بأقلامهم >بأقلامهم
"ركّاب الباص"!



جنوبيات
هذه القصّة أخبرنيها أحد الأصدقاء المقرّبين المشهود لهم "بالحكمة وحسن التصرّف".
قبضَ الموظّف الشّريف راتبه من الصرّاف الآليّ، ثمّ ركب الباص المزدحم ليصل إلى بيته ويفرح أطفاله بما قد يجلبه لهم.
وكان هناك لصّ يراقبه، صعد إلى الباص ووقف خلفه وسرق له الرّاتب.
وعندما طلب الجابي ثمن التّذكرة، لم يجد الموظّف في جيبه شيئًا، فاحمرّ وجهه خجلًا، وعجز لسانه عن الكلام، فقال له الجابي مُستهزئًا:
"عيب عليك.. عامل حالك محترم كلّ يوم منشوف من هالنّمرة كتير"...
فما كان من اللصّ الذي ضربته النّخوة، إلّا أن قال للجابي:
"عفوًا منك أجرة الأستاذ عليّي".
فابتسمَ الموظّف الشّريف وقال للّص:
"الله يبارك فيك ويكتّر من أمثالك ويجبر بخاطرك يا شهم، بالحقيقة ما بعرف كيف بدّي أتشكّرك".
وأخذ الركّاب أيضًا يمدحون اللصّ ويثنون عليه وعلى أخلاقه العالية ويدعون له ولأمثاله بأن يبارك الله فيهم ويزيد في أعدادهم.
ومنذُ ذلك الحين وتعدادهم بازدياد إلى أن تسلّمَ عدد منهم مناصب في الدّولة، ومنهم من ترأّس جمعيّات خيريّة، ومنهم مدراء مؤسّسات، ومنهم مَن أصبح وزيرًا... ونحن "ركّاب الباص" ما زلنا نبحث عن الرّاتب...