فلسطينيات >الفلسطينيون في لبنان
الفلسطينيون في لبنان عُرضـة للمعاناة والتيـه والتّهجير
الفلسطينيون في لبنان عُرضـة للمعاناة والتيـه والتّهجير ‎الاثنين 18 01 2016 22:15
الفلسطينيون في لبنان عُرضـة للمعاناة والتيـه والتّهجير
مسؤول الملف الصحي باللجنة الشعبية - كمال الحاج

وليد درباس

لم تشفَـع إسهامات الفلسطينيين في لبنان بتحريك عجلة الدورة الحياتية الاقتصادية اللبنانية بتصنيفاتها وتفرُّعاتها المختلِفة، بتمكينهم من الحصول على أدنى حقوقهم الانسانية والاجتماعية. وفوق هذا الاجحاف بحق الفلسطينيين، فإنهّم يعانون الأمرّين على كافة الصُّعد جرّاء الأوضاع الصعبة التي ترزح تحتها المخيمات في لبنان.

الفلسطينيون برزوا في جميع المجالات
ساهم الفلسطينيون، وباعتراف أكثر من مصدر ذي علمٍ واختصاص بديناميكية عجلة الدورة الحياتية الاقتصادية اللبنانية وعطفاً عليه، فقـد أسهمَ الفلسطينيون إثـر لجوئهم إلى لبنان جرّاء نكبة العام 1948 بتأسيس الشركات الكبيرة. فأول شركة لتوزيع المطبوعات في لبنان أسّسها "فرج الـله"، و"توكيل مرسيدس وشركة ليسيكو... إلخ"، أسّسها "توفيق غـرغـور"، وسلسلة المطاعم الشهيرة في مطار بيروت وكازينو لبنان أسّسها "لودين وأولبرت ابيلا"، وشركة تدقيق الحسابات في لبنان أسّسها "فـؤاد سابـا"، والمؤسّسون كلهم فلسطينيون، وفي سلك التعليم برز أسـاتذة فلسطينيون جامعيّون ومنهم"نقولا زيادة، برهان الدجاني، نبيه أمين فارس، صلاح الدباغ، نبيل الدجاني، يوسف الشبل رجـا طنوس، وسمير صقلي، ومحمود زيـدان، وعصام مياسي، وعصام عاشـور، وطريف الخالدي... الـخ"، وفي مجال الفن برز العديد ومنهم "ناجي العلي، ابراهيم غنام، توفيق عبد العال، اسماعيل شموط، محمد الشاعـر، كميل حـوا، حليمة أفنان، بول غيرا غوسيان، جوليانا سيرانيم ... الـخ"، وبحقـل الصحافة "غسان كنفـاني، نبيل خـوري، نايـف شبلاق، توفيق صايـغ، كنعان ابوخضرا، جهاد الخازن، نجيب عـزام، إلياس نعواس، محمد العوناني، زهـدي جاراللـه، ..."، وليس آخـراً فمن أسّس بنك عـودة هـو الفلسطيني "ريمـون عـودة"، علاوةً على ضـخ الجاليات الفلسطينية بدول الاغتراب ولحينه مئات الآلاف من الـدولارات لذويهم، والتي تُصرَف بسياق الدورة الحياتية في لبنان، زد عليها الإيرادات المالية الدورية لـ"م.ت.ف" مئات الآلاف من الدولارات لصالح قوات الأمن الوطني وقضايا وحاجات أهل المخيمات وتصرف في لبنان أيضاً، وكل هـذا لم يشفـع للفسطينيين بالحصول على حقوقهم، الإنسانية والاجتماعية، وأن تتعاطى السلطات اللبنانية مع قضاياهم وحاجاتهم الحياتية، في التعليم، والطبابة والاستشفاء، والخدمات الاجتماعية أسـوة بأشقائهم اللبنانيين، ويزيد الطين بلـة السياسات المجحفة لوكالة الأونروا وهي الجهة الدولية المخوَلة بحكم مسؤولياتها بالتعاطي مع قضاياهم وحاجاتهم في التعليم، والصحة والمعونات الاجتماعية... الــــــخ"، ما يجعل لاجئي المخيمات يعانون الأمرّين، ويصبحون فريسةً للفقر والمعاناة وعُرضـةً للتهجير والتّيـه من جديـد.
 

معاناة العمّال الفلسطينيين مقيتة وغير مقبولة

عمر خطاب


يؤكـّد نائب أمين سر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين ـ فرع لبنان "عمر خطّاب" أن "الفلسطينيين في لبنان هـم بالأساس جـزءٌ مـن مكوّنات الطاقـة البشرية العاملة في البلد، ويقيمون فيه وينفقون دخلَهم لصالح الدورة الاقتصادية على عكس العمالة الأجنبية. وسنوياً يرد لبنان من الفلسطينيين نحو "340" مليون دولار علماً أن نسبة العمالة الفلسطينية فيه لا تتجاوز 12%، بما يعادل "55,000" عامل فلسطيني وفق تقديرات إحـدى الدراسـات الموثّقة، وينضوي أغلبيتهم بخانة العمّال العاديين، وهم يُدرَجون وفق حديث خطّاب، عملاً بلوائح ونُظُم الاتحاد، ضمن "18" مهنة، ومنها على سبيل الذكـر (السواقة العمومية، الحلاقة، الزراعة، الخدمات العامـة، المحاسبة، الفندقيـة، التنظيفات، البناء)، وتحتلُّ الأخيرة المركز الأبرز لِشمولها قطاعاً واسعاً من العمَالة باختلاف تصنيفات المهن المنضوية بالبناء، وتدخل بمسؤوليات الاتحاد، ومؤخّـرًا أضيفت مهنة "التمريض"، وسيجري تشكيل نقابة خاصة بالعاملين فيها، ومردُّ التشريع بحسب خطّاب هو حاجة السوق اللبناني، لأن نسبة الممرضين الفلسطينيين 86% من الإجمالي العام لقطاع التمريض، وثانياً لترشيح نقابة الممرضين اللبنانين ما أهّـل، وهـذا الأهم، لمصادقة السلطات الرسمية اللبنانية المختصة. وذاتُ الآلية يطمحُ لها الفلسطينيون أصحاب المهن الحرة (الطب، الهندسة، المحاماة، الصيدلة... الـخ)، علماً بأن التقديرات العددية تشير لوجود أكثر من "350" طبيباً، و"80 "محامياً، و"300" مهندس وجميعهم خارج نطاق مسؤوليات الاتحاد، وعطفاً عليه فإن اجمالي العمالة الفلسطينية لا يساوي نصف عدد الجالية المصرية العاملة في لبنان، ولا يزعزع الاستقرار ولا يهـدد مصالح أقرانهم اللبنانيين".
ويُعاني العمال الفلسطينيون الأمرّين، حيثُ أن نسبة البطالـة في صفوفهم بارتفاع مستمر وقد بلغت نحو 86%، وباتوا معرضين للفقـر وللتهجيـر. وبذات السياق، ينوّه مسؤول اللجان العمالية الشعبية الفلسطينية، "عمر خطاب"، إلى أن "الفترة الممتدة ما بين العام 2005 و2010 شهدت نشاطات جماهيرية ونقابية فلسطينية ولبنانية وعلى أكثر من مستوى وصعيد دفعت بالتالي الجهات الرسمية اللبنانية لإصدار بيانات وقوانين وزارية لتحسين ظروف اللاجئين الفلسطينيين إلا انها جاءت متناقضة مع ذاتها، خاصةً وقد اشترطت مبدأ المعاملة بالمثل، علماً أن الفلسطينيين يخوضون معركة التحرر الوطني بوجه الاحتلال الاسرائيلي إضافةً إلى أنهم مقيمون في لبنان منذ اللجوء الاول في العام 1948. وبعيداً عن الخوض بالتفاصيل لم يُنصَف العامل الفلسطيني، ووضعت العراقيل بوجهه، ومنها عدم استفادته من قانون الضمان الاجتماعي (المرض، الأمومـة، التقديمات العائلية... الـخ) واشتراط حصوله على اجازة عمل وبكلفة باهظة ومرهـونة كذلك بمزاجية صاحب العمل. هـذا ويتوجّب عليه ان يُسدِّد لصالح هذه الصناديق، ولا يستفيد منها وفـق قانـون العمل رقم 129 للعام 2010 سوى من تعويض نهاية الخدمة بنسبة 8,5%، وذلك بعد مماطلة ومماحكـة ومشادة وتدخل ووساطات لبنانية في كثير من الأحيان".
متابعـة وحلول لقضايا العُمّال
يُشير خطّاب لتواصل الاتحاد وتفاعله مع العديد من الكتل والاتحاد والهيئات النقابية اللبنانية والعاملين أيضاً بهذا الحقل، ومع وكلاء وزيـر العمل في السرايا بالمناطق، لافتاً إلى أن الاتحاد يفتح ابواب مقراته حيث وُجِدَت لأصحاب القضايا من العمال، ويبذل جهده لحل الممكن، وان جاء معظمها وفق التسويات، وعليه، يشير خطاب لمطالبة الاتحاد بالتالي:
*** إصدار مرسـوم لصالح العمالة الفلسطينية شريطة المصادقة عليه من المجلس التشريعي النيابي أو مجلس الوزراء باعتبار صدوره عن وزير العمل يجعله قابلاً للإلغاء من وزير آخـر
*** دفـع تعويض نهاية الخدمـة ربطاً بالأثـر الرجعي وليس بـدءاً من تاريخ صدوره، لأن عشرات العمال الفلسطينيين مضى على عملهم أكثر من عقدين من الزمن لـدى رب العمل
*** حصول السائـق الفلسطيني المالك لنمرة عمومية على "دفـتر عمومي" يرخص له العمل أسـوة باللبناني، ولحينه العمل على رفـع القيود المفروضة بحقهم حتى بحدود العمل ضمن الشركات
*** إعطاء الصيادين الفلسطينيين رُخص عمل دائمـة لا مؤقتـة أو موسمية
*** العمل على شمول العمال الفلسطينيين بتعويضات الكوارث
*** تمكين المزارعين الفلسطينيين من الحصول على الأسمـدة باختلافها وبدون استثناء
*** رفـع أجـور العمال المياومين لتتناسب والحد الأدنى لمتطلبات المعيشة، علماً أنه بالسنوات الماضية كانت بحدود "50,000 ل.ل" يومياً وباتت اليوم مابين "15,000 و30,000 ل.ل"
ويختم خطاب بالإشارة لآلية متابعة قضايا العمال، من خلال التواصل عبر الهاتف أولاً، ومن ثم برسالة عبر العامل، يلي ذلك جمع الطرفين، رب العمل والعامل، للوقوف على حقيقة الأمـر وتقديم الحـل، وبحال تمنُّعِ رب العمل تُحال القضيـة لوكيل وزيـر العمل بالسرايا على أساس تنفيذ ما جاء بالقانون وخاصة لجهة تعويض نهاية الخدمـة، وغالباً ما تُحـلُّ القضايا العالقة بالتسويات، وهي غير منصفة للعامل.
الطبابة والاستشفاء الـمُجدي مطلَب كافة الفلسطينيين

يُعَدُّ الملف الصحي بترجمته الفعلية الميدانية، وفق حديث مسؤول الملف الصحي باللجنة الشعبية "كمال الحاج"، من أكثر الملفات سخونة، ويعاني جراءه المرضى الفلسطينيون دون سواهم خاصة أن سياسـة الأونروا الصحية ـ الاستشفائية محكومة بمعايير ورمـوز طبيّة لكل حالة مرضية، إن في مجال الاستشفاء او في مجال الجراحة، علاوةً على تعاقـدها مع المستشفيات استناداً لثلاثة تصنيفات، يوضحها الحاج قائلاً: "أولاها مع مشافي الهلال الاحمر الفلسطيني، وثانيها مـع المشافي اللبنانية الحكومية وبتسعيرات متفاوتة وإن بتغطية 100%، والتصنيف الثالث يتعلّق بالمشافي الخاصة ومنها على سبيل الذكر لا الحصر (مستشفى غسان حمود، مستشفى لبيب ابو ظهـر، مستشفى دلاعـة،...الخ)، بتسعيرات يتحمّل المريض جرّاءها نسبة 50% من العلاج، حيث يواجه المريض الفلسطيني صعوبة وأعباء كبيرة في تحمُّل سداد ذلك، وخصوصاً ذوي الأمراض المستعصية ممّن يواجهون الموت ببطء ومنهم مرضى السرطان وأنواع اخرى من الأمراض النادرة التي لا تغطيها الاونروا، ومنها وفق معطياتنا وحتى حينـه (مرض التصلُّب اللويحي، ومرض الكروم...)، ودواؤهما مُكلِف جـداً، وبسببها يضطر المريض مكرَها لطلب المعونة من المحسنين وفاعلي الخير وعبر دور العبادة والمؤسسات الداعمة، ويضاف لأفراد هذه الفئة ذوو الأمراض الدائمة، فتأمين حاجتهم مـن الـدواء هـو بمثابة معضلة دائمة". وعطفاً عليه يستشهد مسؤول الملف الصحي "كمال الحاج" بحالة المريض "عيسى غنّام" المصاب بمرض التصلُّب اللويحي، حيث يقول: " علاج أصحاب هـذا المرض يتم من خلال حقن خاصة بذلك كلفة الواحدة منها أكثر من مليون ليرة لبنانية، والأونروا لا تتحمّل شيئاً من كلفتها ولا تقدم اي مساعـدة تُذكَـر. فكيف يتدبّر المريض شـؤونـه حتى وإن كان ذا مدخـول؟! أيتعالج أم يوقف الصرف على عائلتـه؟! الجواب برسم الأونروا باعتبارها الجهة المسؤولة عن اغاثـة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين".
 

جهود حثيثة لمتابعة وحل القضايا الصحية

يشير "كمال الحاج" لبذل اللجنة الشعبية جُـلَّ طاقتها، وعدم تردُّدها عـن طرق كافـة الأبواب توخيّاً لتخفيف المعاناة عـن كاهـل المرضى عموماً، ومن يقصد مقرّاتها أيضاً، ويضيف "تطالب اللجنة الشعبية الأونروا باستمرار بتحمّل كامل المسؤوليات عن أحوال ومعاناة المرضى الفلسطينيين بمن فيهم المرضى المهجرين من مخيمات سوريا، كما تبذل مساعيها مع جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني التي تبدي من جهتها الكثير من التسهيلات لا بـل وتتجاوب مع تمنيات ومطالب اللجنة الشعبية لما فيه صالح المرضى. أمّا مؤسسة الضمان الصحي الفلسطيني فتساهـم بـدورهـا بتغطيـة 20% من فاتورة العلاج".
ويختم بالقول: "تتّبـع الأونروا سياسـة تملص تدريجي من تحمِّل مسؤولياتها تجاه المرضى الفلسطينيين، فتحمِّل المريض جـزءاً مـن كلفـة الـعـلاج، كما هـذه الأيام، وبفترة قادمة ستدفـع باتجاه رفع تلك النسبة، وهكذا دواليك، ما يستدعي مـن القيادة السياسية لمنظمة التحرير ولجنة المتابعة المركزيـة للجان الشعبية الفلسطينية في لبنان إعـداد برامـج تحـرك للتصدي لهـذه السياسات".

السياسات التربوية حدّث ولا حرج

المشكلة الأبرز في قطاع التعليم تبـدأ وفـق حديث عضو الهيئة القيادية للاتحاد العام لطلبة فلسطين في منطقة صيدا "سامـر السيّـد" من سني المرحلة التأسيسية، وخاصة في مدارس الأونروا باعتبار ان المنتسبين لذات المرحلة في المدارس الخاصة والرسمية اللبنانية قليلو العدد وأغلبيتهم يعيشون خارج المخيمات.
ويوضح السيّد "في مقدمـة المشاكل سياسة الفـرز ببعض مدارس الأونروا استناداً للانتساب لرياض الاطفال، وأحياناً تبعاً لمستوى الرضى عـن هـذه الروضة وتلك، علماً أن الظروف الاقتصادية الصعبة للسواد الاعظـم مـن الفلسطينيين تحـول دون وضع اطفالهم في الرياض، وتستفحل المشكلة جـرّاء الكثافـة العـدديـة بالصفوف اذ تتراوح مابين "40 إلى 50" طفلاً بالصف الواحـد، وتزداد جـّراء المنهجية الجديدة بالتعليم، ما يشتّت قـدرات المعلم ومتابعته لأوضاع الأطفال خاصة ممّن هـم بحاجة لذلك، علاوةً عـلى وجـود معلمين يفتقـرون للقدرات بل وأحياناً يعجـز بعضهم عـن ضبط الصف، وتغيب المحاسبة بوقت تنفق الأونروا الملايين لإقامـة دورات التأهيل وتـدريـب المعلمين، الأمـر الـذي يتسبّب بالتالي بتراجع التلاميـذ وعـدم قـدرتهـم على الاستيعـاب، ومـع الانتقال للصفوف الأعلى تبرز بأوساطهم ظاهـرة التسرب المدرسي، بالإضافة لتطبيق الأونروا مبـدأ الترفيع الآلي، ويضطر الاهالي مكرَهين ورغـم ما يعانونـه جرّاء الأوضاع الاقتصادية الصعبة للاعتماد على دروس التقويـة على اختلافها ومـا أكثـرها في مخيماتنا سواء أكان عبر البيوت أم المكتبات والجمعيات الاهلية وغيرها".
"هذا وتجهـد الأونروا لاقناع ذوي الطلاب بتوجيه أبنائهم للتعليم المهني كمنفـذ للتهرُّب مـن مسؤولياتها حيث لامناص أمـام الأهـالي والأبـناء ولا بديـل سـوى الشارع"، وفـق تنويه مسؤول الملف التربوي في أمانة سـر اللجان الشعبية الفلسطينية سـامـر السيـد، ويضيف "إنّ متطلّبات هذا الحقل تتطلّب من الاونروا أن تحـذو حـذو الـدول المتحضرة بالسعي لاكتشاف ميول الطلاب مُسبقاً، وتوجيههم استناداً لـذلك لأنـه لا يوجـد طالب فاشـل والعبرة بالمنهجية وسياسة الترشيد".
"مـن ناحيـة أخـرى يُشير السيّـد للنقـص المستفحـل بعـدد معلمي التوجيه في المدارس لافتاً إلى أنهم إن وجدوا فالبكاد نجـد معلّماً يتيماً بالمدرسـة الواحدة ولبضعة مئات من الطلاب، ويـزيـد "معاناة الطلاب لا تتوقّف عند هـذا الحـد، فالانتقال للمرحلة الثانـويـة يترافـق بتشتيت تفكير الطلاب"، ومـرده "تحسُّب الطلاب مـن مغبـّة عـدم اكمال علومهم الجامعية، خاصةً أن أجنـدة الأونروا تخلو من نظام المنح الدراسية وإن توفّرت أحياناً مـن خـلال الدول المانحة فهي ضئيلة العـدد وبتخصّصات لا تناسب ميول المتفوقين، علماً أن نسبة الميسورين بأوساط الفلسطينيين ضئيلة ما يعرّض السواد الأعظـم من الطلاب للتيه أو الاسـتدانـة بغرض التعليم الجامعي".
وبالسياق إيّاه ومع تقـديـر وتثمين تقديمات مـؤسـسة الرئيس محمود عباس للطلبة الجامعيين في لبنان فـواقـع الحال يدفعنا وفـق حـديـث السيد "أن نطمـح بطلب المزيـد خاصةً أن قطاع الشباب هـم بمثابـة الخـزان الحقيقي للقضية والدولة الفلسطينية العتيدة"، ويختم بالتمني على القيادات السياسيـة وفي مقدّمها "م.ت.ف" في لبنان لـوقـفـة جديّـة تحـول دون تمكين الأونروا مـن تعميم سياساتها المجحفة باتجاه قطاع التعليم، ومحاولة فرض الرسوم المدرسية على الطلاب الفلسطينيين.
 

معاناة الفلسطينيات وعذاباتهنّ مضاعفة

تشير عضو الهيئة الادارية للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، مسؤولة اللجنة الاجتماعية في منطقة صيدا، " ثريا راجح" إلى أن "معاناة الفلسطينيات غالباً ما تكون مضاعفة وعذاباتها لا توصف خاصةً أن قطاعات واسعة منهن بتن بمثابة المعيل للأسرة جرّاء فقدان رب الأسرة أو لتعرُّضه للاصابة وغيره، فيجدن أنفسهـن مضطّرات لـطـرق أبواب سوق العمل حيث توفر في الشركات والمصانع اللبنانية أو في السوق السوداء والمشافي والمؤسسات الفصائلية الفلسطينية والأهلية ـ المجتمعية، ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على اختلافها، حيث يؤدي الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية بالسياق إياه دوراً بالغ الأهمية وفق وصف راجـح، اذ يوجّه أجندته التربـويـة والمجتمعية على اختلاف أهدافها (تمكين المرأة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، ومحو الأمّية، والتوعيـة الصحية،... الـخ)، لمساندة النساء وتشجيعهن للانتساب لبرامجه، ويوجّههن أيضاً لتعلم المهن المناسبة، ويؤمّـن لهن اضافة لذلك القروض المناسبة لتمكينهن من تأسيس المشاريع البيتة او تعزيز ما لديهن او الشراكة مع أخريات بتأسيس مشاريع انتاجية صغيرة، ومنها على سبيل الذكـر: (بسـطات بيـع حاجيات الاطفال، صالونات كوافير وتزيين نسائي، خياطة ملابس وستائر، تجهيز العروس وتأجير بـدلات العرس، دكانة سمانة، مونة بيتية، طحن الفلفل والزعتر، تقطير النباتات لصنع ماء الزهـر والميرمية والزعتر...، بيع ملابس عبر البيوت...الـخ)".
وتزيد مسؤولـة اللجنة الاجتماعية ثريـا راجـح "إضافة لذلك يتعاطى الاتحاد مع حاجات ما يربـو عـلى الـ"300" طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة في مخيمات منطقة صيدا وفق المتاح ومن خلال عطاءاته المختلفة من معاينة صحية خاصة ومتابعة واجهزة مساعدة على اختلافها، وسوى ذلك، ويساعد أيضاً الحالات الاجتماعية الصعبة مـن خلال هيئة التكافل الأُسَري بشكل دوري ووفق المتاح، ويوفّـر القروض للطالبات والطلاب لاكمال علومهم الجامعية والمهنية، كما يعفي ذوي الأطفال من الحالات الصعبة من رسـوم رياض الاطفال السنويـة وخلافـه مـن المستلزمات الأخرى". وتختـم بالتنويـه للمفاعيل السلبية لقـرار مـنع الفلسطيني مـن حـق التملُّك وتبعاتـه على الحرمان من الإرث من جهـة، وتدني تقديمات حالات العسر الشديد للأونروا خاصةً أن مئات العائلات الفلسطينية، إن لم يكن عموم أهل المخيمات، باتت تعدّ من هذه الفئة بسبب البطالة المستشرية والحرمان من حق العمل والغلاء الفاحش بلبنان بذات الخانة من جهـة ثانيـة.
 

شواهـد من معاناة أهـل المخيمات

*الفلسطيني وليد النصر

عامل طوبار ورب اسـرة من سبعة أنفار. أُصيبَ منـذ العام 2009 بكسر بالعامود الفقري وتحطُّمٍ نصفي بالكعب الأيمـن، أوقفه عن تحصيل لقمة العيش الكريم لأسرته، والمؤهـلون للعمل من اولاده يبحثون دون جدوى عن عمل ولا يحصلون عليه، الأمر الذي يجعل من وضع العائلة صعباً وعصيباً، في حين أن منحـة الشؤون الدورية الموسمية من الأونروا بمعدل "10دولار" للفرد مصحوبةً بقليل من العدس والحمص والسكر، زد عليها مساعدة هيئة التكافل الاسري من الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية بقيمة "50 دولار"، وهي غير منتظمة، لا تنشـل عائلة أبو النصر من مغبّة الحرمـان والتوق للعيش الكريم، ويختم الفلسطيني ابو النصر بالقول: "نشكر الاتحاد لتحسُّسه مصابنا ووقفته وفـق الممكن والرئيس ابو مازن لرعايته برنامج التكافل... وربنـا ما بقطـع حدا.. بعـد في ولاد حلال ومحسنين ولله الحمـد".

**الفلسطينية جـواهـر أبو حشيش

ربـة أسـرة وأم لثلاثة أطفال. هاجـر زوجها بحثاً عن العيش الكريم، وتسكن في منزل ايجاره 200,000 ل.ل. شهرياً. وحول صعوبة وضعها تقول: "اكتشفنا اصابتي بمرض (MS)، وهو نوع من الالتهاب الدماغي، منذ العام 2010، وباتت معاناتي مضاعفة ولا تتوقف بحدود النزوح من سوريا، ونقص الاحتياجات المعيشية والمطلبية الأساسية، وأبزرها هذه الأيام تأمين العلاج حيث أن ثمن علبة الحقن (Avonex) الشهرية "1200دولار "، وفيها أربعـ حقن آخذها بمعدل واحـدة أسبوعياً، واغتنم الفرصة لأوجّه الشكر للسيد كمال من اللجنة الشعبية لتوسُّطـه بتأمين إحـدى العـلب".
وتضيف "بسبب الهجمات المرضية أتناول الكورتيزون، والمشكلة أن الأونروا تصرف لي نصف الكمية المطلوبة فقـط بسبب كثرة المرضى لديها وفق حديث طبيب العيادة، ولا يمكنني شراء النصف الآخـر"، علماً أنها تعتمد بمعيشتها على معـونـة الأونروا أسـوة بباقي النازحيـن وبانتظار مـن يمـد يـد العـون.

**ريما الكل

ضغط متطلبات الحياة واستعداد أخيها الوحيد بين ثماني شقيقات لبدء تأسيس حياة جديدة دفع الفلسطينية ريما الكل لفتـح صالون تزيين نسائي عبر اقتطاع حيّز من بيت العائلة لذلك، وتعاوِنُها بين الحين والآخر إحدى شقيقاتها، بحيث باتت ريما بمثابة المعيلة لعائلتها، وتقول معلّقة على وضعهم المعيشي: "الحمد لله مستورة". وتشكر ريما الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية لمساندتها بمنحها القروض لمرّتين متتاليتين الأولى بقيمة "1000دولار " والثانية "1500دولار"، وتتأهّـب اليوم لطلب قرض أكـبر لشراء التجهيزات الضروريـة والكهربائية لعمـل الكوافيـر، وتنهي بالقول: "على المقترضين ان يكونوا صادقين بالسداد وبالوقت المحدد.. الاتحاد لم يقصّر مع أحد".

**العامل ياسيـن الخطيـب

كان يعمل الفلسطيني ياسين الخطيب (44 عاماً)، وهو متأهّل ولديه طفلان، عامل باطون مطبـّع ملوّن في شركة البحر بالغازية في ضواحي مدينة صيدا بأجـر يومي "50,000 ل ل"، ولكن بعد 5 سنوات عمل في الشركة تم فصله تعسُّفياً ومعه أربعة عمال آخرين. ويشرح سبب ذلك قائلاً: "أُرسلنا لرصف أضية إحدى الورش، فوجدنا إحدى البوابات مغلَقة ويفترض فتحها توخيّاً لعمل أفضل ونجاح 100%، ولكن صاحب الورشة لم يكن موجـوداً، فأبلغنـا المعنيين بالشركة، وأعلمونا أن لا دخل لنا بالأمر وعلينا العمل وحسـب، وبعـد الانتهاء حضر صاحـب الُمُـلك واحتـجَّ لعـدم فتح الباب إيـاه ما أوقعنا بإشكال. وفي صباح اليوم التالي تأخرت سيارة الشركة عن الحضور لأخذنا، وفوجئنا عند وصولنا على نفقتنا الخاصة بإبلاغنا بالفصل وحسم أجـر يـوم ونصف من العمل بذريعة احتجاج صاحب الملك بسبب البوابة، وأننا المسؤولون، وقد حاولنا شرح الموضوع ولكن بدون فائـدة، ورفعنا شكوانا لاتحاد نقابات عمال فلسطين، وبين أخـذ ورد حصلت التسوية، ودُفـع لكـل منا مليونان فقـط. علمنا بعدهـا باستدعـاء رب العمل باقي العمال وتلزيمهم بتوقيع تعهـد بعـدم أحقيتهـم بالحصول على تعويض نهايـة الخـدمــة أو لن يكون لهم عمل!".