بأقلامهم >بأقلامهم
"عنترة في رحاب الفيحاء"!
"عنترة في رحاب الفيحاء"! ‎الثلاثاء 9 04 2024 23:26 القاضي م جمال الحلو
"عنترة في رحاب الفيحاء"!

جنوبيات

إنّها قصّة من وحي الخيال، الغاية منها التّرويح عن النّفس والبال.
فلمّا طلب عنترة يد عبلة من أبيها مالك، ⁩طلب منه هذا الأخير مهرًا عبارة عن رطلٍ من حلاوة الجبن! "وكما تعلمون ليس هناك حلاوة الجبن في الصّحراء".
فأخذ عنترة يجوب البلاد، ويسأل العباد، حتّى حظي ببعض من النّاس الكرام، الذين نصحوه بزيارة بلاد الشّام.
وما إن حطّ رحاله في بلاد الشام حتّى سأل وجهاءها عن محلّ لبيع حلاوة الجبن بالقطر اللذيذ. فقالوا له : ما لك إلّا طرابلس الشّام، فهي
أرض الخيرات والذّوق والجمال وفيها مبتغاك!
فشدّ رحاله إلى هناك، ودخل طرابلس من ناحية البحصاص، وترجّل عن جواده، وقال بعضًا من الشّعر مفاده:
"أنا الذي قطع الصّحارى في الليالي
لا تأخذني لومةَ لائمٍ ولا أبالي
جئتك يـا طرابلس والشّوق يسبقني
وفي أرضك يـا طرابلس سأحطّ رحالي."
وبعد أن استقبله الطّرابلسيّون الكرام، قالوا له : هلا وغلا بعنترة ابن شدّاد،  أطلب وتمنَّ بيننا، وستجد طلبك عندنا..
 فقال لهم: أريد "رطلاً من حلاوة الجبن" مهرًا لعبلة! فقالوا له : "نستضيفك عندنا ثلاث ليال، وبعدها طلبك مجاب في الحال يا سيّد الرّجال". فرضي وأقام في ضيافة الكرام.
وفي اليوم الأوّل أقاموا له وجبة الإفطار الصّباحيّ عبارة عن فتّة بالسّمنة العربيّة.
وفي وقت الغداء جلبوا له "ورق العنب باللحمة، و"لحم بالعجين" مع النّعناع  والبصل الأخضر".
وعند العشاء أحضروا له "البيض البلديّ المقليّ باللحمة والدّهن".
على أثر ذلك أحبّ عنترة الإقامة في طرابلس الفيحاء، وأعجبه العيش الهنيّ، ونسي الصّحراء والبوادي.
وقد تعلّق "أبو الفوارس" بطرابلس وكرم أهلها، وأنشد قصيدة مطلعها :
"يا عبلة على حبّك سامحيني
ففي طرابلس ضالّتي وحنيني
قد كنتُ أخطأت في حبّك مرّة
وقد أحببت عليك طرابلس فاعذريني".
وهكذا انتهت سيرة (أبو الفوارس) عنترة ابن شدّاد، وترك عبلة وأهلها ينتظرون المهر "حلاوة الجبن"، وقد طال الانتظار في زمن الافتقار.
وأصبح ينشد قائلًا :
"بلا عبلة وبلا بطّيخ،
وانزل بالسّمكة الحرّة طاخ طيخ"...
ولمّا ذاق "الشّيش برك"، "ارتخت مفاصله وبرك"!

المصدر : جنوبيات