بأقلامهم >بأقلامهم
جميل بيرم وداعاً
جميل بيرم وداعاً ‎السبت 23 07 2022 09:15 محمد لمع
جميل بيرم وداعاً

جنوبيات

ما ذكرت النزاهة الا وكانت مقرونة باسم جميل بيرم وما ذكر العدل الا وكان جميل بيرم جزءاً من اسسه.. Hما التواضع ومحبة الناس فكان جميل بيرم واحداً من عناوينها.

كل الصفات الحميدة اجتمعت في شخص قاض كبير اسمه جميل بيرم كان وحده قصراً من قصور العدل صداقاته اكثر مما يتخيلها عقل..
مارس وظيفته في خدمة العدالة وفق شعار الحق يعلو ولا يعلى عليه.. فلم يرض بظلامة احد ولم يحكم الا بالعدل وبما يمليه عليه ضميره لا وساطة لديه الا اذا كان الحق والعدل رفيقاً لها فلا ترك مجالاً للسياسة ان تدخل الى مكتبه ولا للسياسيين ان يحرفوه عن مبدأه العدل اساس الملك واعطني عدالة اعطيك وطنا صالحا.

جميل بيرم الذي بكته الوردانية لم يكن للوردانية وحدها بل كان عدلاً وعدالة لكل لبنان وخسارته كما هي خسارة للوردانية وللجسم القضائي فهي خسارة للبنان من شماله الى جنوبه وبقاعه وجبله وشوفه واقليمه الى قلب عاصمته.
عاش الرئيس بيرم الالم قبل غيابه وكان يغلف هذا الالم بابتسامة بالكاد تظهر على وجهه رغم انه لم ينقطع عن واجباته الانسانية فهو هنا مباركاً وهناك معزياً وهنالك متفقداًهذا وذاك.

في كل مركز وموقع تبوأه من القضاء العدلي، الى المحكمة العسكرية، الى النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب الى الهيئة الاتهامية في بيروت، كان له حضور القاضي الودود، المحب، المتواضع، العصامي والعامل على مساعدة المظلومين وطالبي الخدمات الذين لا واسطة لهم سوى الله تعالى.

لم تغير المراكز على كثرتها من طباعه فبقي في كل منها هو جميل بيرم الواضح، الشفاف، المستند الى شعار: "حاجة الناس الينا من نعم الله علينا".

في بلدته الوادعة التي تحتضن التعايش الاسلامي - المسيحي نشأ الرئيس بيرم في منزل يجاور حسينية ويطل على كنيسة ليتشرب معاني التسامح والانفتاح على الآخر والابتعاد عن الطائفية والمذهبية.

جميل بيرم لولا العناية الالهية ولطف القدر لكان في 9 حزيران 1999 الشهيد الخامس بعد القضاة الاربعة الذين اغتالتهم يد الغدر وهم على قوس المحكمة في صيدا، ولكن لطف القدر انقذه ليعيش الحزن على زملائه القضاة الاربعة.

كل المزايا والصفات الحسنة التي عرف بها جميل بيرم وجعلته قريباً من الناس والعيش بينهم، نقلها الى ابنائه المهندس الحاج محمد وباسل والقاضي اسعد بيرم الذي اخذ عن والده حب العدالة والنزاهة والانسانية والاستمرار في السير على الدرب الذي اختطه والده له ولأخويه.
اخي الكبير، الغائب الحاضر بيننا جميل بيرم، من ترك وراءه مثل القاضي اسعد يغيب مطمئناً الى ان العدالة باقية وان حاول البعض تشويهها او حرفها عن غايتها الاساسية عملاً بقول الوالد: اذا دخلت السياسة قصور العدل غابت العدالة عن قاعاتها.
وداعاً ايها الحبيب،

انه قدر الله..
لن ننساك وان غادرتنا جسداً، فانت باق في قلوبنا روحاً واخلاقاً وشفافية وانسانية وعدلاً.
لابنائك وعائلتك العزاء ولمحبيك واصدقائك وكل من عرفك الصبر والسلوان.

نائب رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان

المصدر : جنوبيات