عام >عام
«إنفجار بلوم»: رسالة حامية للمصارف.. وتوجه للردّ بموقف رادع
«إنفجار بلوم»: رسالة حامية للمصارف.. وتوجه للردّ بموقف رادع ‎الاثنين 13 06 2016 10:26
«إنفجار بلوم»: رسالة حامية للمصارف.. وتوجه للردّ بموقف رادع
مكان الإنفجار في الباحة الخارجية لمبنى «بلوم بنك» في فردان


في اختيار للمكان والزمان والتوقيت والسياق السياسي مدروس ودقيق، لدرجة الحرفية، دوى انفجار قوي، سرعان ما ظهرت سحابات الدخان الأسود فوق سماء محلة فردان: هذا الشارع العريض، ويمكن وصفه بشارع المصارف من أوله إلى آخره.
عند نقطة تقاطع، تذكّر بجريمة اغتيال الرئيس رينيه معوّض وقع الانفجار، الذي سرعان ما استدعى حركة إسعافات، وحضور أمني وعسكري، عزل المكان عن الشوارع المتقاطعة، من كورنيش عائشة بكار شمالاً إلى طريق الصنائع شرقاً، وباتجاه الحمراء ووزارة السياحة نزولاً، وباتجاه البريستول غرباً، وقبالة الكونكورد ومدرسة الرئيس الشهيد رينيه معوّض.
دقائق، ويتبيّن أن المكان المستهدف هو المقرّ الرئيسي لبنك لبنان والمهجر، بلوم بنك.
الصدمة فاقت كل شيء: المصارف اللبنانية هدف بوسيلة أقل ما يُقال فيها أنها «إرهابية». لا ضحايا بشرية سوى جريحين من حراس المبنى، وفي توقيت لحظة الإفطار حيث النّاس باتوا في المنازل أو المطاعم أو في مراكز الإفطارات العامة..
مع توضح المكان والهدف، آطلقت حركة واسعة من التصريحات، بين استنكار، ودعوة للتهدئة بين حاكم المصرف المركزي وحزب الله، فيما بدأت شعبة المعلومات تحقيقاتها بناء لإشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، وضرب الجيش طوقاً حول المكان.
وبالمحصلة الأولى، فرض الإنفجار واقعاً جديداً على المشهد اللبناني، وارتفعت حالات الذعر والمخاوف، بالتزامن مع طلب السفارة الكندية عبر رسائل SMS من رعاياها عدم الذهاب إلى الوسط التجاري وشارع الحمراء في نهاية الأسبوع وليلاً، حفاظاً على سلامتهم، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من تحذيرات الخارجية الفرنسية لرعاياها.
وعلى مسافة ساعة أو أقل من الإفطار، قال الرئيس تمام سلام لـ«اللواء»: «هناك مواجهة مستمرة مع الإرهاب والإرهابيين»، مضيفاً: «ما يتم تداوله عن الوضع الأمني ليس تهويلاً فهناك واقع جدّي، نحن مستهدفون من جهات ليست مستكينة ومرتاحة، وبالتالي يجب أن يكون لدينا وعي ويقظة من الجميع لتفويت الفرصة».
وفي حين رفض رئيس مجلس إدارة مجموعة «بلوم بنك» سعد الأزهري إتهام أحد، رافضاً في الوقت نفسه الاتهامات التي طالت المصرف على مواقع التواصل الاجتماعي، من أنه «أكثر اندفاعاً بين المصارف لتطبيق العقوبات الأميركية، وأنه يصرّ على تنفيذ ما يطلبه الأميركيون وما لا يطلبونه أيضاً»، واصفاً إياها أنه «مبالغات إعلامية»، تساءلت أوساط معنية بالاستقرار عن الصلة ما بين الحملة التي استهدفت البنك بما يشبه «هاشتاغ» على المواقع والقنبلة التي وضعت في المدخل الخلفي للمصرف، وهو المقر الرئيسي حيث الإدارة العامة وسائر المكاتب المرتبطة بها.
وكان أحد التعليقات أشار إلى أن «أكثر من ثلث هذا المصرف مملوك من بنك نيويورك، وبالتالي هو بنك شبه أميركي وإسرائيلي أكثر من إسرائيل».
كما كان لافتاً، ما جاء على موقع الوزير السابق وئام وهّاب في 22 أيار الماضي: «الحاكم سلامة رتّب الأمور مع الأميركيين، ولكن المشكلة مع المصارف التي تزايد على الأميركيين». وختم متسائلاً: «شو فينا نعمل بهيدا الأزهري؟».
ورأت هذه الأوساط، أنه ربما يكون في الأمر مصادفة، لكنها أعربت عن خشيتها من أن يكون لبنان دخل في مسلسل تفجيرات وفقاً لما رأى النائب وليد جنبلاط، الذي وصف هذا المسسل بالإسرائيلي وأن «حزب الله» متضرّر منه.
ونظراً لأن الانفجار وقع بعد دقائق قليلة من بدء الإفطار، سارع الرئيس سعد الحريري الذي كان يرعى الإفطار السنوي لقطاع المهن الحرة في تيّار المستقبل في مجمع «البيال» إلى التعليق على الانفجار بالقول: «معركتنا مع الإرهاب والتفجير وعمليات القتل والاغتيال والرسائل المباشرة وغير المباشرة طويلة، وهي معركتنا نحن، ولبنان سينتصر في نهاية المطاف، وأن كل أنواع الإرهاب لن تخيف اللبنانيين».
وقدّر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص الذي وصل دون تأخر إلى مكان الانفجار، وزن العبوة التي وضعت في حوض للزهور قرب المصرف بين خمسة وعشرة كيلوغرامات من المتفجرات، وأدّت إلى وقوع جريحين من الحراس وأضرار جسيمة كون المبنى من الزجاج.
أسئلة بلا أجوبة
أما الأسئلة التي شغلت الأوساط، قبل الانفجار وبعده:
1- إلى أين يمكن أن تصل إليه الحملات والمجابهة بين «حزب الله» وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وما هي المخارج الممكنة في ظل الإصرار الأميركي على تطبيق حاسم للعقوبات على الحزب ومؤسساته ووضعه في سلّة واحدة مع منظمات أخرى متشدّدة كـ«داعش» و«النصرة»؟
2- كيف يمكن للمصارف اللبنانية أن تتصرّف في ظل المطالبة الأميركية والتهديدات باتخاذ إجراءات ضدها، مع إقرار الجميع بأن لبنان جزء من المنظومة المالية الدولية؟
3- من المؤكّد أن المصارف اللبنانية الكبرى والمتوسطة ذات سمعة عالمية جيّدة تلقت رسالة أولى، بأقل نسبة من الخسائر والدموية، فهل تقف الرسائل عند هذا الحدّ، أم أن البقية تأتي؟
4- هل أن تسميم الأجواء من الممكن تجاوزها واتخاذ إجراءات أكثر قابلية للمعالجات الهادئة وسحب الخطاب التصعيدي من التداول لئلا يوفّر «الفرصة الجيدة للدخول إلى تخريب القطاع المصرفي، وما تبقى من قطاعات تمنع انهيار البلد»، كما تنصح بذلك جهات أمنية معنية؟
وبرأي هذه المصادر ان الرسالة التي ضربت «بنك لبنان والمهجر» هي موجهة لكل المصارف، ولكن ارتداداتها تحمل نذير شؤم حول مستقبل الاستقرار في لبنان.
وتوقعت المصادر انخفاضاً في سقف التصريحات منعا لجر البلد إلى ما لا تحمد عقباه في هذه المرحلة الخطرة من تاريخ المنطقة.
وفي أوّل تعليق لحزب الله، قالت مصادر في الحزب لموقع «ليبانون ديبايت» أن «تفجير الظريف يهدف إلى زيادة الضغط على حزب الله ودفع المصارف اللبنانية إلى اتخاذ المزيد من الاجراءات».
وأشار المصدر إلى أن «الحزب يرى أن هذا التشويه المتعمد لصورته يقصد منه إظهار الحزب كحزب عنفي»، معتبراً أن «الهدف من التفجير إعطاء انطباع بأننا حزب إرهابي يمارس العنف بحق كل من يخالفه».
تجدر الإشارة إلى انه جرى تعميم وثيقة أمنية صادرة عن مديرية المخابرات بتاريخ 10 حزيران الحالي تضمنت معلومات عن سعي جبهة «النصرة» لتنفيذ عمل إرهابي في منطقة الحمراء.
 وستعقد جمعية المصارف اجتماعاً خلال الساعات المقبلة لتدارس الوضع المستجد، كما انه سيكون هناك مواقف للقطاعات الاقتصادية وحاكم مصرف لبنان تحذر من استهداف القطاع المصرفي المدماك الأخير للاستقرار اللبناني.
وعلى صعيد الإجراءات، قرر وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب نقل مركز الامتحانات من ثانوية رينيه معوض إلى ثانوية شكيب أرسلان في ساقية الجنزير.
ومن ناحيته رأى وزير الاقتصاد والتجار آلان حكيم لـ«اللــواء» ان هناك أياد خفية تحاول زعزعة الوضع وزيادة التشنج، مؤكدا رفض استهداف القطاع المصرفي وداعياً أصحاب هذه الأيادي الشاذة إلى اللعب في أماكن أخرى.
وردد الوزير حكيم على ان القطاع المصرفي ومصرف لبنان لن يتراجعا عن تطبيق القانون المالي الدولي.
وقال: لا يمكن أن نصدق ان فريقاً لبنانياً يمكن أن يفعل ذلك، كما لا أعتقد ان هذا الفريق المتضرر من الخطوات المالية المتخذة، قد يقوم بهذا العمل، معتبراً ان المستفيد هو من يريد زيادة التشنج بتوجيه الإتهام بشكل تلقائي إلى هذا الفريق.
مجلس الوزراء
وسيفرض هذا الواقع المستجد نفسه على جدول أعمال مجلس الوزراء في الجلسة المقبلة، حيث من المتوقع أن يضيف الرئيس سلام هذا الوضع المستجد بنداً على الجدول إضافة الى البنود الـ56 التي وزّعت على الوزراء أمس الأول، وبينها بند «أوجيرو»، علماً ان الجلسة ستكون مالية بامتياز نظراً للبنود المالية المطروحة على جدول الأعمال.
وكان تردّد ان اجتماعاً أمنياً سيعقد اليوم في السراي للإطلاع على مجريات حادث «بلوم بنك»، لكن مصادر مقربة من رئاسة الحكومة لم تشأ تأكيد ذلك، خصوصاً وأن الانفجار طرح أكثر من سؤال حول إمكانية تكرار حوادث من هذا القبيل، إلا ان مصادر وزارية استبعدت ذلك، مشيرة إلى أن الرسالة وصلت وان المطلوب التسلّح بالمزيد من الوعي ونبذ الفتنة وحماية مصرف لبنان والقطاع المصرفي.
الحريري
سياسياً، استعاد الرئيس الحريري المبادرة على الساحة السياسية، وأعاد الاعتبار لأهمية خطاب الاعتدال، ولعل حادثة أمس، عززت أهمية الدور السياسي لتيار المستقبل ورئيسه، سواء في ما خص الثوابت أو السياسات العامة التي تدفع الفتنة عن لبنان وابنائه.
وأعطى إعلان الرئيس الحريري عن تحمل المسؤولية الكاملة عن سياسات التيار في السنوات الثماني، من اتفاق الدوحة إلى زيارة سوريا، إلى الحوار مع «حزب الله»، وترشيح النائب سليمان فرنجية، مزيداً من المصداقية والالتفاف حوله داخل الساحة الإسلامية، ولدى قيادة التيار وكوادره حيث تنتهي المراجعة إلى محاسبة وإدارة متماسكة للمرحلة المقبلة، حيث سيبقى في بيروت قريباً وجمهوره وعاملاً من أجل الاستقرار ودرء الفتنة اللتين لن يحيد عنهما، فتيار المستقبل ثابت الأركان والأساسات وهو تيّار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي لن يسقط لا بالضربة القاضية ولا بالنقاط، كما قال الرئيس الحريري في خطابه في افطار التيار غروب السبت الماضي، في سياق قراءته للأزمة التي عصفت بالتيار، واستدعت منه صراحة في المواجهة وأمانة في التقييم وجرأة في المحاسبة، مشدداً على ان التيار سيبقى الرقم الصعب في الحياة السياسية ولن يتأثر بعواصف الفناجين، وسيبقى صامداً في وجه الريح يمسك قراره بيده ولا يتأخر عن حماية لبنان.