بأقلامهم >بأقلامهم
بالنظام - في الرسالة والاستقالة (٢)
بالنظام - في الرسالة والاستقالة (٢) ‎الجمعة 4 11 2022 11:04 زياد شبيب
بالنظام - في الرسالة والاستقالة (٢)

جنوبيات

منذ الدعوة الأولى التي وجهها رئيسه خلال المهلة الدستورية، #مجلس النواب في حالة انعقاد بحكم الدستور، ولا حاجة إلى دعوة إضافية أو دعوات متكررة، لأن المجلس ومنذ تلك الدعوة يصبح في حال انعقاد دائم غير منقطع، يستمرّ في جلسة واحدة لا يجوز اختتامها تتضمن دورات اقتراع متوالية لا تنتهي إلا بخروج الدخان الأبيض وبفوز أحدهم بالأكثرية المطلقة.

لا يجوز دستورياً اختتام جلسة الانتخاب قبل حصول الانتخاب، ولا يجوز انتظار دعوة جديدة إلى جلسات لاحقة كما يحصل الآن.

هذه التشوّهات وغيرها في العمل المؤسساتي والابتعاد عن المعاني الحقيقية للنصوص الدستورية هي محاولات مستمرّة لتعديل موازين القوى في المؤسسات الدستورية في إطار الحرب الأهلية الطائفية الباردة المستمرة. فالأحزاب السياسية التي تمارس أعمال السلطات الدستورية ما هي إلا قوى طائفية تتنافس على الصدارة والقيادة السياسية للبنان منذ الاستقلال وقد تناوب حتى الآن ثلاث منها. والأخيرة من بينها يعتبر ممثلوها أن لهم الحق بنفوذ أكبر في إدارة الدولة ومواردها، يتناسب مع حجم الانجازات التي حقّقوها والذي ينبغي ألّا يقتصر على رئاسة السلطة التشريعية بل يمتدّ إلى موقع #رئاسة الجمهورية من دون الحاجة لتغيير طائفة شاغله.

على هذا الأساس كان من الضروري ولتحقيق هذه النتيجة أن تُدار عملية الانتخاب بما لا يُسهّل انتهاءها إلى انتخاب ميسّر، وذلك عبر فرض تفسيرات لمسائل الدعوة إلى انتخاب الرئيس، ومفهوم جلسة الانتخاب، ودورات الاقتراع، والنصاب، من شأنها تعقيد العملية الانتخابية، حتى وإن تناقضت تلك التفسيرات مع منطوق الدستور وإن خالفت المنهج الصحيح في تفسير النصوص القانونية.

بالمقابل تتراكم التفسيرات غير السليمة للدستور وتأتي من غير اتجاه. فقد أرسل رئيس الجمهورية في أواخر أيام ولايته رسالة إلى مجلس النواب طلب فيها من المجلس أن يسحب التكليف من رئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، كما وإبلاغ المجلس بتوقيع الرئيس على مرسوم قبول استقالة الحكومة.

قيل الكثير عن المسألة الثانية وجاءت الأقوال متوافقة مع التموضع السياسي للمتكلمين من الموافقين والرافضين. ولخدمة الحقيقة لا بد من القول هنا بأن الاستقالة تُقبل عند حصولها سواء حصلت بمبادرة من رئيس الحكومة أم بفعل الدستور ولا بد من تكريس الاستقالة بمرسوم بقبولها، يتزامن مع تكليفها تصريف الأعمال أو يتضمنه.

إن تحقّق إحدى الحالات التي تؤدي إلى اعتبار الحكومة مستقيلة، يؤدي بذاته إلى نتيجتين متلازمتين هما، صيرورةُ الحكومةِ حكومةً مستقيلة، وتكليفها بتصريف الأعمال بالمعنى الضيّق. أي أن كِلا النتيجتين، الدخول في مرحلة الاستقالة وتولّي مهام تصريف الأعمال، تترتبان حكماً وبقوّة الدستور منذ تحقق إحدى الحالات المؤدية إلى ذلك. أي أن مرسوم الرئيس بقبول الاستقالة ليس مخالفاً للدستور بل جاء متأخراً وليس من باب لزوم ما لا يلزم بل هو واجب الصدور، إلا أن عدم إصداره في وقته لا يُعطّل مفاعيل النص الدستوري الذي بموجبه تترتب النتيجتان المشار إليهما بطريقة متزامنة.

أما بشأن دعوة مجلس النواب إلى سحب التكليف، فالمادة 53 من الدستور نصت على ما حرفيّته: "يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استنادا الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسميا على نتائجها."

أي أن من يكلّف أو يُسمّي رئيس الحكومة المكلف هو رئيس الجمهورية وليس مجلس النواب، والتكليف يحصل بموجب مرسوم، ولكن هذا المرسوم يجب أن تسبقه استشاراتٌ نيابية ملزمة وتشاورٌ مع رئيس المجلس.

مجلس النواب كمؤسسة مجتمعة لا يسمّي الرئيس المكلف، لا بل إن المؤسسة الدستورية التي تتم عملية التكليف في إطارها هي رئاسة الجمهورية وليس مجلس النواب. ودور النواب يكون بالحضور إلى الاستشارات منفردين أم منضوين في كتل نيابية.

المصدر : النهار