بأقلامهم >بأقلامهم
جلاد وضحية في بيت واحد!
جلاد وضحية في بيت واحد! ‎الاثنين 31 01 2022 18:37 ماغي الحاصباني
جلاد وضحية في بيت واحد!

جنوبيات

ويحدث أن يكون السند هو مصدر الخوف والسوء, ويحدث أن يتجرد الأب من أبوته كي يكون عبدا للمال. ويحدث أن يتخلى الأب عن أبوته وانسانيته معا ليلعب دور الجلاد بحق أولاده. هي قصة لا تشبه باقي القصص بل تحمل الكثير من الخفايا لتثبت أن فعلا البيوت أسرار وخلف تلك البيوت الهادئة معاناة تكتم قصتها وتخفيها داخل الجدران.

أبطال القصة اليوم مجرد استمرارهم على قيد الحياة في ظل كل ما يعيشونه هو فعلا عمل بطولي. هم 7 أعضاء نجا منهم اثنين ليبقى خمسة تحت رحمة أب بلا رحمة.

هو عامر, رجل مسن اعتاد أن يحصل على المال مقابل أي شيء حتى لو على حساب أولاده وبمعنى أدق كل مورد ماله معتمد على عذاب أطفاله الذين كبروا  على معاناة. 

كانوا الأبناء سبعة ولكن وفي أولى مراحل استغلال الأطفال كوسيلة لجني المال باع بنتين منهم مقابل مبلغ من المال تحت عذر أنه يبحث عن راحتهم وأنهم سيحصلون على حياة أفضل. 

أما عن الأطفال الخمس فها هي قصصهم التي سيسجلها التاريخ كبصمة عار بحياة عامر.
منى وهي الأكبر سنا, في عمر الصغر كان يرسلها لتنظف بيوت السيدات مقابل المال ولكن عندما كبرت, تاجر بجسدها وأجبرها أن تحول جسدها الى أداة للحصول على المال غير ابه بشرف وكرامة ابنته! وها هي اليوم تعطيه كل المال الذي تجنيه مقابل العمل اللاانساني واللاأخلاقي التي أرغمت على ممارسته.

جوري وهي الابنة الأصغر, تلك الفتاة التي حمتها أختها طالبة من  أبيها ألا يجعلها تسير على خطاها فوافق مقابل أن تعمل هي أيضا بأي عمل ممكن أن يجني المال. وها هي اليوم تسير على البيوت تأخذ قائمة طلبياتهم وتشتري الأغراض حتى الثقيلة منهم كقارورة الغاز و"غالون الماء" مقابل ألفين ليرة لبنانية على الطلبية الواحدة, فتدور من منزل الى اخر وسط الذل بحيث يصرخون عليها إن تأخرت ويعاملونها وكأنها ليست انسانة.

أما بالنسبة للشباب فقصصهم لا تختلف كثيرا من حيث الالام والمعاناة والتعب.
عمر وهو الابن الأكبر المقعد بسبب حمى أصابته منذ الصغر لأن والده قد أهمل مرضه ولم يعمل على معالجته. فها هو مستلقي على كنبته التي قد شهدت على كمية المعاملة السيئة التي يتعرض لها يوميا والاهانات بأنه بلا فائدة.
رياض والذي دبر له أبيه عمل من حيث نقل الأغراض الثقيلة في الورش والذي يضرب ان كان المال غير كافي مما يعني بقاموس أبيه أنه لم يتعب ويعمل كفاية فيتعرض للضرب المبرح من أبيه.

وعن وائل, فوظفه أبيه في أحد الأفران متعاملا مع شخص لا يقل سوءا عن والده بحيث يعطيه  كمية من الكعك ويجعله يتجول تحت الشمس أو المطر للبيع مقابل مئتي ألف ليرة في الشهر فقط. وان لم يبع كل الكعك يضرب من صاحب الفرن وكأنه لم يستطع أن يقدم عمله كاملا.
من المؤكد أن تصنيف عامر وأمثاله ضمن فئة الإباء أو حتى البشر يعد مخالفا للطبيعة البشرية. فبأي حق يمكن أن يتاجر أب بجسد ابنته؟ بأي حق يستطيع أن يكون سبب في شل ابنه؟ بأي حق يستطيع أن يجعل أبنائه وبناته فريسة للوحوش الذين يسمون "أناس"؟ بأي  حق يستطيع أن يسلب حياة وشرف وكرامة؟ بأي حق يستطيع أن يبيع بناته لعائلة أخرى؟ ولكن ربما نجوا من ظلمه وجشعه الذي أضاع حياة خمسة أطفال تحولوا الى شباب مُستخدمين كأداة لتسهيل أمور الناس على حساب حياتهم. 

المصدر : جنوبيات