البئر دست ماء ونقاء، وعين الدمع سيل السماء، كوّر الحفار حدقتها والألف باء. عبّت جدّتي من فيضها قطراً وضّاء، حمّمت تحت الشمس كلّ وعاء؛ وحينما غفت تستريح عند عتبتها، حفر المسد في خدّ البئر مجراه، وفي متنها جراح السنين والخواء…

كامل جابر
من الآبار القليلة والنادرة في النبطيّة، إذ كانت النبطيّة العتيقة تلتمّ في وسط سمّي بعدها بحيّ السراي، وكان قريباً من عيون المياه. أمّا ما تفرّع لاحقاً من بيوت في أحياء كانت تعتبر نائية عن النبطيّة الأمّ، استسهل أصحابها في تأمين المياه، بناء آبار التجميع، التي تعتمد في مخزونها على متساقطات السماء، لاستخدامها في الشرب وريّ الزراعة وسقاية الماشية.
هي حفرة على شكل إجاصةعمقها بين خمسة أو سبعة أمتار،  يتم اختيار موضعها في الأرض الصخرية، أو تبنى من الصخر في الأرض الطريّة، على طبقات تتّسع من أسفل وتضيق من أعلى. إنّ طرق حفر هذه الآبار قديماً تختلف تماماً عن الطرق الحديثة المستخدمة في هذا العصر، حيث كانت تعتمد على المعول أو الفأس والأزاميل لحفر الأرض والصخر، والمجرفة للتجويف وإخراج التراب. 
بعدها كانت تحوّل ميازيب السطوح (المزاريب) عبر قنوات أو مواسير عموديّة، يجري فيها الماء منصرفًا من أسطح الدُّور أو المواضع العالية، فينسكب على الأرض بعيدًا عن جدرانها ويذهب نحو جوف البئر، فتمتلئ وتفيض في سنوات الخير والمطر.
عين البئر في منزل الشيخ علي كركي، حي البياض، النبطية في 9 شباط 2023