بأقلامهم >بأقلامهم
"انتبهوا أيّها السّادة"! "إنه الفخّ المنتظر"!!!
"انتبهوا أيّها السّادة"!  "إنه الفخّ المنتظر"!!! ‎السبت 31 05 2025 17:11 القاضي م جمال الحلو
"انتبهوا أيّها السّادة"!  "إنه الفخّ المنتظر"!!!

جنوبيات

 

كان الحكّام عبر التّاريخ ينصبون الأفخاخ لمعارضيهم لكي ينقضّوا عليهم على حين غرّة. فالسّياسة ملعونة في دهاليزها، محفوفة بالمخاطر، نتائجها وخيمة، وهي وليمة فاخرة لدسّ السمّ في دسمها. 

وحتّى لا نطيل الشّرح في كنه السّياسة، والكوامن الدّفينة في أهل السّاسة، ولكي لا تختلط المشاعر في الهتافات الحسّاسة، ألفت النّظر إلى أنّ هذا الكلام موجّه إلى الجميع بدون أي استثناء؛ 
موجّه إلى السّلطة التّشريعيّة على اختلاف مشاربهم السّياسيّة. 
موجّه إلى السّلطة التّنفيذيّة وخططها التوجيهيّة. 
موجّه إلى السّلطة القضائيّة، وضمائر القضاة ومسؤوليّاتهم أمام الله والشّعب الذي يحكمون باسمه. 
موجّه إلى كلّ شرائح المجتمع المدنيّ والدينيّ والعسكريّ وكلّ من يعي خطورة الحالة التي نعيشها في بلدنا الحزين لبنان. 
ولست هنا لمخاطبة فئة خاصّة، بل أخاطب العامّة بكلّ أطيافهم وتلاوينهم لأقول:
حذار من إقرار قانون "هيكلة المصارف" كما يُصار إلى تسويقه، والسّبب الوحيد لعدم إقراره يتمثّل (بعدم جواز الادّعاء بحقّ المصارف بعد إقرار القانون أصولًا). 
وهنا، قد يظنّ البعض أنّ المقصود بعدم الادّعاء: 
كي لا نصل إلى مرحلة "التّخريب على الواقعين  الاقتصاديّ والاجتماعيّ" في بلد ينهار بشكل دراماتيكيّ. 
وأسارع لأجيب على هذه النّقطة باختصار وبلغة مبسّطة خالية من التّعقيدات القانونيّة والفقهيّة والاجتهاديّة. والإجابة تكمن في السّؤال الآتي:
ماذا لو أُقرّ القانون مع خاصّيّة عدم الادّعاء، ولم تلتزم المصارف بواجباتها القانونيّة والعقديّة تجاه أصحاب الودائع؟!
انتبهوا أيّها السّادة! 
وقبل أن تجيبوا سأعطي مثلًا يوضح المغزى من طرح السّؤال. 
لو أنّ القانون أُقرّ بأن يقوم المصرف بإعطاء المودع ألف دولار شهريًّا من وديعته (وكنّا قد أقفلنا باب الادّعاء)، ولم يقم المصرف بإعطاء المودع هذا المبلغ، ماذا سيحصل؟!
ومثال آخر يوضح عمق المشكلة، ماذا لو أقفل المصرف حساب العميل أو الزّبون أو المودع (مع تعدّد التّسميات). عندها، ماذا سيفعل من أُقفل حسابه تجاه المصرف وهو ممنوع من الادّعاء؟!
"سؤال" خطير جدًّا ينبغي التّمعّن جيّدًا في أبعاده والنّتائج والآثار القانونيّة والعقديّة التي ستترتّب عليه. 
أيّها السّادة، إذا أقفلنا باب الادّعاء، نكون قد أطلقنا رصاصة الرّحمة في رأس المودع، ولات ساعة مندم. 
فمن بديهيّات العمل التّشريعيّ ترتيب الأعباء والمسؤوليّات، لا بل العقوبات عند الإخلال في تطبيقه. 
أقول قولي هذا راجيًا من الجميع التّمعّن بعمق فيما أقول، ولا سيّما أنّ الماء إن وقع على الأرض لا يمكن التقاطه. 
وإذا ما أُقرّ القانون كما هو، بدون رادع عند الإخلال، فإنّنا حتمًا سنكون أمام كارثة اجتماعيّة لن يكون الموت الآتي من عالم القهر أقلّها!
"اللهمّ إنّي قد بلّغت.. اللهمّ فاشهد". 

 

المصدر : جنوبيات