بأقلامهم >بأقلامهم
سجال صامت بين الرئيسين عون وسلام
سجال صامت بين الرئيسين عون وسلام ‎الأربعاء 28 05 2025 08:30 محمد المدني
سجال صامت بين الرئيسين عون وسلام

جنوبيات

في تطور لافت على المشهد اللبناني، دخل رئيس الحكومة نواف سلام معركة سياسية جديدة ضد حزب الله من بوابة سلاحه، حيث رفع سلام سقف خطابه في أكثر من مناسبة وتحدث بلغة عالية السقف عن الثورة الإيرانية وازدواجية السلاح في لبنان، ليظهر كرأس حربة في معركة احتكار الدولة للسلاح.

هذا التصعيد لم يمر مرور الكرام، إذ أثار جدلاً واسعًا في الداخل اللبناني، واستياءً واضحًا في أوساط الثنائي الشيعي، وتحديدًا داخل حزب الله، الذي عبّر صراحة عن انزعاجه من تصريحات سلام، وهو ما تجلى يوم أمس في مقدمة نشرة أخبار قناة "المنار" التي شنّت هجومًا حادًا على رئيس الحكومة.

يبدو أن سلام يرى في تصعيده هذا فرصة استراتيجية للتمايز والتفوق على رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي يتعاطى مع هذا الملف بحذر شديد وليونة مطلقة. فسلام يدرك أن موضوع السلاح من أبرز الملفات التي تدغدغ مشاعر غالبية الشعب اللبناني، وإثارته بهذه الطريقة تمنحه شرعية شعبية جديدة ودعمًا سياسيًا لم يكن يمتلكه في السابق، خاصةً أنه كان يُحسب فقط على "قوى التغيير" منذ دخوله معترك السياسة.

لذلك، يتيح هذا الخطاب المرتفع السقف لنواف سلام فرض نفسه رقمًا صعبًا على الساحة السياسية، ويوسّع قاعدته الشعبية في مقابل رئيس الجمهورية، الذي يخشى أن يؤدي أي نقاش أو حوار جدي حول سلاح حزب الله إلى أزمة داخلية قد تُطيح بالعهد الرئاسي الجديد، بعكس سلام الذي يريد توظيف هذا الملف الحساس لتعزيز موقعه الداخلي، وإعادة رسم صورته كخيار بديل أو منافس حقيقي في مرحلة سياسية دقيقة يمر بها لبنان.

وإلى جانب تصعيده ضد سلاح حزب الله، يسعى رئيس الحكومة إلى ترسيخ نفسه بديلاً حقيقيًا لرئيس الجمهورية من خلال خطاب حاد ومختلف، ويظن سلام أن نبرته المرتفعة ستجبر الدول العربية والدول الكبرى المهتمة بالملف اللبناني على التعامل معه مباشرة، تمامًا كما تتعامل هذه العواصم مع رئيس الجمهورية الذي ما زال يتصدر المشهد اللبناني في الداخل والخارج.

لكن في المقابل، لا يجوز أن يكون هناك تناقض في الخطاب السياسي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، خصوصًا في ملف حساس كسلاح حزب الله. فصحيح أن التناغم بين الرئيسين مفقود منذ تشكيل الحكومة وقد ظهر هذا التباين في جملة من الملفات والقضايا، إلا أن موضوع السلاح يجب أن يُخاض برؤية موحدة وخطاب واحد، بعيدًا عن الحسابات الشعبوية أو محاولات استغلاله في المحافل الدولية.

صحيح أن وقوف نواف سلام في موقع خصومة مباشرة مع حزب الله يمنحه دعمًا عربيًا ودوليًا إضافيًا ويجعله رقمًا صعبًا على الساحة اللبنانية، لكنه في المقابل يحمل معه خطر اندلاع أزمة داخلية قد تبدأ في السياسة ولا أحد يعلم أين يمكن أن تنتهي.

المصدر : ليبانون ديبايت