بأقلامهم >بأقلامهم
الجائع لا يكتب
الجائع  لا يكتب ‎الجمعة 9 07 2021 10:52 القاضي م جمال الحلو
الجائع  لا يكتب


«لا عقوبة  على  الجائع»، هكذا  قالت المحكمة الإيطاليّة العليا منذ فترة، وهي تناشد العالم كلّه بأن  يلتزم هذه القاعدة الاجتهاديّة التي أطلقتها.

"الجائع لا يكتب"، فالجائع لا يصلح أن يكون معلّمًا أو مدرّسًا، والجائع لا يصلح أن يكون قاضيًا، والجائع يفقد الانتماء إلى أسرته ووطنه.

وإذا كانت الشرائع السماويّة قد حرّمت أن يحكم القاضي وهو جائع لساعة، فكيف بالإنسان أن يتصرّف إذا كان جائعًا باستمرار.

فالأب الجائع يفقد قدرته على إدارة أسرته، والمدرّس الجائع يفقد هيبته وكرامته وأن يكون قدوة لتلاميذه. والقاضي الجائع يفقد عدله ورحمته وهيبته واتّزانه. 

وكذا الدول التي تجوع تفقد استقلاليّة قرارها، كما تفقد كرامتها. فالدول التي لا تُنتج طعامها  ودواءها وغذائها تكون مسلوبة   الإرادة وفي حالة ضياع. والمواطن الجائع يفقد كلّ امتنانه واحترامه لحكومته ويفقد خصوصيّة انتمائه إلى وطنه الذي لم يسدّ له جوعه، ويؤمّن حمايته لسبل العيش الكريم.

والابن الجائع يفقد معظم احترامه  لأبيه، والزوجة الجائعة تفقد معظم احترامها وتقديرها وطاعتها لزوجها.  فيا ترى كم من جائع اليوم في بلدنا الحبيب لبنان؟

من منّا لا يذكر حادثة الخليفة العادل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه عندما رفض تطبيق حدّ السرقة (بقطع اليد) على شخص سرق ليأكل من شدّة الجوع، صارخًا بأعلى صوته: "هلاّ قطعتم يده بإعطائه حاجته".

أين نحن من عدل عمر؟ في بلد أصبح فيه الظلم متفشّيًا إلى حدّ الموت جوعًا على أعتاب القهر والذلّ والخذلان. 
اللهمّ ارحم لبنان...

المصدر : جنوبيات