لبنانيات >أخبار لبنانية
انتخابات 2022: معركة مسيحية - مسيحية كادت أن تصبح مسيحية - شيعية... المعارضون أصبحوا بيضة القبان وتطيير لمقامات سياسية
انتخابات 2022: معركة مسيحية - مسيحية كادت أن تصبح مسيحية - شيعية... المعارضون أصبحوا بيضة القبان وتطيير لمقامات سياسية ‎الأربعاء 18 05 2022 11:03
انتخابات 2022: معركة مسيحية - مسيحية كادت أن تصبح مسيحية - شيعية... المعارضون أصبحوا بيضة القبان وتطيير لمقامات سياسية

جنوبيات

شكّلت المعركة الانتخابية لعام 2022 صدمة سياسية حقيقية قلبت الطاولة وغيّرت الموازين على جميع الأصعدة. 17 مقعدا للمستقلين، 18 مقعدا للتيار الوطني الحر، و19 مقعدا للقوات اللبنانية إلى جانب خروقات لم يشهد لبنان في تاريخه مثيلا لها أدى إلى اسقاط زعامات لم يتوقع أحد امكانية الاطاحة بها. وقبل التعمق في النتائج وتحليل الواقع الانتخابي لكل دائرة، لا بد من التوقف عند العوامل التي سبقت وأحاطت ودفعت بالمعركة لفرز نتائج مماثلة.

أولا، ثورة 17 تشرين وانفجار 4 آب

لا شكّ أن لثورة 17 تشرين ومجزرة 4 آب دور رئيسي في تحريك الموامنتوم المعارض لجميع الاحزاب اللبنانية، وكسر حاجز الخوف من الزعيم والانتماء الأعمى للأحزاب والطائفية، وخلقت رابطاً سياسياً مشتركاً بين معظم اللبنانيين وهو "التغيير" الذي ترجم بشعار "كلن يعني كلن".

انسحاب تيار المستقبل من المعركة السياسية

أتى انسحاب التيار الأزرق من سباق الانتخابات، ورقة يانصيب رابحة لبعض المستقلين الذين لم يحلموا يوما بتحقيق خرق في الدوائر التي تضمن أكثرية سنية، وأخلى الساحة أمام القوات لجذب أصوات سنية معارضة في بعض المناطق وضمان الحاصل في مناطق أخرى على حساب التيار الوطني الحر الذي خسر حليفه السني.

 

فشل العهد إلى جانب الحملات الاعلامية لاغتيال التيار سياسيا

أدى دخول العهد في التسويات السياسية، وعدم قدرته على احداث أي تغيير فعلي في المجلس النيابي أو الحكومات، بحجة "ما خلونا"، بالاضافة إلى تحالفه التاريخي مع حزب الله، وسط محاولات شيطنة الحزب اعلاميا وسياسيا ودوليا، إلى خسارة التيار عددا لا يستهان به من الأصوات لصالح كل من المجموعات التغييرية والقوات اللبنانية.

الأزمة الاقتصادية

ساهمت الأزمة الاقتصادية بتحويل المعركة الانتخابية إلى معركة شراء أصوات، حيث كان "الفريش دولار" والمال الانتخابي هو العامل الاساسي في بعض الدوائر، والمحرك لأصوات اللبنانيين، خصوصا بعد ارتفاع نسب البطالة والهجرة والتضخم والفقر.

انتخابات المغتربين

كانت انتخابات المغتربين "بيضة القبان" في هذه المعركة، حيث قلبت النتائج في الدقيقة الاخيرة لصالح المستقلين أو القوات على حساب أحزاب أخرى.

البداية في الشوف عاليه... ارسلان كان يعلم!

3 حواصل للائحة توحدنا للشوف - عاليه كانت كفيلة بالاطاحة بقطب درزي اساسي في الجبل! صدمة لم تكن بالحسبان على الأقل في المشهد السياسي العام، ولكن وبحسب المصادر المطلعة على الحركة الانتخابية في هذه الدائرة لم يكن رئيس الحزب الديموقراطي طلال ارسلان مرتاحا لنتائجه، وكان يعلم أن مقعده في خطر، وهناك محاولة للاطاحة به، وهو ما يفسر ما كتب في بعض الصحف والمواقع الالكترونية والهجوم العنيف على المستقلين في هذه الدائرة.

من جهة أخرى، نجاح المرشحة نجاة صليبا كان متوقعا، بفضل الخطاب السياسي الواضح الرؤيا والمعالم، إلى جانب البرنامج التغييري الشامل، بالاضافة إلى الدعم الاعلامي والاعلاني، ودعم المغتربين.

أما فوز المرشح مارك ضو، فرافقته علامات استفهام عديدة. فبحسب المصادر "فوز ضو جاء نتيجة اتفاق تحت الطاولة بين هذا الأخير ورئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط، الذي جير بعض الأصوات لصالح ضو، لضمان نجاحه بهدف اسقاط ارسلان وبالتالي احتكار الزعامة الدرزية في عاليه لصالح جنبلاط. هذا ويربط الرجلان مصالح اقتصادية قديمة، والتي كانت هي السبب الرئيسي برفض ضو من قبل المجموعات التغييرية وعلى رأسهم "لحقي" في انتخابات الـ 2018 والـ 2022".

أما التيار فحسبها صح، وكما وعد وفى، وأنقذ حليفه "الوفي المستقل" فريد البستاني، وتمكن من ايصال مرشحه الحزبي أيضا غسان عطالله في الشوف الى الندوة البرلمانية بعد خسارته في الـ 2018، وحافظ على مرشحه الحزبي في عاليه سيزار أبي خليل.

أما حزب القوات اللبنانية فحافظ على نتائج عام 2018 مبقيا على مرشحه الحزبي جورج عدوان في الشوف ومحققا فوز نزيه متى في عاليه.

المتن... بو صعب زمط ومبروك لجاد غصن!

يمكن وصف معركة المتن بمعركة "الاعصاب" حيث أن خسارة التيار الوطني الحر لمقعد الياس بو صعب كان وشيكا وباعتراف هذا الأخير الذي اعلن في تصريح اعلامي أن ارقامه تراجعت وعليه معرفة مكامن الخلل والعمل على تصحيح علاقته مع اهالي المتن.

وفي هذا الاطار، تلفت المصادر إلى انّ "الخضة التي حصلت في صفوف التيار تعود إلى حرص الاخير على ضمان فوز النائب ايدي معلوف والذي كان مقعده في خطر خصوصا ان حظوظ الوزير السابق ملحم رياشي بالخرق كانت أكبر. ما جعل التيار يجيّر أصوات بعض المتنيين وتحديدا اصوات الطائفة الشيعية المنتمية الى حزب الله الى جانب أصوات بعض المناصرين للتيار لصالح معلوف بشكل غير مدروس، ما كاد يطيح ببو صعب! وهو خطأ استراتيجي لم يتنبه اليه التيار لثقته الزائدة بقوة بو صعب في المتن".

أما نجاح ميشال المر وهاغوب بقرادونيان فكان محسوما. في المقابل شكل فوز رازي الحاج بالكسر الأعلى مفاجأة للمتنيين، حيث تمكنت القوات وللمرة الاولى من تحصيل نائبين في المتن، بعدما تفوق الحاج على منافسه جاد غصن بفارق 88 صوتا.

وهو ما يستوجب التوقف عليه! فلائحة نحو الدولة في المتن والتي اشارت جميع استطلاعات الرأي الى استحالة خرقها بأي مقعد، كادت وفي سابقة تاريخية ان تخرق بمقعد "ماروني" في المتن! وهو ما يعتبر انتصارا معنويا للتغييريين يمكن التعويل عليه للسنوات المقبلة. ولهؤلاء نقول مبروك!

امّا حزب الكتائب وعلى الرغم من قوة لائحة متن التغيير واحتوائها على وجوه معروفة ولها حيثيتها، لم يتمكن من الخرق بمقعد ثالث، بل اكتفى بالمحافظة على مقعديه، على خلاف جميع التوقعات.

كسروان جبيل... "كانت راحت عالخازن" وافرام في الصدارة وولادة زعيم جديد؟

بعيدا عن كل ما قيل وحكي عن هذه الدائرة، لا يختلف اثنان على ما حققه النائب نعمة افرام. اشهر من العمل على الارض والاطلالات الاعلامية إلى جانب ماكينة انتخابية قوية، كانت كفيلة بتربع افرام على أحد مقاعد عاصمة الموارنة. وفي هذا الاطار تقول المصادر إنّ "هدف افرام لم يكن الفوز بالانتخابات فقط، فالرجل يطمح الى تأسيس حركة سياسية تسمح له بالوصول الى سدة الرئاسة. وهو ما بدأ بتنفيذه في "مشروع وطن الانسان". أما خطاب افرام فكان توحيدي لا هجومياً، تمكن من خلاله من جذب معظم الاصوات المعارضة للسلطة والتي تخشى الاصطدام السياسي بها في آن معا. لا شك أن تكتيك افرام نجح، والذي حرص من خلاله على ضمان فوز مرشح الكتائب سليم الصايغ في مشهد يوحي بأن افرام قادر على انجاح المرشحين وصناعة النواب في كسروان، بمجرد ضمان الحاصل الاول للائحة". فهل تكون انتخابات 2022 بداية لولادة زعيم مسيحي جديد؟

الجنوب الثالثة: سابقة تاريخية ... "نعم صوتكم بأثر!"

نعم انه ليس حلم، بل واقع تمكنت لائحة "معا نحو التغيير" من تحقيقه في سابقة تاريخية لم يتوقعها احد. وبدل الحاصل حاصلين في قلب النبطية كان بطليهما الياس جرادي وفراس حمدان.

البقاع الثانية... الفرزلي سقط!

هي نقمة أو عدم رضى او تصفية حسابات... المهم النتيجة النائب ايلي الفرزلي لم يعد نائبا. هذا الصوت الذي سبق حضوره حضور بري نفسه في المجلس النيابي منذ الـ 1992 اسقطته انتخابات الـ 2022. وبحسب المصادر فان "اهالي البقاع الغربي كانوا ناقمون، والتململ وعدم الرضى على أدائه بدا واضحا منذ الـ2019، إلى جانب تقصيره بالخدمات لأهل منطقته جب جنين أولا وباقي مناطق الجوار ثانيا. وهي نقطة الضعف الاساسية التي عرف الوزير السابق حسن مراد كيفية قطفها لمصلحته. من جهة أخرى تقول المصادر "إن اسقاط الفرزلي عمل عليه التيار الوطني الحر، خصوصا بعد الخلاف الذي وقع بين الفريقين وأدى الى انسحاب الفرزلي من تكتل "لبنان القوي" ومهاجمة باسيل بالشخصي. كما أن الفرزلي كان عبئا على التيار من ناحية علاقته القوية والوطيدة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبالتالي اسقاطه في البقاع الغربي كان "حمل وانزاح عن كاهل التيار".

 

الشمال الثالثة: معركة هزّ ركاب... وطرابلس: دعسة ناقصة للقوات

ان كنت تعارض رئيس التيار لوطني الحر جبران باسيل أو تؤيده، فلا شكّ بأنّ جبران "حملو ركابو" وتمكن من ضمان وصوله والمحافظة على مقعدين (المقعد الثاني في الكورة لجورج عطالله) في دائرة الشمال الثالثة الكورة البترون زغرتا بشري، على الرغم من المعركة الشرسة التي قادها خصومه لاسقاطه في البترون.

في المقابل صدمت القوات اللبنانية بتسجيل المرشح ويليام طوق خرق في عقر دارها في بشري، الأمر الذي لم يكن "لا عالبال ولا على الخاطر". فالقوات وبدل تركيزها على ضمان مكاسبها وانجاح مرشحها في الكورة فادي كرم بعد التعلم من اخطاء 2018، تلهّت بمحاولة اسقاط باسيل في البترون، لتخسر بالتالي مقعدا في الشمال الثالثة وتتراجع بذلك من 3 مقاعد إلى 2.

من جهة أخرى لا شك بأن القوات "اشتغلت صح" بمجهود جبار وواضح، مكّنها من رفع عدد نوابها من 14 نائب في الـ 2018 إلى 18 نائبا في الـ 2022.

اما اسقاط فيصل كرامي فكان نتيجة اعمال هذا الاخير، الذي كان واثقاً بنفسه ونتائجه "زيادة" ما جعله يقصّر في خدماته لاهالي المنطقة، ويقلّص اطلالاته التلفزيونية خصوصا بعد حادثة غرق الزورق في طرابلس التي فجرت موجة غضب على جميع الزعماء في طرابلس وكان نصيبه "حرزان" من هذا الغضب.

 

بيروت الثانية: ضربة معلم للمستقلين... بدر فاجأ الجميع ونعزي المخزومي

في بيروت الثانية لا شك بأن النائب المنتخب ورئيس نادي الأنصار نبيل بدر فاجأ الجميع بقدرته على الخرق، فيما كان الاستغراب واضحاً من الوضع الضعيف للنائب فؤاد مخزومي الذي كان الناجح الوحيد في لائحته التي كانت التوقعات تشير الى انتزاعها 3 مقاعد.

كما أن اللافت في بيروت الثانية، هو أن المستقلين الجدد نجحوا في انتزاع مقاعد نيابية لهم في الندوة البرلمانية محققين خرقين مدوويين بضربة معلم بعد نضال لعدة سنوات.

في المحصلة، يمكن اختصار المشهد الانتخابي اللبناني بـ 3 نقاط:

أولا، أثبت المستقلون امكانيتهم على الخرق ما سيجعلهم بيضة القبان في المجلس النيابي. أما تطيير المقامات السياسية فهو بداية لمرحلة جديدة.

ثانيا، كادت المعركة ان تصبح مسيحية - شيعية في حال حصول القوات اللبنانية على الاكثرية في المجلس النيابي لولا اعادة فرز الاصوات وضمان التعادل بين القوات والتيار من جهة، فيما على حركة أمل تقديم آداء مغاير.

ثالثا، لا شك بأن المعركة المسيحية - المسيحية بين القوات والتيار سلخت المجتمع المسيحي، إلا أنها حمّلت كلا الحزبين مسؤولية كبيرة. فالجميع ينتظر من القوات أداء منتجاً في المجلس النيابي ويرفع توقعاته على غرار ما حصل مع التيار في الـ 2018. اما التيار الوطني الحر، فعليه اعادة تقييم ادائه والعمل على تحسينه، فحجة "ما خلونا" والخطاب العالي السقف لن يشفعا به في الانتخابات المقبلة.

 

المصدر : الديار - باولا عطية