من نوع "هيوندايi10" بيضاء اللون كان يقودها المجند في الجيش اللبناني وديع ساسين، بسيارة من نوع "ميتسوبيشي" لم يعرف صاحبها بعد، الأمر الذي أدى إلى وقوع قتيلَين هما الرقيب الأوّل في قوى الأمن الداخلي شادي مشرقي وصاحب السيارة ساسين، وثالث حالته كانت حرجة ونقل إلى مشفى "سان جورج" وقد فارق الحياة.

وعلى صعيد متصل، أفادت غرفة التحكم المروري أمس، عن تصادم بين 3 سيارات فجراً على مستديرة جعيتا وانتشرت صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي للحادث المروّع . وتبيّن لاحقاً أن اثنين من القتلى هما وديع ساسين وشادي مشرقي من رابطة جمهور فريق "الحكمة" نعاهما رئيس نادي "الحكمة" بيروت مارون غالب واللحنة الإدارية للنادي ورابطة المشجعين.

وأعرب غالب عن "أسفه وحزنه الشديدَين لوفاة شادي ووديع، اللذين كانا يُعرفان بأخلاقهما الحميدة واندفاعهما وإخلاصهما الكبيرَين لنادي الحكمة"، داعياً "الحكماويين" إلى "المشاركة الكثيفة في مراسم دفنهما والصلاة من أجل راحة نفسيهما الطاهرتين".

"وديع الشاب الدؤوب المعطاء، المقيم في منطقة عجلتون والمحب للحياة، لا يعرف اليأس طريقاً إلى قلبه، وكان يطمح إلى أن ينال مركزاً متقدماً في المؤسسة العسكرية"، وفق ما روت صديقته ساريا أبي راشد لـ"النهار"، مضيفةً أنه "كان معيناً لأهله ومصمّماً على متابعة دراساته العليا".

وتابعت، أن وديع لم يكن بعيداً عن النشاطات الاجتماعية والرياضية، فقد كان من أعضاء "طلائع العذراء" في عجلتون، إضافةً إلى أنه كان يحضر في كل المباريات التي يشارك فيها ناديه المفضل الحكمة – بيروت، وكان يشكل مع صديقه شادي الذي رافقه إلى الدار الأزلي، ثنائياً رائعاً ولافتاً داخل رابطة جمهور الفريق الأخضر.

"بدي وديع يبقى حدّي ويواكبنى بكل أمور حياتي"، هذه كانت الأمنية الأخيرة لألين ساسين شقيقة وديع، التي كشفت لـ"النهار" أنه كان شجاعاً، ويطمح إلى أن يصبح طياراً، لكن الظروف لم تسعفه إلى تحقيق مراده، فانخرط ذلك الشاب الذي كان محبوباً من قبل جميع أصدقائه وأفراد عائلته، في صفوف المؤسسة العسكرية في العام 2014 وخضع لدورات مكثفة مع سلاح الجو التابع للجيش اللبناني.

من جهته، لفت جميل كسّاب صديق وديع، إلى أن "الحادث الذي وقع على مستديرة جعيتا وأودى بحياة رفيقه الذي تعرّف عليه في ساحة عجلتون من خلال النشاطات التي كان يشارك فيها الراحل"، مؤكّداً أن وديع الذي عاش حياةً صالحة، هو "شخص ملتزم دينياً، ويمتاز بأخلاقه الحسنة، ولم يفتعل يوماً إشكالاً مع أحد، بل على العكس، كان أكثر الناس مبادرةً وتحفيزاً إلى إعانة للآخرين"، مشيراً إلى أن "فور وقوع الحادث، حضرت الشرطة العسكرية إلى المكان، وباشرت التحقيقات بإشراف القضاء المختص لكشف الملابسات".

وفي سياق متصل، ذكرت بيرت نقّور صديقة شادي مشرقي لـ"النهار"، أن الراحل" أقدم مؤخراً على شراء منزل له في منطقة القليعات، كخطوة أولى لدخول القفص الذهبي"، مضيفةً أنه "كان يتحلى بروح رياضية عالية، فعلى الرغم من أنه يعمل ضمن رابطة مشجعي نادي الحكمة لكرة السلة، ويواكبها دوماً لحضور مباريات نادي الشانفيل الذي تشجعه".
وأردفت، أن مشرقي "كان شاباً مفعماً بالحياة ومن أنصار فريق ريال مدريد الملكي لكرة القدم، ويدعوها دائماً إلى مرافقته إلى المقاهي من أجل متابعة المباريات الساخنة".

الدولة المتقاعسة عن إيجاد حلّ لأزمة النفايات وانتخاب رئيس جديد لرئاسة الجمهورية، بطبيعة الحال، هي أيضاً عاجزة عن تقليل أعداد الضحايا الذي يسقطون نتيجة حصول حوادث السير، وهي لم تلتفت أيضاً إلى أن دفاتر المخالفات المرورية لا تكفي لحل أزمة كتلك، فإلى متى ستبقى حوادث السير في لبنان أشبه بفيلم من إنتاج" هوليود"، وحتى متى سوف تتشارك العائلات اللبنانية المصيبة ذاتها؟