عام >عام
فكرة جنونية من واقعٍ مجنون
فكرة جنونية من واقعٍ مجنون ‎الاثنين 20 03 2017 12:44
فكرة جنونية من واقعٍ مجنون


إن التحركات المطلبية هي وجه آخر من اوجه الحياة السياسية التي يمر بها البلد. البلد الذي يعيش حالة طبيعية  في علاقات الشعب والاحزاب مع السلطة السياسية. عادة يتم رفع مطالب معينة في وجه السلطة ، وتتصاعد التحركات من اعتصام الى اضراب الى مختلف اوجه التغيير الديمقراطي في محاولة لتحقيق بعضٍ من مطالبها. هذا في البلاد الطبيعية العادية اما في لبنان فأين نحن من كل ذلك ...!!  
فهذه السلطة السياسية في لبنان ما هي الا عبارة عن مجموعة من الاحزاب السياسية الطائفية التي تدّعي انها تمثل حصرياً طوائفها، لها قواعدها الشعبية التي لا يستهان بها ولديها القدرة على تحريك الشارع ، وبالتكافل والتضامن مع الهيئات الاقتصادية  الذين يشكلون الطبقة السياسية التي نتكلم عنها دائماً.
على ما تقدم، فإن التحركات الشعبية في لبنان يجب ان تكون مختلفة عن اي بلد آخر، ان من حيث الوسائل والادوات ، او خطة العمل والبرامج، لتحقيق الاهداف المنشودة. فالتحركات عادة  ما تكون في وجه السلطة الحاكمة وكل الفئات والشرائح الاجتماعية ذات المصلحة المشتركة  في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي تتجمع وتنخرط في المعركة المطلبية لتحقيق مطالبها. اما في لبنان فالوضع مختلف تماماُ بحيث ان الفئات المتضررة والتي تطالب بتحسين اوضاعها هي ذاتها اعضاء او مناصرين لإحزاب السلطة بالاجمال حتى لا نقول جميعها، وهنا "مربض الفرس" كما يقال.ومن هنا يجب ابتكار اساليب عمل جديدة في التحركات الشعبية للحراك المدني كمحرك اساسي وللأحزاب والقوى السياسية والنقابية المعارضة. فالاساليب القديمة سقطت في الشارع ولم تصل الى أية نتيجة بل بالعكس استطاعت أحزاب السلطة اللعب على المشاعر العاطفية( مذهبية طائفية) لإستقطاب الشارع والمحافظة على نفوذها بالحكم.
سلطة من نوع جديد مختلفة عن السلطة العادية، يجب أن تقابل بتحركات من نوع جديد. لم تعد تجدي نفعاً تحركات عادية في ساحات مفتوحة ضد السلطة  بشكل عام وتجهيل الخصم ، بالتالي علينا ان نحدّد أكثر كيفية التعاطي مع هذه السلطة. طالما أن السلطة هي مجموعة من الاحزاب ممتدة على مختلف مناطق الوطن وطوائفه ومذاهبه. والمتضررون منها، من مختلف الشرائح الاجتماعية في الطوائف والمذاهب، فلماذا لا تتحول التحركات ومختلف اشكال التعبير الديمقراطي لتكون في وجه أحزاب السلطة بالمفرّق. لنقلب الادوار ونلعب لعبتها.
فلتكن المطالبة للأحزاب الحاكمة والتحركات  ، اعلامية كانت أم على الارض ،موجهة باتجاه مراكزها الاساسية، لما تشكله من رمزية لإحراجهم وتحميلهم المسؤولية امام جماهيرهم المتضررة من سلطتهم. انها أحزاب سلطوية تتلطى خلف الدولة واداراتها ، وكلّ يرمي الكرة نحو الآخر، والذي يدعو للسخرية انها تطالب السلطة بالتغيير وتدعو لمحاربة الفساد ومنع الهدر عبر وسائل اعلامها.
حراك من نوع جديد هي فكرة جنونية من واقع مجنون في بلد يلفه الجنون من كل حدب وصوب. فان التغيير باسلوب التحرك ربما يمكّننا من تخطّي الحالة الراهنة  ،ويؤسس لبناء حالة مواطنة من نوع جديد ، وربما يشكل صدمة نحو صحوة وطنية عابرة للطوائف تزيل الغشاوة عن اعيننا.

المصدر : بقلم نبيل السعودي