بأقلامهم >بأقلامهم
الوفد الوزاري العربي الإسلامي يرد على منع الاحتلال زيارته رام الله.. عقد اجتماع في عمّان تواصلاً مع الرئيس عباس وإصرار على عقد المؤتمر في نيويورك



جنوبيات
تعمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ سياسة القتل، التي لا تقتصر على البشر وتدمير الحجر، بل وتشمل المساعي السياسية والدبلوماسية.
فقد منعت سلطات الاحتلال وصول وفد اللجنة الوزارية العربية والإسلامية، المُكلفة بالتحضير لعقد “مُؤتمر حل الدولتين” بمقر الأمم المُتحدة في نيويورك، بين 17-20 الجاري، برعاية سعودية - فرنسية، من الوصول إلى رام الله وعبور أجواء الضفة الغربية المُحتلة، للقاء رئيس دولة فلسطين محمود عباس والمسؤولين الفلسطينيين، أمس (الأحد).
يرأس الوفد رئيس اللجنة: وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، حيث كانت تُعتبر زيارته - التي أُعلن عن تأجيلها - الأولى لمسؤول سعودي رفيع المُستوى، مُنذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والاطباق على كامل القدس في العام 1967.
ويضم الوفد في عضويته: نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المُغتربين الأردني الدكتور أيمن الصفدي، وزير خارجية مملكة البحرين عبد اللطيف بن راشد الزياني، ووزير خارجية جمهورية مصر العربية الدكتور بدر عبد العاطي وأمين عام الجامعة العربية الدكتور أحمد أبو الغيط.
وجاء الرد من اللجنة سريعاً، تأكيداً على مُواصلة الجهود تحضيراً لعقد “المُؤتمر الدولي رفيع المُستوى المعني بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين” في نيويورك، تتويجاً لمُبادرة يقودها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، تدعو إلى الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 4 حزيران/يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، بعد القمة العربية الإسلامية الاستثنائية الثانية، التي عُقدت في الرياض بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وأكدت على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وتضم اللجنة في عضويتها وزراء خارجية كل من: السعودية، مصر، الأردن، قطر، البحرين، تركيا، إندونيسيا وفلسطين، والأمينين العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
فقد اجتمعت اللجنة الوزارية أمس (الأحد) بمقر وزارة الخارجية الأردنية في عمّان، بمُشاركة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني الدكتور أيمن الصفدي، وأعضاء من اللجنة.
وعقدت اللجنة لقاءً مع الرئيس عباس، عبر الدائرة التلفزيونية المُغلقة، شارك فيه عن الجانب الفلسطيني: نائب رئيس دولة فلسطين حسين الشيخ، ورئيس الوزراء وزير الخارجية الدكتور محمد مصطفى.
وألقى الرئيس عباس كلمة أكد فيها “اللقاء بالرغم من رفض حكومة الاحتلال قدومهم إلينا، وبالرغم من رفض كل جهد عربي ودولي يقود إلى إنهاء هذه الحرب التي يُعاني منها شعبنا الفلسطيني، ومنع أشقائنا العرب من الانضمام إلينا واستقبالهم على أرض دولة فلسطين”.
وقال: “نُقدر جهود دولكم، ونُرسل التحية والتقدير لأشقائنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والملك عبدالله الثاني، وولي العهد، وملك البحرين حمد بن عيسى وولي عهده، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط”.
وأضاف: “قمنا في دولة فلسطين بإجراء إصلاحات حكومية ودستورية واسعة، مُؤكدين على أن "سياستنا قائمة على نبذ الإرهاب والعنف، ورفض استهداف المدنيين، بغض النظر عن جنسيتهم أو انتمائهم”.
وشدد الرئيس عباس على “أننا مع وقف إطلاق النار فوراً، وقد أعلنا ذلك مُنذ اليوم الأول من العدوان، لأننا نُريد وقف مُعاناة شعبِنا، لذلك نقول دوماً: لا بد من تسليم الرهائن لوقف هدر الدم الفلسطيني، والإفراج عن الأسرى، لتجنيب شعبِنا المزيد من ويلات القتل والتدمير والإبادة الجماعية، التي تقوم بها قوات الاحتلال، إذ استُشهد أمس حوالى 50 مُواطناً، وجُرح أكثر من 150 آخرين، لأنهم كانوا يُطالبون بالغذاء والدواء، لذلك نقول للجميع: إنه يجب وقف إطلاق النار بأي ثمن، وتوفير إدخال المُساعدات الإغاثية والإنسانية لأبناء شعبنا الفلسطيني، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها المدنية والأمنية في قطاع غزة، ونحن مُستعدون لأن نستلم مسؤولياتنا مُباشرة، بالتعاون مع الأشقاء العرب والأطراف الدولية ذات العلاقة، لأنه يهمنا أن يعم السلام والأمن في قطاع غزة، وهو شيء مُهم جداً ونتمنى النجاح الكامل لجهودكم”.
وعقد أعضاء اللجنة، بعد الاجتماع، مُؤتمراً صحفياً مُشتركاً، اعتبروا فيه “رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخول اللجنة إلى رام الله، دليلاً على تطرف "إسرائيل"، وعدم اكتراثها بالقانون الدولي”.
من جهته، قال الوزير الأردني الدكتور أيمن الصفدي: “إن قرار الاحتلال بمنع دخول وفد اللجنة الوزارية المُكلّفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المُشتركة بشأن غزة إلى الضفة الغربية، يُؤكد غطرسة الحكومة الإسرائيلية، وعنجهيتها، وتطرفها”، مُشيراً إلى أن “المُمارسات الإسرائيلية تُشكل تقويضاً للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وإجراءاتها الأحادية تهدف إلى جعل حل الدولتين مُستحيلاً”.
بدوره، أوضح الوزير السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، أن “رفض "إسرائيل" زيارة الوفد الوزاري العربي إلى رام الله دليل على تطرفها ورفضها أي مُحاولات جديدة لمسلك السلام”.
فيما، أدان الوزير المصري عبد العاطي “السلوك الإسرائيلي برفض دخول اللجنة الوزارية العربية إلى رام الله”، مُشيراً إلى أن ذلك “دليل على عدم وجود شريك للسلام”، مُؤكداً “تصدي القاهرة وعمّان لمُخططات تهجير الفلسطينيين”.
وكان الوفد قد اجتمع مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين، الذي أكد على “أهمية دور اللجنة في حشد موقف دولي فاعل لوقف الحرب على غزة”، داعياً “المُجتمع الدولي إلى التحرك لوقف حرب غزة”، مشيراً إلى “أن حجم المجازر الإسرائيلية تجاوز كل ما يُمكن أن يقبل به أي إنسان”.
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد منعت الوزراء العرب من الوصول إلى رام الله، ما أكد استمرار خرقها لكل المواثيق والقرارات والقوانين الدولية، والتزاماتها بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، التي تتعمد تنفيذ سياستها اللاشرعية، لتكريس الاحتلال والقضاء على فُرص تحقيق السلام العادل والشامل، الذي لا يمكن أن يتحقق من دون حلٍ عادل للقضية الفلسطينية، يُحقق الأمن والاستقرار للشعب الفلسطيني، ونيل أهدافه بإقامة الدولة المُستقلة، وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين.
وقد تزامن قرار المنع الإسرائيلي مع استمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، التي اختتمت الأسبوع الأول بعد 600 يوم من ارتكاب المجازر، بالقتل العمد والقصف، وصولاً إلى التجويع والتدمير المُمنهج.
كذلك، مع إعلان السلطات الإسرائيلية عن تنفيذ مشاريع لواحدة من أكبر خطط توسيع الاستيطان، بإنشاء 22 مُستوطنة جديدة في الضفة الغربية، بخرقٍ فاضح لكل القرارات، بما فيها الصادرة عن الأمم المُتحدة.
ويعمل المسؤولون الإسرائيليون على القضاء على أي فرص للسلام، وقطع الطريق على اعتراف دولٍ جديدة بالدولة الفلسطينية، ومنها نية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتراف دولته بالدولة الفلسطينية، التي يُهدد المسؤولون في الكيان الإسرائيلي بالرد عليها ببناء المزيد من المُستوطنات.
وقد أشار وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى “العمل على بناء دولة إسرائيلية يهودية في الضفة الغربية، عبر إقامة مُستوطنات جديدة، وهي رسالة واضحة للرئيس ماكرون وأصدقائه، هم سيعترفون بالدولة الفلسطينية على ورق، ونحن سنبني الدولة اليهودية الإسرائيلية هنا على الأرض”.
وصدرت سلسلة من مواقف الإدانة، الفلسطينية والعربية والدولية، لقرار المنع الإسرائيلي.
فقد وصف نائب رئيس دولة فلسطين واللجنة التنفيذية ل"مُنظمة التحرير الفلسطينية" حسين الشيخ القرار الإسرائيلي بأنه “تصعيدٌ خطير، يُعبر عن سلوك مُتعجرف، واستفزازي غير مسبوق”، مُشيراً إلى أننا “ندرس مع الأشقاء العرب كيفية الرد على هذا القرار”.