بأقلامهم >بأقلامهم
"نصيحة إبليس"!



جنوبيات
يُحكى في عصرنا الحالي، وما بين معارض وموالٍ، أنّ إبليس الكبير جاء ينصح ابنه الصّغير، فقال له بلهفة الأب الحريص على تعليم ولده أصول المعرفة والكيل بالمغرفة:
"يا بنيّ لا تظنّ أنّ إغواء البشر بالأمر السهل، ولا بالشكل اليسير"!
فأجاب الولد المطيع:
وكيف ذلك يا أبي؟!
ردّ المعلّم الخطير وبحنكة التّدبير:
أغوِه بالنّقود إن كان فقيرًا، أمّا إذا كان سياسيًّا حقيرًا فدعه وشأنه.
وإذا قام لصلاة الفجر فذكّره بدفء السّرير والنّوم في العسل على فرش الحرير.
وإن كان مزارعًا فأغوه بسرقة الحمير.
وإن كان مهندسًا فأغوه بسرقة الإسمنت وحديد التّعمير.
وإن كان صاحب سلطة فزيّن له أعمال الفساد بزينة التّخدير.
وإن كان تاجرًا فعلِّمه الاحتكار والغشّ في القطمير.
وقس على ذلك الكثير الكثير.
وهناك انتفض إبليس الصّغير سائلًا أباه: وإن كان لبنانيًّا فماذا أفعل يا أبي؟
هنا بكى إبليس الكبير بكاء مريرًا، وبحرقة المتلعثم أجاب:
يا ولدي لا تكن شرّيرًا فوق العادة، ولا تغرق بالنّوم على الوسادة، دع اللبنانيّ وشأنه، فأمره عسير.
إنّه في دنياه يعيش في السّعير الأنيل الذي وُعد بها من حكّامه في عتمة ليل بهيم أليل.
دعه يا ولدي فعمره قصير، وحاله في منتهى القهقرى و"التعتير".
ويكفيه ذلًّا أنّ سياسيّي بلاده بلا ضمير. ألا يعرف قلبك الرّحمة أيّها الصّغير؟!
وبنظرة تحليليّة لهذه النّصيحة الأبويّة، نرى أنّ إبليس اللعين متعاطف مع اللبنانيّين أكثر من السّياسيّين!
وباختصار، ودرءًا للتكرار، لا بدّ من أن يدفع الظّالم ثمن ظلمه!
ولحاكمين البلد بالحقد والحسد، نقول وبالفم الملآن:
"تبقوا احكموا البلد إذا ضلّ في مين يخبّر"!