بأقلامهم >بأقلامهم
من يدفع الثمن؟
من يدفع الثمن؟ ‎الأحد 24 03 2024 13:12 د.هبة المل أيوب
من يدفع الثمن؟

جنوبيات

 نحن من يدفع الثمن أم المجتمع الذي نعيش فيه، من الذي يساهم في تكوين شخصيتنا ، وهل المجتمع هو الذي يصنع اشخاصاً حثالة واشخاصاً عظماء، من هو الذي يتحمل المسؤولية كاملة امام نفسه لمواجهة قساوة الحياة، ومن الذي يقول الحقيقة كما هي دون زيف او مراوغة، هل المجتمع يظلم الإنسان ام الظلم محتّم من قبل اشخاص بطبيعتهم ايقاع الأذى بالغير، ما الذي يدفعنا للإقبال على الحياة بهمّة عالية وشغف كبير، من يردع عن ارتكاب جريمة او جنحة، هل الضمير نفسه ام الأنا العليا تلك المسؤولة عن أعمال الخير والتحرر من الغرائز ، من ذا الذي يقدر قيمتنا ويعطينا حقنا بتنمية مشاعر الوجود الإنساني.

 أسئلة كثيرة لكن السؤال الأكبر هل الحياة اضحوكة لنضحك على مدى سخافتها وتفاهتها ؟ أم أن الكل يفهم كينونتها وحقيقتها الواضحة للعيان ؟ ام على العكس هم قلة قليلة من يدرك كيفية عيشها . إن الحقيقة المرة أن الإنسان لا يملأ عينه إلا حفنة من تراب ، وينسى بأنه مخلوق من طين فيطغى ويتكبر ويتجبر ويقتل ويسفك دماء ويظلم ويكذب ويراوغ ويسعى ليعلو في الأرض، كل ذلك دون مراعاة بأنه يوماً ما سيترك الحياة وسيلاقي الله خالقه عزّ وجل .  

من المضحك المبكي أيضاً ان الإنسان لا يعرف من هو عدوه، فإبليس لم يركع لآدم عليه السلام لأنه لم ينظر الى الأمر الإلهي وضرورة الخضوع والطاعة، نظر بأنه خير منه لأن الله خلقه من نار وخلق آدم عليه السلام من طين ، وبهذه الرواية اصبح إبليس عدو الإنسان يوسوس له عن يمينه وعن شماله، فالمعركة معه مستمرة دون إستسلام ودون هوادة بل تحدي وحرب ضارية ، ومن لا يستعد ليواجه عدوه فهو حتما خاسر ، فالنتيجة إما أن يصبح مجرد ألعوبة في يد العدو أو انسان ساحق لكل المكائد والألاعيب .

ان الرابح في الحرب الضروس هو ذلك الإنسان صاحب البصيرة النافذة والصائبة، اي من يستقر الإيمان في قلبه ويمتلئ بالمحبة والإطمئنان والسكينة ،فالصبر والشكرهما من يزيدان من الإنسان الإصرار والتحدي ، فالمؤمن مستسلم لله وماض فيه حكمه مهما يكن.  

يمكن القول ان ثمة معركة اخرى هي معركة الإنسان مع نفسه والرابح هنا هو من ينتصر عليها ، فجهاد النفس اعظم من الجهاد في سبيل الله، والحرية هي الهدف المنشود والنصركذلك ، فمن هو هذا الإنسان أهو المحارب الدائم في الحياة؟  

المصدر : جنوبيات