بأقلامهم >بأقلامهم
المخضرم جويل رايبرن.. مبعوث ترامب إلى الشّرق؟



جنوبيات
من هو المُرشّح لمنصب مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشّرق الأدنى جويل رايبرن؟ وماذا يعني تعيينه؟
لم تتوقّف وسائل الإعلام اللبنانيّة منذ تسريبِ خبر استقالة نائبة المبعوث الأميركيّ مورغان أورتاغوس عن ذِكرِ اسمِ جويل رايبرن كخليفة مُحتملٍ لتولّي الملفّ اللبنانيّ، حتّى باتَ اسمُ رايبرن من أكثر الأسماء بحثاً على محرّكات البحث في لبنان مطلع الأسبوع.
من يسأل أو يبحث عنه يجدُهُ في غرفة الانتظار. لا يعرفُ إذا ما كانَ الرّئيس دونالد ترامب يُريدُ العودَة إلى تفعيل مؤسّسات الإدارة الرّسميّة لتنفيذ السّياسات. وذلكَ بعدَ أن اعتمَدَ البيتُ الأبيض على الأثرياء من أصدقاء الرّئيس في المهمّات الاستراتيجيّة.
مُرشّح منذ شباط
الحقيقة أنّ رايبرن هو مُرشّح الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب لتولّي منصب مساعد وزير الخارجيّة لشؤون الشّرق الأدنى منذ شهر شباط الماضي. ومسألة تعيينه تنتظر مُصادقة مجلس الشّيوخ ليُباشِرَ رايبرن عمله خلفاً للسّفيرة باربرا ليف، التي تولّت المنصب في ولاية الرّئيس السّابق جو بايدن. هذا يعني أنّ تعيينَ رايبرن في هذا المنصب تحصيلُ حاصِلٍ، سواء\ق أورتاغوس في منصبها أم لا.
ليسَ رايبرن غريباً عن “الملفّ اللبنانيّ”، الذي سيكون من مهامّه في وزارة الخارجيّة ضمنَ دُوَلِ الشّرق الأدنى: قبرص ومصر والعراق وإسرائيل والأردن ولبنان وفلسطين وسوريا وتركيا. تولّى في إدارة ترامب الأولى منصبَ نائب مُساعد وزير الخارجيّة لشؤون بلاد الشّام (لبنان وسوريا والأردن). وكانَ المبعوث الخاصّ إلى سوريا، وكانَ له دورٌ أساسيّ في تنفيذ عقوبات “قيصر” التي فُرِضَت على نظام بشّار الأسد بسبب جرائمه بحقّ الشّعب السّوريّ.
لم تتوقّف وسائل الإعلام اللبنانيّة منذ تسريبِ خبر استقالة نائبة المبعوث الأميركيّ مورغان أورتاغوس عن ذِكرِ اسمِ جويل رايبرن كخليفة مُحتملٍ لتولّي الملفّ اللبنانيّ
هادئٌ قليل الكلام. ذو عقلٍ استراتيجيّ فتحَ له أبواب الاستشارات السّياسيّة والأمنيّة والعسكريّة وإدارة بعض ملفّات الشّرق الأوسط داخل أروقة القرار الأميركيّ.ّ دائماً ما كانَ الأثر الذي يتركُه جويل رايبرن في أيّ ملفٍّ يتولّاه خيْرَ دليل على أنّ الرّجلَ يعرف حقّاً ماذا يُريدُ وماذا يفعل.
المنطقة والتّجارب
يعرفُ رايبرن المنطقة معرفةً عميقةً انطلاقاً من 4 تجارب:
عمله ضابطاً خدَمَ وقاتل في صفوف الجيش الأميركيّ لـ26 عاماً، منها سنواتٌ قضاها في العراق وأفغانستان.
عمله دبلوماسيّاً في وزارة الخارجيّة بصفة نائبٍ لمساعدِ الوزير لشؤون بلاد الشّام ومبعوثٍ خاصٍّ إلى سوريا (بمنزلة رئيس البعثة).
عمله باحثاً في شؤون المنطقة والأمن القوميّ في عددٍ من المعاهدِ ومراكزِ الدّراسات السّياسيّة والأمنيّة مثل معهد “هادسون”، الذي يُعتبرُ مؤسّسةً مُحافظة، ومؤسّسة “هوفر” وغيرهما.
عمله مؤرّخاً ساهمَ في كتابةِ تاريخ حربِ العراق والدّروس المُستفادة منها.
وُلِدَ جويل رايبرن يومَ السّادسِ من أيلول من عام 1969 في ولاية أوكلاهوما. التحَقَ بصفوف الجيش الأميركيّ سنة 1992، بعد تخرّجِهِ من الأكاديميّة العسكريّة “ويست بوينت”، التي تُعتبر أقدَمَ الكُلّيّات العسكريّة الـ5 في الولايات المُتّحدة. خدَمَ جويل رايبرن في ألمانيا والبوسنة والهرسَك لـ4 سنوات، قبل أن ينتقِلَ إلى الاستخبارات العسكريّة في 1996.
أثناء عملهِ ضابطاً في صفوف الجيش، تابع رايبرن دراستَهُ الأكاديميّة ونالَ شهادة الماجستير في التّاريخ من جامعة “تكساس آيه آند إم” في 2002. ولاحقاً نالَ شهادة الماجستير في الدّراسات الاستراتيجيّة من الكلّيّة الحربيّة الوطنيّة في 2013.
وُلِدَ جويل رايبرن يومَ السّادسِ من أيلول من عام 1969 في ولاية أوكلاهوما. التحَقَ بصفوف الجيش الأميركيّ سنة 1992، بعد تخرّجِهِ من الأكاديميّة العسكريّة.
العراق وأفغانستان
بينَ الشّهادتَيْن الأكاديميّتَيْن، كانَ رايبرن يُشاركُ في غِمار القتال في العِراق وأفغانستان، ومن ضمنه ما يُعرف بأشهُر الذّروة القتاليّة في العراق في عامَيْ 2007 و2008. لم يكُن يوماً من المُتحمّسين لقرار إدارة الرّئيس باراك أوباما سحبَ القوّات الأميركيّة من العِراق، وكانَ يُعتبرُ من أبرز المُنتقدِين لرئيس الوزراء العراقيّ الأسبق نوري المالكيّ. ذكَرَ ذلكَ في مقالةٍ له حملت عنوان “العِراق بعد أميركا”، نشرتها مؤسّسة "هوفر"، من مُنطلقِ أنّ الانسحابَ من العراق من شأنه أن يؤدّي إلى فراغٍ أمنيّ وعودةٍ مُحتملةٍ للقتال الطّائفيّ والحربِ الأهليّة. اعتبر رايبرن أنّ نوري المالكي وحلفاءهُ في تيّار حزب الدّعوة العراقيّ باتوا نظاماً استبداديّاً جديداً يعمل على تنفير العراقيّين أوّلهم السّنّة، وليسوا آخرهم.
أصدرَ عام 2014 كتاباً حملَ عنوان “العراق بعد أميركا: الأقوياء والطائفيون والمقاومة”، يتناول الصّراع في بلاد الرّافدَيْن من منظورٍ عراقيّ. تولّى بين 2013 و2017 الإدارة والإشراف على مشروعٍ للجيش الأميركيّ لتأريخ حرب العراق حملَ اسم “الجيش الأميركيّ في حربِ العراق” نُشِرَ في 2019.
دخلَ رايبرن الملفّات السّياسيّة للمنطقة من مجلس الأمن القوميّ، حيثُ عَمِلَ في 2017 و2018 في منصب المدير الأوّل لشؤون إيران والعراق ولبنان وسوريا. أتاحَ له هذا المنصب أن يكونَ كبير موظّفي البيت الأبيض في معالجة ملفّات ذات أهمّيّة عالية مثل الغارات الأميركيّة على نظام بشّار الأسد في 2017 و2018 لردعِ نظام البعثِ السّابق من إعادة استعمال الأسلحة الكيمياويّة ضدّ الشّعب السّوريّ. أشرفَ على تطوير استراتيجية الرّئيس ترامب في ولايته الأولى بشأن التّعامل مع إيران التي أعلنَها الرّئيس الأميركيّ في شهر تشرين الأوّل 2017.
دخلَ رايبرن الملفّات السّياسيّة للمنطقة من مجلس الأمن القوميّ، حيثُ عَمِلَ في 2017 و2018 في منصب المدير الأوّل لشؤون إيران والعراق ولبنان وسوريا
كانَ رايبرن من أشدّ المنُتقدين لبشّار الأسد وإيران و"الحزبِ" في لبنان. وهذا كانَ جليّاً في مواقفه العلنيّة، وأيضاً أثناء عملهِ نائباً لمُساعد وزير الخارجيّة لشؤون بلاد الشّام ومبعوثاً خاصّاً إلى سوريا من عام 2018 إلى 2021. كانَ طوال السّنوات الـ4 مسؤولاً عن تنفيذ الاستراتيجية الدّبلوماسيّة لبلاده بشأن سوريا.
إيران و"الحزب": ليدفعوا الثّمن
دائماً ما كانَ رايبرن يُعارض أيّ خطوةٍ من شأنها تخفيف العقوبات على نظام بشّار الأسد، ولو انسحَبَ ذلكَ على الملفّ اللبنانيّ. كانَ كلامهُ يحملُ مُعارضةً لطلبِ لبنان الإعفاء من عقوبات “قيصر” لاستجرار الكهرباء من سوريا في صيف 2020. حتّى إنّه قال ذات مرّة: “اللجوء إلى النّظام السّوريّ ليسَ الإجابة على الصّعوبات التي تواجه قطاع الكهرباء في لبنان”.
كانَ رايبرن مُعارضاً شرساً للوجود الإيرانيّ في سوريا ومؤيّداً لأيّ خطوةٍ تجعل إيران و"الحزب" والميليشيات التّابعة لفيلق القدس تدفع الثّمن بشتّى الأساليب السّياسيّة والاقتصاديّة المُتاحة، من دون أن يُعارِضَ ما سمّاه “حقّ إسرائيل بالدّفاع عن نفسها بشكلٍ واضحٍ لا لُبسَ فيه”، وذلكَ بحسب ما قال لـ”أساس” في مقابلةٍ معه نُشِرَت مطلع 2021.
على الرّغم من خبرته الواسعة في قضايا المنطقة، وخصوصاً سوريا والعراق ولبنان، يتعيّن على المُراقبين أن يستشرفوا مدى النّفوذ الذي سيسمح به الرّئيس ترامب لوزارة الخارجيّة في رسمِ وتنفيذ السّياسات في المنطقة. هذا كانَ في إدارة ترامب الأولى. لكنّ الأسلوب الجديد في إدارة ترامب الثّانية يشير إلى أنّ أيّ ملفٍّ يهتمّ به الرّئيس يُدارُ بشكلٍ شبهِ كاملٍ من البيت الأبيض تحت إشراف المبعوث الخاصّ ستيفن ويتكوف.
المُهمّ أنّه في حال سنحَت الفرصة أمام الخارجيّة للتأثير وتنفيذ السّياسات، فستكونُ بأيدٍ خبيرةٍ مع جويل رايبرن.