بأقلامهم >بأقلامهم
قانون السير..روحيّة مقيّدة وتطبيق متعثّر
قانون السير..روحيّة مقيّدة وتطبيق متعثّر ‎الاثنين 20 06 2022 21:36 وفاء ناصر
قانون السير..روحيّة مقيّدة وتطبيق متعثّر

جنوبيات

في قاعة البرلمان تنتهي وظيفة مجلس النواب بسن قوانين "زمطت" من متاهة "الأخذ والرد" وخضعت لدراسات معمقة بعد الوقوف على أهميتها والأثر المرتجى منها، وأخرى يتم تعديلها وفقا لمتطلبات البعد الزماني، على أن يترك تطبيقها للضابطة العدلية والإدارية لتقويم سلوكيات المخالف ضمن آلية عمل تجمع بين الشرطة المجتمعية والنتيجة المروجة.

ومن هذه القوانين قانون السير اللبناني الذي وضع لتجنب وقوع الحوادث و/أو التقليل من نسبتها، الحفاظ على أرواح الناس وسلامتهم الجسدية، تقليل الخسائر المادية، تسهيل حركة تنقل الناس، التخفيف من حدّة الأزمة المرورية لا سيما في ساعات الذروة المفترضة...

لكن تطبيقه، وإن كان يفترض أن يتم على مدار الساعة وفي كل الأيام، يخضع لتوقيت الضابطة العدلية وقراءاتها الميدانية.

على أهبة الاستعداد وبأنفاس تخنقها الضائقة الاقتصادية، بدأ العمل على تطبيق قانون السير، وشهدت العاصمة زحمة سيارات نتيجة الحواجز التي أقيمت لهذه الغاية.

وبما أن لا شيء يمر مرور الكرام في بلد تعصف به الأزمات جاء توقيت تطبيق قرار وزير الداخلية المولوي في غير محله.

من جهة أولى، كان ولا زال اللبناني يطالب ببنى تحتية مناسبة تبدأ بطرقات آمنة صالحة للسير عليها خالية من الحفر ومطباتها مدروسة الارتفاع تتمتع بهندسة مميزة لا تؤذي هيكل الآلية، أنفاق مضاءة ليلا نهارا وطرقات رئيسية وفرعية منيرة،..

ومن جهة ثانية، تلاقى البعد الزماني مع حالات إضراب وإقفال يشهدها البلد، لا سيما النافعة والقضاة ومحتسبي صناديق المال... بحيث بات من البديهي طرح أسئلة جوهرية تتعلق بكيفية تسجيل الآليات في ظل إقفال النافعة، والمكان الذي يتوجب على المخالف التوجه إليه لدفع الضبط المسطر بحقه ولدى من؟ وفي حال تم حجز آلية ما كيف يتم "فكّه" ما دام قاضي السير خارج الخدمة؟

ومن جهة ثالثة، أنّى لعنصر لا يتعدى راتبه ال ١٠٠$ أن يندفع لتسطير مخالفة بحق مواطن يتشارك معه مرّ العيش؟ وكيف تخوّل له نفسه تكبيد غيره عبئا إضافيا في ظل تغاضي الدولة عن الالتزام بواجباتها تجاههما.

في المحصلة، يجمع المواطنون على تطبيق النظام وضرورة الخضوع للقوانين حتى لو لم تنصفهم. لكن قبل تطبيق القوانين لا بد أن نستفسر عن أسباب تراخيها في السابق والغاية المستجدة منها إضافة الى توافر المقومات لتطبيقها.

وهل يعلم المعنيون أن عددا لا بأس به من محاضر ضبط السرعة يرتكبها موظفون يقاتلون باللحم الحي للوصول إلى أماكن عملهم البعيدة عن سكنهم ومؤسساتهم تحاسبهم على كل دقيقة تأخير؟
هل لاحظوا أن مواقف المدينة لا تتسع لكل السيارات والموظف لا قدرة له على تحمل تكلفة عدادها؟

قبل التباهي بتطبيق القوانين احرصوا على ملاءمتها للمواطنين ولا تكيلوا بمكيال الناظر بعين جامدة تنسف روح القانون وفلسفته.

المصدر : جنوبيات