بأقلامهم >بأقلامهم
الحبة القاتلة..
الحبة القاتلة.. ‎الأربعاء 7 05 2025 13:34 حسن الدرويش
الحبة القاتلة..

جنوبيات

في عالمٍ تُرفع فيه الشعارات حول العــدالة والنزاهــة ، يقف الفساد متخفياً خلف عباءة القانون ، مثل حبـّة دواء يُفترض أن تشفي ، لكنها تخنـق المريـض ببـطء ...
 قد يبدو الدّواء وسيلة للعلاج، لكنه حيـــن يتحوّل إلى أداة غير مرئية للتدمير، يصبــح شبيهـاً بذلك النظــام الفـاسـد السّــاقط ! الذي يلبس رداء العدالة لكنه يُسممهـا دون أن يشعر أحد ...  
فالعدالة تائهة بين الحقيقة والتمثيل المسرحي، 
فكما يُبــاع الدواء كحلٍّ لمشكلة صحيّة ، تُسوّق العدالة على أنها نظامٌ متماسكٌ يحفظ حقـــوق الناس ، لكنها في كثير من الأحيان مجـرد وهمٍ مؤسّسي يخدم قلــةً على حساب الجميع ...
في المحاكم ، تتسارع الكلمات بين ( كودات )  القوانين ومرافعات المحاميـن ، لكن الحقيقـــة تــذوب تحت الطــاولات ، حيث يتــم أحيانًا شــراء القرارات وبيــع الأحكام ، مثل جرعــات دواء فاسد لا يشفي ، بل يقتل ببطء ... 
فالفساد كجرعة مميتة تُسكّن الضمير إن وجد ، لكنها تدمر المجتمع ...
والفساد لا يُعلن عن نفسه صراحةً ، بل يتغلـغـل كما تتسلل المادة الخطـيرة إلى دم المريض دون أن يدرك خطورتها .. 
 إنه وعدٌ مخادعُ بالاستقرار ، لكنه مجرد حبــّة قاتلة تُسكّن العدالة ، تُخفض صوتهــا ، وتضعف قدرتها على إنصاف المظلومين....
وفي النهاية ، يصبح النظام القضائي مجــرّد واجهةٍ لصفقاتٍ خلفيــةٍ ، حيث يُعاد (تشــريع القوانين ) وفق رغبات الأقوى ، لا وفق حاجات الناس !!  
فمن ذا الذي يتجرأ على كشف زيف الدواء؟  
فكما يحتاج الطب إلى علماءٍ وأطباءٍ شجعان لكشف الأدوية المسمومة ، تحتاج العدالة إلى أصواتٍ تتحدى النظام الفاسد ! وتفضح زيف النزاهة المستعارة ، وتكشف كيف تُستخــدم القوانين لحماية الجناة ! بدلاً من معاقبتهم  وزجهم في السـّـجون ...
 فهل هناك من يجرؤ على نزع القناع ؟ أم أن الجميع يُفضل الاستمرار في تناول الحبـّة القاتلة بصمت ، خوفـاً من مواجهة الحقيقة؟  
ففي عالم تُباع فيه الأدوية على أنها علاج بينما تكون في حقيقتها سببـاً للموت ، حيث تقف العدالة أمام نفس المصير  ،  نظامٌ يدّعي أنه يحمي الحقوق ، لكنه في جوهره مجرد جرعة فسادٍ مغلّفة بالنزاهة !  وبين من يبتلعها دون مساءلة ومن يروّج لها كحلٍّ لا بديل عنه ....
يبقى السؤال معلّقــاً ، إلى متى ستستمر هذه المهزلة دون أن يستيقظ المجتمع من خــداع الجرعة الزائفة ؟  
كتبه حسن الدرويش

المصدر : جنوبيات